سادت أجواء فرائحية ورقص متظاهرون أو تمايلوا على إيقاعات أغاني ثورية وطنية حديثة أو تراثية في وسط شارع مغلق بمدينة عدن عصر اليوم الجمعة ورفعوا أعلام دولة الجنوب السابقة مطالبين باستعادتها. وبالرغم من أن هذا اليوم يصادف ذكرى إعلان الحرب في العاصمة اليمنية صنعاء على الجنوب شريك الوحدة الطوعية التي أقيمت في الثاني والعشرين من مايو من العام 1990 لكن سكان الجنوب عبر إحياء هذه الذكرى يجددون بأجواء ابتهاجية عزمهم استرداد دولتهم.
وانتصب مسرح مصنوع من مواد بدائية بسيطة وسط الشارع الرئيس بالمعلا واعتلى المسرح مغنون ومؤدون وشعراء وألقيت بيانات تنديدية بهذه المناسبة, وجددت البيانات المطالبة بدولة مستقلة في الجنوب, كما ألقيت كلمات لأسر الشهداء.
وكانت عدن عاصمة دولة الجنوب السابقة, واجتاحتها قوات الشمال عقب حرب دامت نحو شهرين في السابع من يوليو/تموز من العام 1994.
ووقف فتية وفتيات صغار يربطون أعلام الجنوب على جباههم أو كوشاح على رقابهم ورددوا مع مغنين فوق المنصة أغاني وأناشيد ثورية.
وحضرت نساء في المهرجان, واعتلت سيدة وهي "نهلة طرموم" منصة الخطابة وألقت كلمة بالنيابة.
وكان المهرجان قد افتتح عقب صلاة العصر وعززت مسيرات راجلة الحشد الجماهيري من مديريات مجاورة بينها مديريتي التواهي وكريتر (صيرة).
ولم تقف درجة حرارة الشمس أمام احتشاد الجماهير وطافت مسيرة حاشدة شارعي المعلا الرئيسي والخلفي وردد المتظاهرون "بغينا أرضنا ما بغينا شي باطل".
ورفع متظاهرون لافتات قماشية تدعو إلى "دحر الاستعمار" في إشارة إلى القوات الشمالية التي دخلت الجنوب العام 1994, وأخرى تدعو "المجتمع الدولي" للوقوف إلى صف "شعب الجنوب".
وانتشرت صور شهداء الحركة الاحتجاجية الشعبية في الجنوب داخل المهرجان, كما انتشرت متعلقات حقيقية أو صورية لدولة الجنوب السابقة بينها عملات ورقية وشعار الدولة.
وتسبب اقتحام القيادي في المجلس الأعلى للحراك السلمي "صالح يحيى سعيد" منصة الخطاب إرباكاً مؤقتاً في الحفل بعد رفض الشباب اعتلاء أي من القيادات المنصة وردد الكثيرون "لاقيادة بعد اليوم" لكنه أصر على إلقاء كلمة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعتلى فيها "سعيد" منصة احتفال شعبي رغم رفض الحشود, ويتحدث "سعيد" بوصفه "القائم بأعمال رئيس المجلس الأعلى" لكنه رفض في السابق قرارات اتخذها رئيس المجلس "حسن باعوم" الذي يتلقى العلاج في الخارج, ويشكك كثيرون بحقه في هذا المنصب الذي حصل عليه في اجتماع مصغر لتيار داخل المجلس العام الماضي, ويتنازع هذا المنصب مع النائب الأول "صلاح الشنفرة" الذي اختاره تيار آخر قائماً بأعمال رئيس المجلس.
وكانت هذه الخلافات قد دفعت بالجماهير إلى رفع شعار "لاقيادة بعد اليوم" منذ أواخر العام الماضي, لكن الخلافات لم تتوقف.
ويرفض قطاع واسع من الشباب فرض وصاية من المجلس الأعلى أو مكونات أخرى على الشباب وعلى الحركة الشعبية في الجنوب.
وجدد البيان الصادر عن المهرجان – ينشر عدن الغد نصه في وقت لاحق – رفضه الوصاية على المكونات الشبابية, كما جدد تمسكه بمطلب "الدولة المستقلة".
وكان الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" قد ألقى خطاباً في مثل هذا اليوم من العام 1994 بميدان السبعين بالعاصمة اليمنية صنعاء أشار فيه إلى الحروب السبئية القديمة التي شنها الملك السبئي "كرب إيل وتر" على أراض وممالك قامت في الرقعة الجغرافية التي قامت عليها دولة الجنوب في العصر الحديث.
واعتبر الجنوبيون هذا الخطاب بأنه "إعلان حرب" وانتهت الحرب التي اندلعت بعد الخطاب بأيام قليلة باجتياح مدينة عدن وخروج قيادات الجنوب إلى الخارج.