لست أدعي أنني أحد جهابذة السياسة أو أحد المخضرمين و لكنني هكذا قرأت رسالة الأخوة في قيادة المجلس الأعلى للثورة السلمية لتحرير و استقلال الجنوب الموجهة إلى رئاسة اللجنة التحضيرية و أعضائها و اللذين يبررون فيها عدم مشاركتهم في المؤتمر الجنوبي الجامع المزمع انعقاده قريبا و قد جاء فيها : بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة\ رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع ....................... المحترم بعد التحية... , نشكركم على دعوتكم لنا للمشاركة في النقاش على طريق الإعداد والتحضير لمؤتمر جنوبي جامع . وفي هذا السياق سوف نعبر لكم عن موقف المجلس الأعلى للثورة السلمية لتحرير واستقلال الجنوب من هذه الدعوة في الآتي :
الفقرة الأولى من الرسالة: ((1- إن ما حدث من عقد مؤتمرات جنوبية جامعة تدّعي تمثيل الجنوب متجاوزة لأسس وقواعد وشروط عقد المؤتمرات الجامعة كما حدث مع المؤتمر الجنوبي الأول الذي عقد في القاهرة وأنتج قيادة جنوبية مؤقتة برئاسة الرئيس علي ناصر محمد ومؤتمر شعب الجنوب الذي عقد في عدن وأنتج قيادة جنوبية برئاسة الوزير محمد علي احمد وأخيرا اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع برئاسة الشيخ صالح بن فريد العولقي التي لم تنهي أعمالها بعد . إنما يندرج ضمن الأجندات السياسية التي تسعى إلى تقديم وحدة القيادة على وحدة الهدف والتعامل مع شخصيات تكنوقراطية ومستقلة واجتماعية بديلا عن المكونات الثورية- السياسية التي حملت عل عاتقها الثقل الأكبر من النضال الثوري- السلمي, وبالتالي فان المجلس الأعلى للثورة السلمية يرى إن تلك المؤتمرات لا تحضا بالتأييد الشعبي المطلوب لتمثيل الثورة الجنوبية لأنها لا تسلك المسار السليم نحو التحرير والاستقلال واستعادة الدولة ولا تلتزم بقواعد وأسس تشكيل اللجان التحضيرية ,التي تم تشكيلها بطرق انتقائية فاقدة للشرعية الثورية, والتي عادتا ما تصل إلى التشظي أو التحول إلى مكونات سياسية جنوبية في أحسن الأحوال .
وعلى هذا الأساس فالمجلس الأعلى للثورة السلمية رفض تلك المؤتمرات في حينه فهو لم يشارك فيها أو يقر بها ولنفس السبب فهو كلك لن يقر أو يشارك في ما يسمى بالمؤتمر الجنوبي الجامع حتى تتهيأ الأرضية المناسبة وتتوفر الظروف الملائمة لعقد مؤتمر وطني جنوبي حقيقي يرتبط نجاحه بمدى القدرة على بناء حامل سياسي قوي للثورة الجنوبية )) .
ففي هذه الفقرة أشار الأخوة في قيادة المجلس إلى تجاوز اللجنة التحضيرية أسس و قواعد و شروط عقد المؤتمرات الجامعة دون الإشارة إلى ما هيت تلك القواعد و الأسس و الشروط و اكتفوا فقط بذكر تلك المصطلحات و العبارات الفضفاضة. وفي نفس الفقرة تضمنت الرسالة عبارة ((يندرج ضمن الأجندات السياسية التي تسعى إلى تقديم وحدة القيادة على وحدة الهدف) ) في إشارة إلى عمل اللجنة . و على حد علمي و أنا أحد أعضاء اللجنة التحضيرية أن اللجنة منذ الوهلة الأولى رفعت شعار (( على قاعدة التحرير و الاستقلال و بناء الدولة الجنوبية المدنية و الحديثة)) فإذا كان الأخوة في قيادة المجلس الأعلى للثورة لم يقرأون ذلك أو لم يلاحظونه فتلك مشكلتهم و عليهم معالجتها قبل أن توقعهم في مزيد من الأخطاء في اعتقادي هم في غنى عنها. كما أننا جميعا نعلم ما هي حاجة الشارع الجنوبي اليوم إلى قيادة موحدة تتوج مسيرة نضال سلمي لشعب عظيم قدم فيها كثير من التضحيات الغالية و الجسيمة من خيرة شبابه و على ما يبدوا أن الأخوة في قيادة المجلس يرون عكس ذلك فهم يرون أن مثل هذه الدعوات لا تحظى بالتأييد الشعبي . كما ذكر الأخوة في رسالتهم أن اللجنة اعتمدت في تشكيلها في التعامل مع شخصيات تكنوقراطية و مستقلة و اجتماعية بديلا عن المكونات الثورية- السياسية فاعتبروا ذلك عيبا من وجهة نظرهم بينما الأخوة في ((تيار مثقفون من أجل جنوب جديد)) اعتبروه عامل من عوامل نجاح عمل اللجنة و نحن معهم في رؤيتهم تلك إذ أن تشكيل اللجنة من أشخاص مستقلين و تكنوقراط و شخصيات اجتماعية معروفة و لها ثقلها في الجنوب و ذلك باعتراف الأخوة في قيادة المجلس الأعلى للثورة بذلك في رسالتهم هو مدعاة للنجاح و أقرب للتفاهم و التقارب بعيدا عن صراع المكونات و المحاصصة على نسب التمثيل في مؤتمر يتوجب منه أن يكون جامعا لكل أبناء الجنوب وليس لمكون دون سواه حيث ستمثل المكونات جميعها فيه وكذلك منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والمرأة والشباب وفق معايير محددة وضعتها لجنة المعايير فإذا كان للأخوة ملاحظات يجب أن تكون حول تلكم المعايير وبقية الوثائق التي أعدتها اللجنة لا على تشكيل اللجنة وأعضائها واتهامهم لها بأنها فاقدة للشرعية الثورية التي هي في منظورهم حصرية لمكونات بعينها.
