عزيزي الورد:- لأنك أنت أنت ،وانا أنا ،فلن احيّيك أبداً لأن الورد لا ينتظر تحية من أحد، لكنه غالباً ما يرغمنا على الاعتراف بحبنا للآخر ايٍ كان... حسناً!! لن أمعن في الشرود كثيراً،لكن كيف سأعود؟ ومتى؟وأين ؟وأنا خارج كل شيء.. حتى اللحظة التي امزق روحي على حافتها خرجت منها للتوِّ..كذلك هي القصيدة التي تفترش ثلثي الذاكرة خرجتُ منها ايضا.. وكسرت اطار "الزمكان" الذي كان يحاصرني كثيراً وتمرّدت على كل منافذه التي لم تعد صالحة للعبور.. أنا الآن خارج ذاتي تماماً، لكني أعدكَ بمحاولة الدخول مرة اخرى الى هذا العالم،ولكن عندما أعي كل ما يدور بداخلي وحولي -أيضاً -على حدٍ سواء،لأن كل المارين من هنا كانوا غرباء امثالي إلا انني محاط بثلاث ظلمات "االذات والغربةِ وأنتِ". كثيراً ما نمارس الكتابة ونحن لا ندري بأن الكتابة نزف والنزف حب والحب وطن،والوطن مرتبط بمصير،والمصير ذاته لا يعترف بما نحلم به كغرباء،حتى الزمن الذي نعبث به كثيراً يفتقر الى مساحة كافية للبقاء أو على الاقل محطة واحدة للانتظار تتسع لكل المصلوبين على قارعته. اذاً اليست الكتابة هي كل هذا الالم الذي نتقاسمه؟ لأن الألم حياة،والحياة حدثٌ وذكرى نتركهما لمن سيمر بعدنا من هذا الطريق ما لم تصب اللغى بعاهة او تدخل في غيبوبة تلزمها الصمت. قد يكون الألم معي هُنا مملاً وثقيلاً جداً لا يطاق، لكني احبه الى حد التوجع واستلذه عندما يكون صامتاً لا ينتظر عوناً او يستدر بأنينه رحمةً أو يستحلب شفقةً من أحد وهو على يقين بأنه سيموت على احد اطرافها مخنوقاً. وبما أن الألم هو كل ما اتقاضاه -يومياً -على هذه الحياة لذلك فهو مائدتي المفضلة التي انفرد بها مستأثراً واتشرف بدعوتي اليها عند كل لحظة مثقلة،كما اني لا احب ان يشاركني فيها احد وسأكتب لها بجذع يدٍ – لأني لا املك يداً كاملة- "كل زفرةٍ وأنا وأنت". صحيح ان الحب يولد ضاحكاً – ليبكي طيلة حياته- إلا ان بقدومه تشتعل الحياة وتثور مرحاً،كذلك هي الابتسامة تحتفل به الف مرة في اليوم،الأمر الذي وهب للقلوب من ذلك شأنا بديعاً لتغتسل هي الأخرى بعطره فيها وتتطهر من ضجيج هذا الزحام، إلا انني خرجت من هذا ايضا،لأني اقحمت نفسي على الولوج الى عالمه وأنا ما زلت مفرداً كألمي لا اقوى الوقوف على ارضٍ ممزّقة. ولأني مجبولٌ على الحب والعاطفة ومسكون بها أجبلت على البكاء واسكنت بوادٍ غير ذي حب،أعقب ذلك الحَجْر على أناملي وتوقيفي لزمنٍ غير بعيد.. وأنا أنا لا املك حتى وردةً حب واحدة تهديها اليّ حبيبتي يوماً ما،كما لا اجرؤ على البوح لها بكلمة خضراء. ولأني دخلت الى مملكة المجانين متسللاً تعوزه الحاجة الى هوية وجواز وتصريح بالاقامة من "حاتم"إلا انني وجدت نفسي خارجها أيضاً..حتى الزمن الذي كنت أحلم ان أموت على حافته قليلاً تسمّرت على عتبته بالخارج.. قلت حينها عليّ أن اغني وعندما احتجت الى البكاء منعتني الرقابة من الانصهار خوفاً من انفلونزا المجانين. ولأني المجنون الوحيد الذي يعرف كيف يقتات من انامله امتنعت عن التصفيق وتغزيل الكلمات وانطويت على ذاتي مكتفياً بها على ان لا انحني لأحد،ولأن ما بداخلي من مكنون الحب قد أدّى الى قطع لساني وجلدي به حتى الادراك والوعي..حينها قررتُ العزف على الخشب بمنقار واحد حتى يموت "ابو لهب" او تختنق "ام جميل" بحبلها. ولأني آمنت بقداسة المرأة قبل ان يأتيني رسول منها واشعلت لها شفتاي قبل ان تكتحل بها عيني،وأشتقت إليها قبل ان اراها،إلا انني لم اجد امرأة شاغرة.. ولأني لم اكن وغداً يتعلّق بأثداء العابثات سرقتني الايام قصيدةٌ شقراء كنت امتطي صهوتها وسطت على محفظتي الفارغة. ولأني نذرت صومي لله تأففتُ من النظر الى الموائد المقلوبة وامتنعت عن أكل الورد نياً ،أو قطفه لأني قلمت اظافري منذ زمن مبكر. ولأن انهيار الجليد لا يكتفي بكارثة واحدة إلا انه إيذان بميلاد عالم جديد وحياة أكثر حباً وسعادة ،أما النار فمصيرها حتميٌّ الى الرماد. ولأنك أنت.. أنت ... كرهت الحب وما فيه.. ولأني أنا ..أنا.. أحببت الألم بما فيه.. ولأن كل شيء هنا قابل للذوبان وأنا لا اجيد العوم ترجلت على هذا الواقع وأنا أعرابي جلف ،فكن حيث شئت وأنا !! سأترك احزاني منصرفاً بلا وداع.