سقطت معظم أحياء مدينة عمران، شمالي اليمن، في أيدي مسلحي جماعة الحوثي (أنصار الله)، بعد معارك عنيفة، وقع فيها مئات القتلى والجرحى، في وقت أنهى فيه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، زيارة لم تكن مقررة سابقاً إلى مدينة جدة السعودية. وذكرت وزارة الدفاع اليمنية، في خبر مقتضب، أن هادي وصل إلى جدة، ضمن زيارة رسمية إلى السعودية. ورجح مصدر سياسي، رفض الكشف عن هويته، ل"العربي الجديد"، أن تكون زيارة هادي مرتبطة بسقوط عمران في يد الحوثيين، وخصوصاً أن قادة من الجيش رافقوه في زيارته. وأكدت مصادر محلية في عمران، ل"العربي الجديد"، أن مركز اللواء 310 مدرَّع، سقط بيد الحوثيين، مساء الثلاثاء، بعد مواجهات عنيفة دامت طيلة ال24 ساعة الماضية، وبعد سيطرة الحوثيين على أغلب أحياء المدينة. وأعلن المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، في بيان صحفي، الانتصار على من أطلق عليهم "ميليشيات الإصلاح التكفيرية" (في إشارة إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يقول الحوثيون إنهم يواجهونه). وقال عبد السلام: "نؤكد للجميع أن عمران بخير وسلام، وستعيش إن شاء الله حالة من الوئام والمحبة بين كل أبنائها، وستمارس السلطة المحلية دورها الوطني في خدمة المواطنين". ويسيطر الحوثيون على محافظة صعدة، وتوسعوا في عمران منذ بداية العام الجاري، وحاصروا المدينة منذ أكثر من شهرين، وخاضوا مواجهات تخللتها هدن هشة برعاية لجان رئاسية. وأوضحت المصادر أن اللواء 310، الذي يعد من أهم ألوية الجيش اليمني، ويخوض المعركة مع الحوثيين منذ ما يزيد عن شهرين، موزعاً في العديد من المواقع العسكرية، وقد سقط مركزه بيد الحوثيين الثلاثاء، فيما لم تصل التعزيزات المرسلة من صنعاء إلى المدينة. وأكدت المصادر أن أغلب الأحياء، والمداخل في المدينة، أصبحت فعلياً تحت سيطرة الحوثيين، ووصفت صمود الجيش داخل المدينة ب"الأسطوري". وأعلنت جماعة الحوثي مقتل العميد الركن حميد القشيبي، قائد اللواء 310 في عمران، وهو الذي يُعَدّ أقوى ألوية المنطقة العسكرية السادسة، ويحوي نحو 40 دبابة، فضلاً عن عشرات المدرعات، والأطقم العسكرية، وحاملات صواريخ الكاتيوشا. وكانت مصادر مقربة من الجيش نقلت عن القشيبي قوله في وقت سابق: "سأقاتل ومعي كل الشرفاء أفراد اللواء 310، رغم أني لا أستطيع الحركة، لكني لن أخون شرفي العسكري، والقسم الذي عاهدت به الله ثم الوطن على حماية الشعب وسلامة أراضيه". ويعد العميد القشيبي من أبرز القادة العسكريين، وسبق له أن قاد المواجهات مع الحوثيين في مدينة عمران ومحيطها منذ اندلاعها أواخر مايو الماضي، كما شارك في الحروب التي خاضها الجيش مع الحوثيين بين عامي 2004 و2010، وقد أُصيب في إحداها. وبمقتل القشيبي واستيلاء الحوثيين على معدات اللواء 310 وسيطرتهم على مدينة عمران، ترتفع مقدرة الحوثيين العسكرية بشكل يجعلهم يمثلون تهديداً بالغ الخطورة على العاصمة صنعاء. كما يعد مقتل القشيبي ضربة قوية للواء علي محسن الأحمر، مستشار الرئيس اليمني، ولحزب الإصلاح الذي قاتل بعض عناصره إلى جانب القشيبي ضد الحوثيين في المعارك الأخيرة بعمران. هادي يعود إلى صنعاء في غضون ذلك، كشف هادي إنه أطلع العاهل السعودي، خلال زيارته القصيرة إلى جدّة، على مستجدات الأوضاع في اليمن، وقال إن الأخير "وجّه بمساعدة ودعم اليمن على مختلف المستويات". وأوضحت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) أنه جرى "خلال اللقاء البحث والتشاور في العديد من القضايا الثنائية والاقليمية والدولية وبصفة خاصة مستجدات الاوضاع في اليمن في ضوء التطورات الخاصة بالمواجهات المسلحة في محافظة عمران وعدم الالتزام بالتهدئة ووقف اطلاق النار واستمرار جماعة الحوثيين بالتمنطق المسلح والميل الى استمرار الحرب ونقض الاتفاقات وكذلك الحرب على تنظيم القاعدة وما يعانيه اليمن من ازمات امنية واقتصادية وسياسية". ونقلت الوكالة عن هادي إشارته إلى أن الملك عبد الله "كان ايضاً على دراية كاملة بما يجري في اليمن، وأكد دعمه واهتمامه المطلق لليمن باعتبار ان أمن السعودية من امن واستقرار ووحدة اليمن".