في الفقرة الثانية من الرسالة : 2- (( إن المجلس الأعلى للثورة يدرك تماما إن متطلبات نجاح الثورة وبناء الدولة الجنوبية المرتقبة يتمثل في بناء الحامل السياسي الوطني الجنوبي)) هكذا عبر الأخوة في رسالتهم في تناقض غريب و عجيب لموقفهم من انعقاد المؤتمر الجنوبي الجامع الذي يفترض أن ينبثق عنه ذلك الحامل السياسي الذي يتحدثون عنه. و في نفس تلك الفقرة تضمنت الرسالة إلى: ((أن قوى التحرير والاستقلال وقعت على أسس وثوابت الحوار الجنوبي مكونة من 16 فقرة التي وقع عليها السيد الرئيس علي البيض. وهذه الثوابت حددت آلية للحوار وخارطة طريق له كما ورد في الفقرة العاشرة ( الإقرار بان تشكيل الحامل السياسي الجامع والمنظم يتم من خلال حوار جنوبي بين مكونات وقوى الثورة السلمية التحررية الفاعلة في الميدان ينتهي بعقد مؤتمر تقر فيه الوثائق البرنامجية وتهيكل فيه الأطر الجبهوية القيادية من الأدنى إلى الأعلى وتعد مخرجاته ملزمة لهذا الحامل ومن مسئولياته).
وهو تماما ما يحاول الأخوة في اللجنة التحضيرية ترجمته عمليا من خلال عقد المؤتمر الجامع أما فيما يخص النقاط 16 المذكورة فيجب على الأخوة في قيادة المجلس تقديمها للجنة حتى يتم التوافق عليها و إستيعابها في ميثاق وطني يجمع كل الرؤى المقدمة في رؤية وطنية واحدة.
الفقرة الثالثة من الرسالة: 3-(( إن قوى التحرير والاستقلال سارية على قدم وساق في استكمال تشكيل الجبهة الوطنية المتحدة لتحرير واستقلال الجنوب التي تعد النواة الأساسية للحامل السياسي, فقطعت شوطا كبيرا في ذلك , وعلى هذا الأساس فالمجلس الأعلى للثورة يدعوا كافة المكونات المتبقية للانضمام إلى الجبهة الوطنية المتحدة والموافقة على وثيقة الثوابت والأسس للحوار سيما وتيار مثقفون لأجل جنوب جديد والهيئة الأكاديمية في الحراك الجنوبي قد شاركا في إعدادها وهي مفتوحة لجميع القوى السياسية للتوقيع عليها ونقدها وتطويرها كخطوة ضرورية للسير نحو بناء الحامل السياسي وعقد المؤتمر الوطني الجنوبي.)) وهنا نرى جيدا دعوة الأخوة في قيادة المجلس إلى بقية المكونات الانضمام و الالتحاق بالجبهة الوطنية و الموافقة على وثيقة الثوابت و الأسس و هذا إقرار صريح منهم أن هناك مكونات لم تلتحق بمشروع الجبهة الوطنية كما أن تلك الدعوة هي عودة إلى الوراء و لا تمثل خطوة إلى الأمام و هو أمر لا يتطابق مع الواقع السياسي ومتطلباته الآنية.
الفقرة الرابعة من الرسالة: 4-(( إن الخلاف الموجود بين المكونات الجنوبية هو خلاف برنامجي وليس خلاف شخصي على المناصب القيادية كما يشاع له . وبالتالي فان المجلس الأعلى للثورة, ومن اجل تسهيل مهمة الحوار الوطني الجنوبي للاقتراب من موعد المؤتمر الوطني الجنوبي الجامع يرى الآتي:)) و في هذه الفقرة يسلك الأخوة في قيادة المجلس سلوك متناقض تماما لما عبروا عنه في بداية رسالتهم ليقدموا للأخوة في اللجنة التحضيرية ملاحظات هي أشبه ما يكون بنصائح من شأنها إنجاح عمل المؤتمر الذي لن يشاركوا فيه.
