لا أريد أن أثقل أولادي بحقيقة ما جرى..كنت أحلم وأنا في مثل سنهم بوطن موحد وللأسف كانت لعبتي المفضلة قراءة النظام الداخلي ل (أشدي) أو هكذا كان لزاماً علي قراءته وإعادة كتابته ومن ثم توزيعه بطريقة سرية على من يعتقد الرفاق بأنهم جاهزون للإنظمام لمنظومتهم اليسارية. كنت لا أزال يافعاً حين قالوا بأن الشرعية دخلت عدن..كانت قريتي تحتشد خضرة وبهاء..العيون التي جفت عادت لتفيض ماء يرقرق فيبعث في القلب شعوراً بحلاوة الحياة..لكني لم أستمتع حينها بالمشهد لأن الأجلاف دخلوا عدن..عبثوا بها..عاثوا في المدينة..نهبوا أشياء النساء والأطفال وحتى لعبهم لم تسلم من الأذى.
لم أكن حينها أفرق بين اليسار واليمين..كنت أعرف فقط بأنه الجنوبيين خذلوا عندما قدموا إلى صنعاء، وكنت أيضاً أفهم أن قوى الظلام في الشمال لتستمرئ العبث، وتتملكها السادية كنت حاقداً جداًً ولدي الاستعداد للموت في سبيل الإبقاء على الجنوب جغرافي وبشراً موحدين.
انتهت أحلامي، ولم أجد خصماً أمامي غير فلاح أتذكر أنه كان يغتسل في العراء وتحت شلال ماء صغير..ومملوء بسخرية كبيرة وغبطة بكون العبث انتصر على أحلام البروليتاريين.. لم أعد أحتمل هزائم جديدة..لا أريد أن أرى وطناً تتناهبه الفوضى..أرغب بواقع جديد خال من مخرجات 1994م ! .