سمعنا عن منح الأولوية في الوظائف الحكومية الشاغرة لأبناء المناطق الجنوبية خلال الفترة الانتقالية الحالية كأحد مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واقر ذلك أيضا مجلس الوزراء, القرار ينص بالحرف الواحد على الوظائف الشاغرة حاليا فقط مما يعني محاولة مراضاة لأبناء الجنوب عن ما لحق بهم من تهميش خلال عشرين عام خلت وهو محاولة لدغدغة مشاعر الجنوبيين لتأييد مخرجات الحوار الوطني قبل البدء في تنفيذ هذه المخرجات على الواقع العملي. الوظيفة في الخدمة المدينة كما هو معمول بها في جميع دول العالم تكون الأولوية لأبناء المحافظة أو الولاية وليست بحاجة إلى قرار عن مخرجات حوار سياسي ولا يشترط أبدا مبدأ المناصفة في الوظائف العامة لتطبيق أغراض سياسيه كما هو الحال من تطبيق مثل هذا القرار فيما يخص الجنوب.
ليس من المعقول ولا من باب العدل أن يذهب أبن شبوة أو حضرموت ليشغل وظيفة شاغرة في صنعاء أو تعز رغم أن المتقدمين الذين لهم الأولوية لشغل هذه الوظيفة في هذه المحافظة أو تلك يصل لملايين المتقدمين ولا يمكن لابن عدن المدلل بالمدنية أن يقبل بوظيفة في أحد الأرياف النائية إلا مكروها أي بعدم حصوله على وظيفة في مدينة عدن, لذا يتضح أن الوظائف الحكومية الشاغرة قد تم أعدادها لغرض تطبيق هذا القرار ولفترة زمنية محدده كما أسلفنا لغرض كسب تأييد الشارع الجنوبي لمخرجات الحوار خلال الفترة الانتقالية التي ستقابلها فترة انتقامية ليست أقل خطورة عن ما حصل للجنوب خلال الفترة الماضية.
ومن ناحية أخرى هناك قطاع ذو أهمية قصوى وهو يتعلق بالثروة النفطية والغازية التي تتمتع بها بعض الأقاليم دون غيرها وهنا يتم العجب إذا علمنا أن أبناء هذه المناطق المنتجة للنفط والغاز لا يحصل أبنائها على الوظيفة في الشركات الأجنبية إلا بشق الأنفس وبنسبة ضئيلة جدا تقتصر في معظم الأوقات على وظائف حراسات أو ما شابها والمؤسف جدا أن كثير من المؤهلين من أبناء تلك المناطق محرومين من نيل حقهم في الوظيفة الدائمة والمستقرة في تلك الشركات حيث تقوم هذه الشركات عبر مكاتبها في صنعاء بتثبيت وتدريب عمالة من غير أبناء الولايات والأقاليم ويتدخل عنصر الواسطة في اختيار الموظفين على معيار مناطقي في الغالب وعلى أثر ذلك يحرم كثير من المؤهلين من أبناء الولايات والأقاليم في الحصول على حقهم الشرعي في الوظيفة بالشركات النفطية والغازية حتى كادت أن تكون نسبة المحافظة أو الولاية في التوظيف في بعض الشركات الأم معدومة وان وجدت فهي لا تتجاوز نسبة 5% ! مع أن قانون العمل اليمني ينص على إعطاء الأولوية لأبناء المحافظة إلا أن هذه الفقرة في القانون قد بقيت حبر على ورق وأكل عليها الدهر وشرب. أذن بعض من هذه الشركات ستكون خاضعة للخدمة المدنية لحكومة الإقليم فيما بعد بسجل مدني وبأقل نسبة من عمالة الولاية ولإقليم ! فهل يعقل ذلك؟
وهنا نعود للسؤال المطروح في عنوان المقال عن من له الأحقية في الوظيفة بالشركات العاملة في الأقاليم فالمعروف في جميع دول العالم أن أبناء المناطق المنتجة للثروة لهم الأحقية التامة في الحصول على الوظيفة في الشركات الأجنبية فهل يدرك أعضاء الحوار ومجلس الوزراء هذه المسالة وخطورة عدم تبنيها أم لأكونهم في غفلة عما يدار أم يرون أنها من المسلمات التي لا تحتاج لإصدار قرارات بشأنها.