لماذا هذا التراجع السريع والمهرول نحو صنعاء للقيادات الجنوبية المجربة ومن المؤسسين للحراك الجنوبي السلمي ولماذا هذا النقد الشاذ واللاذع الصادر من بعض القيادات الجنوبية ضد من توجهوا الى صنعاء ولماذا التجاذب السياسي والاستقطاب الجانبي الذي تجريه الدول العشر والزخم الاعلامي المعيب لهذا التوجه الذي تقدمه تلك الدول من خلال مندوب دول مجلس التعاون الخليجي في صنعاء سعادة السفير المهندس سعد العريفي وفي السفارة السعودية العظمى تتم الترتيبات لهذه اللقاءات ! ذلك الدور المشبوه الذي يفرق ولا يجمع برغم ان هذه الدول تقع عليها مسئولية الامانة والمراقبة والمتابعة بشفافية المنطق والعقل والحق من خلال تنفيذ المبادر الخليجية وما جاء في قرارات مجلس الامن وتوصيات الاممالمتحدة التي قدمها مندوبها في اليمن السيد جمال بن عمر من خلال زياراته المكوكية المتعددة الاغراض الى اليمن حول القضية الجنوبية بكامل تفاصيلها السياسية والحقوقية ولماذا يتم اللقاءات بقيادات جنوبية معينة بعيد عن فتح ابواب الحوارات مع كل ابناء الجنوب تحت سقف واحد يكون عادل ومنصف تجاه هذه القضية التي لا تحتاج أي رتوش او أي تلميعات سياسية او اي مواقف او مجاملات او اعطائها اكثر مما تستحقه .
ان ما يلفت الانتباه من خلال هذه التحركات من هنا وهناك هو ان خيوط التأمر على الجنوب لا تزال قائمة و تحاك خيوطها في عواصم عربية وخليجية بدعم دولي واضح للعيان على ان تظل السيطرة والهيمنة على هذا الممر المائي الهام والاستراتيجي في البحر العربي والبحر الاحمر وباب المندب مستمرة خوفا على تعرض مصالح هذه الدول للخطر والعمل على توسيع شقة الخلافات بين القيادات الجنوبية التي لم تستوعب حتى اللحظة الدور السياسي المناط بها وما هو المطلوب منها تنفيذه لصالح قضيتهم الاساسية وجعلت منهم من يرفع السقف نحو المطالب العلياء التي من الصعب الان تحقيقها في هذه الظروف المعقدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا .
و هناك من يرفع حدة الخلافات والأزمات الى افشال أي توجه نحو لم الشمل لأبناء الجنوب وهناك من يخرج عن صمته الطويل ويدعم مخرجات الحوار و مساندة الاخ الرئيس عبد ربه منصور هادي ويطالب ابناء الجنوب قاطبة بالوقوف الى جانبه وهنا تشعبت الافكار وتبخرت الأهداف وتهاوت المطالب السياسة والسيادية للجنوب في خضم هذه الصناعات الاممية المشتركة صاحبة حق الامتياز في التسويق والترويج الاعلامي المدعوم ماديا ومعنويا في كيف يتم تطوير وتكثيف الانقسامات والانشقاقات دخل الصف الجنوبي وهي اليوم التي تدير دفة الصراع بطرق فنية متوازية الاضلع ومتساوية المقامات وهي ايضا تعمل على شق صفوف الحراك الجنوبي من حيث تفريخ المكونات والتسميات والعمل على تفعيل سياسة القتل اليومي الكوادر الجنوبية العسكرية والأمنية وترهيب الشعب الجنوبي وتجويعه وحرمانه من ابسط مقومات الحياة مثل الكهرباء والماء والتعليم والصحة والأمن حتى يرضخ لسياسة القمع والتهميش والاحتقار والاستهتار وقبوله بسياسة الامر الواقع.
وللأسف يتم هذا تحت اشراف ومشاركة مباشرة من قياداته الجنوبية في الداخل وفي الخارج منها من هرول الى صنعاء ومنها في طريقه اليها ذلك القيادات التي تعوم في العسل وتسبح على دماء واشلاء الشهداء والجرحىء الجنوبيين وتناضل من فنادق النجوم السبع ومن عاصمة الضباب ومن العواصم الاوربية والعربية والخليجية الاخرى واينما توجد الحرية والديمقراطية الكاذبة والضحك على ذقون الشعوب وهي تعيش بين الأجواء الملبدة بالغيوم والمناظر الخلابة و الساحرة .
نعم لقد ادخلوا القضية الجنوبية غرفة الانعاش من دهاليز واقبية سياسات المحاور المتعددة وصراعات القيادات المتهالكة ووضعوها في صندوق جنازة هامدة انتظارا حضور المفتي العام الذي سوف يعطي لهم اخر اشارة في تشييعها ودفنها الاخير الى الابد ان المخاض الذي تعيشه القضية الجنوبية في الوقت الحاضر مخاضا وهميا ومن الاحتمالات الواردة ان العالم لم يصل الى قناعات ورضاء تام عن الاداء الذي يقدموه من نصبوا انفسهم قيادات على شعب الجنوب وهم من ادخلوا الجنوب في عداء عام مع العالم كله ابان الحرب الباردة التي كانت قائمه بين القطبين وحتى سيرتهم الذاتية في ميزان السياسات الدولية لم تحظى بالقبول التام والكامل لان ماضيهم السياسي والعسكري غير مشرف لا يرتقي الى المستوى المطلوب هناك ايضا وجهات نظر متعددة تداول في كواليس من يصنعون السياسات في العالم حول الجنوب بالذات الذي يتمتع بميزات هامة استراتيجية منها العسكرية والأمنية والتجارية وموقعه الذي يربط الشرق بالغرب اسيويا واوروبا وافريقيا وهنا يكمن الاهتمام البالغ التعقيد الذي لم يظهر بعد حتى اللحظة ايضا هم يدركوا جيدا بأن مصالحهم الاستراتيجية ليست مع الشمال ولكنها في الجنوب ولذلك هم اليوم يفصلون القميص على مقاس تلك المصالح التي هي ايضا في الخليج والجزيرة العربية وشرق اسيا كلها اعداء كوريا الشمالية وفيتنام وبعض مناطق التوتر هناك .
ولكنها ايضا تحت الميكرسكوب الامريكي بصفه خاصة و تحت رقابة التواجد العسكري الامريكي في المنطقة فهل الجنوب ان يخرج من عنق الزجاجة حتى يحصل على دولته المنهوبة مال وسيادة وحرية وهل من مراجعة لتلك الدول لحساباتها تجاه الجنوب العربي الحر على خطوط المصالح المشتركة التي تفرضها الظروف والأحداث الحالية في الشرق الاوسط والمتغيرات في منطقة المغرب العربي السياسية والعسكرية والأمنية والاستفادة مما يحصل ويحدث في اليمن جنوبا وشمالا من متغيرات متسارعة نحو الانفراط والتدهور المنظور والتي سوف تصل رياحه الى ابعد من اليمن وان كان قد وصلت داعش اليمن الى الحدود السعودية في الايام القريبة الماضية .. نتمنى ان تكون الدول صاحبة المصالح وراعية المبادرة الخليجية ان تصحو وتعمل على لجم هذا التدهور السريع حفاظا على مصالحها ونفوذها في هذا الجزء الهام من العالم والحفاظ على الجنوب وشعب الجنوب وثروات الجنوب المتعددة التي لا تعد ولا تحصى والله من وراء القصد ..