النصائح المقدمة من الأخوة في المجلس الأعلى إلى رئاسة اللجنة :
((أ- إن محاولة تشكيل هيئة قيادية للجنوب من مكونات وشخصيات مختلفة في الهدف والوسائل قبل الاتفاق والتوقيع على الوثيقة البرنامجية الموحدة وقبل استكمال بناء المكونات السياسية وفقا لمعاييرها المعتادة ومتجاهله لأهمية وأسبقية بناء الحامل السياسي في ضل المرحلة الثورية, ومتجاهلة لشرعية الرئيس علي سالم البيض الذي يمتلك شرعية قانونية وثورية يعد خطأ سياسي كبير, لأنه لا يستوعب الحقائق على الأرض ولا يقر بالاحتلال ويتعامل مع ما يحدث في الجنوب على أنها أزمة سياسية وليس ثورة على غرار ما حدث مع ثورة شباب التغيير في صنعاء التي تم احتوائها من قبل القيادات التقليدية والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية , وهو ما يقود في الأخير إلى خلط الأوراق وحرف مسار الثورة الجنوبية السلمية والعودة إلى مخرجات الحوار ومشروع الأقاليم.)) وهنا عاد الأخوة ليأكدوا ما طرحوه في بداية رسالتهم و لكنهم هنا غفلوا أن رئيس اللجنة التحضيرية هو أحد تلك الشخصيات الإجتماعية التي لا يريدونها ولكنهم مع هذا فهم يوجهون تلك النصيحة له. كما إنني لست أفهم تماما ما الذي يقصدونه بعبارتهم تلك ((وقبل استكمال بناء المكونات السياسية وفقا لمعاييرها المعتادة)) . و قولهم: (( و متجاهلة لشرعية الرئيس علي سالم البيض الذي يمتلك شرعية قانونية و ثورية يعد خطأ سياسيا كبيرا. )) و هذا محاولة من الأخوة صبغ الأمور بغير ألوانها الحقيقية فهل تشكيل قيادة موحدة يعد انتقاصا في حق الرئيس البيض و تجاهلا له و يعد خطأ سياسيا كبيرا كما أشار له الأخوة في رسالتهم و أن كل من يخالف ذلك فهو لا يستوعب الحقائق على الأرض و لا يقر بالاحتلال و أنه يتعامل مع ما يحدث في الجنوب على أنها أزمة سياسية وليس ثورة على غرار ما حدث لثورة الشباب في صنعاء فذاك أمر لا يصدر من عاقل فكيف بقيادة يفترض أنها تمثل رأس أحد أكبر المكونات الموجودة في الجنوب.
((ب- عدم التعاطي مع المكونات الوهمية والمفرخة والشخصيات المستقلة, واعتماد الحوار بين مكونات ثورية – سياسية فاعلة في الميدان, والعمل على استكمال بناء المكونات السياسية على أسس متينة واختزال العدد الكبير من المكونات الصغيرة إلى أعداد قليلة بتحالفات واسعة بحيث يكون لها امتدادات على كل الجنوب. ت- بعد تحديد التكتلات التي تشترك في الحوار والموجودة بالداخل وامتداداتها بالخارج تأتي خطوة تشكيل اللجنة التحضيرية من داخل هذه التكتلات وليس من خارجها ,على إن يتم تحديد نسب المشاركين فيها من كل تكتل بحسب حجم كل تكتل وتأثيره النوعي. )) و في هذه الفقرتين يتضح لنا تماما تلك العقلية الاقصائية التي صاغت تلكم الرسالة و الغير مؤمنة بالتنوع و حق الاختلاف و إمكانية العمل معا رغم التباين فاستخدمت عبارات تشير إلى ذلك فمثلا: عبارة عدم التعاطي و اختزال كثير من المكونات . ثم الإشارة إلى التكتلات المشاركة و النسب الواجب تحديدها. خالص التقدير رئاسة المجلس الأعلى للثورة السلمية لتحرير واستقلال الجنوب بتاريخ\ 26\5\2014م
كانت تلك قرأتي الشخصية لمضمون رسالة الأخوة قيادة المجلس الأعلى للثورة السلمية لتحرير و استقلال الجنوب الموجهة لرئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع و أعضائها و أرجو من الأخوة في المجلس أن يتقبلوها بصدر رحب و أن يدركوا جيدا أن تلك القرأة ليست انحيازا لجهة دون أخرى و إنما هي ملاحظات أحببنا أن نشير لها في إتجاه الدفع نحو تقارب وجهات النظر و لملمة الشمل و توحيد الصف و الكلمة.