لعل من أبرز محاولات سلطات الاحتلال اليمني استهداف ثورة الجنوب عن طريق الكثير من الأوراق والتي منها أيضاً ورقة الحوار اليمني الذي أعقب ما يسمى بثورة التغيير في صنعاء وفي هذه الورقة جرى الترويج لما يسمى بمؤتمر الحوار اليمني الذي جاء كترجمة للمبادرة الخليجية التي سعت لحل الأزمة بين أطراف السلطة في صنعاء ولا علاقة للجنوب فيها بشيء، وكان قد سبق تلك الفترة محاولات حثيثة لاستنساخ مكونات الثورة الجنوبية والاعلان عن مكونات عديدة تحمل اسماء جنوبية بينما هي في حقيقة الأمر مجرد ظواهر صوتية يجري الترويج لها إعلامياً، وعندما رفضت المكونات الفعلية للحراك بالمشاركة في مؤتمر الحوار جرى اختيار اشخاص لا علاقة لهم بثورة الجنوب على انهم ممثلين للحراك الجنوبي في تلك المسرحية الهزلية، وافسحت وسائل الاعلام اليمنية المجال للترويج لذلك المؤتمر على أنه جاء لإنقاذ الجنوب وحل قضية الجنوب، وكان رد شعب الجنوب قوياً زلزل ادعاءاتهم واكاذيبهم من خلال انتفاضة الشعب والخروج بمليونيات عبرت عن رفض مسرحية مؤتمر الحوار، المكونات الحراكية الموجودة على أرض الواقع اوضحت موقفها من ذلك المؤتمر في حينها ورفضت بشكل رسمي وعلني المشاركة فيه او في أي حوار لا يقوم بين دولتين وتحت اشراف دولي على قاعدة استقلال الجنوب، لهذا فشل مؤتمر الحوار، وجاءت نتائجه تعمق مدى الفشل الذريع الذي مني به. ما هو مؤتمر الحوار اليمني واين يقف الجنوب منه؟ مؤتمر الحوار اليمتي باختصار هو ترجمة لما يسمى بالمبادرة الخليجية التي قدمتها وتبنتها دول الخليج وامريكا والتي جاءت لحل النزاع بين أطراف الصراع في صنعاء ولم يتم توجيه اي دعوة للجنوبيين للمشاركة فيها ولم يتم وضع او ذكر الجنوب كثورة او حتى مجرد قضية او مشكلة في برنامج تلك المبادرة. لكن هل تجاهلت صنعاء الحراك الجنوبي؟ لم تتجاهل الحراك الجنوبي فهي تدرك قوة الحراك الجنوبي، ولكنها ارادت التعاطي معه بصورة تضمن لها القضاء عليه وتحويل ثورة الجنوب إلى مجرد مشكلة لا تختلف عن بقية المشاكل اليمنية، لهذا تدرك أن المكونات الحراكية الموجودة على أرض الواقع في الجنوب من الصعب اقناعها بالعدول عن هدف التحرير والاستقلال، وهكذا بالنسبة لشعب الجنوب الذي يحمل ذات القناعة، فعمدت للتشاور مع بعض الشخصيات الكبيرة الموجودة في الخارج التي نسقت معها على ايجاد مخرج للمشكلة عبرها وخلصت إلى الاتفاق مع تلك الشخصيات على اقامة دولة فيدرالية من اقليمين (اقليم شمالي واقليم جنوبي) وقامت تلك الشخصيات وبدعم من رعاة المبادرة الخليجية انفسهم بوضع برنامج زمني للخروج ولو بشبه اجماع نخبوي جنوبي يؤيد مشروع الفيدرالية، إذ شرع حيدر العطاس على التشاور مع بعض الشخصيات في الخارج والداخل لإنجاز مشروع برنامجهم السياسي والتواصل لإقناع اكبر عدد من قادة الحراك وناشطيه في الداخل للمشاركة في لقاء القاهرة، في حين جرى اعداد خطة اخرى لتفريخ واستنساخ مكونات حراكية أخرى تحمل ذات المشروع، واجرى العطاس وعلي ناصر وصالح عبيد ومحمد علي احمد سلسلة لقاءات مع شخصيات جنوبية حراكية في القاهرة والسعودية ولندن وغيرها، لكنهم انصدموا مع الرئيس علي سالم البيض الذي رفض القبول بالفكرة ورفض المشاركة في أي لقاءات دعا لها العطاس وشلته، في حين جاء رد الشارع الجنوبي قوياً تجاه لقائي القاهرة اللذين شارك فيهما أشخاص لا علاقة لهم بالثورة والحراك الجنوبي، في حين ادت مشاركة النخبة الحراكية إلى انعزالها عن الشارع الجنوبي.. تلك اللقاءات ومخرجاتها تزامنت مع تحركات صنعاء لإتمام المبادرة الخليجية والتوقيع عليها في السعودية بتاريخ 23 نوفمبر 2011م بين اطراف النزاع في صنعاء في ظل وجود اشارة بالموافقة عليها من قبل اصحاب مشروع الفيدرالية. اليوم تحاول صنعاء الترويج لمخرجات مؤتمر الحوار بشتى الوسائل والطرق، وجاء هذا الاعلان منبئا بفشل ذريع لحوار دام حوالي عشرة أشهر اخفق منذ الوهلة الأولى في اختيار الأطراف المشاركة فيه، فالجنوب رفض المشاركة جملة وتفصيلا ولجأ القائمون على مؤتمر الحوار إلى اختيار اشخاص لا علاقة لهم بأي مكون حراكي فاعل، وبما أن كل نتائج الحوار قد تم اعدادها مسبقا عند التوقيع على المبادرة الخليجية بين الاطراف المتصارعة على السلطة في صنعاء بعيدا عن الجنوب الذي تجاهلته تلك المبادرة ولم توجه أي دعوة للحراك الجنوبي، والجنوب وثورته هما المستهدفان الرئيسيان حيث تحاول صنعاء شرعنه واستمرار بقائها في الجنوب من خلال فرض الفيدرالية باقليمين وليس ستة أقاليم كما تروج، خدعتها هذه يستحيل تمريرها ببساطة وعليها أن تتبع مناورات ولعب كثيرة منها استخدام مسألة الاقاليم الستة كفزاعة أمام الجنوبيين الذين قد يخافون تقسيم الجنوب إلى إقليمين خصوصاً في ظل وجود ذات السيناريو الذي تسير احدى حلقاته في الترويج لما يسمى بدعاة استقلال حضرموت وهناك الأصوات التي تنادي بإقليم المهرة وسقطرى وتسعى صنعاء إلى الترويج لبعبع الأقاليم من ناحية ومن أخرى تدفع بآخرين لمعارضة فكرة وقرار الاقاليم الستة والتهويل لمخاطر تقسيم الجنوب إلى إقليمين . وتتوهم صنعاء ومؤيدو الفيدرالية أنهم سيصلون في نهاية المطاف إلى تحقيق قبول شعبي لفكرة الفيدرالية باقليمين، وأن الجنوبيين قد يشعرون بارتياح عند العدول عن قرار الستة الأقاليم وسيقبلون بالجنوب كإقليم في ظل دولة يمنية واحدة بعد أن يجري استخدام الكثير من أوراق اللعب السياسية كالإرهاب والصراعات الطائفية في الشمال وتحويل المنطقة برمتها إلى ساحة عنف وصراعات، ويتوقع ان تكتمل حلقات المسلسل بتدخل دولي من مجلس الأمن يقضي بضرورة اعلان الفيدرالية من اقليمين.. .. يتبع