تتأمل بذهول ممزوج بالاعجاب والفخر وانت تتابع وكالات الأخبار العالمية التي نقلت فعاليات يوم القدس العالمي الذي شهدته دول العالمين العربي والاسلامي، بل وتعدى ذلك هذا العام لتصل فعاليات هذه المناسبة إلى دول غربية لتتضح اهمية هذه المناسبة وعظمتها، وتزيد اهميتها هذا العام اذ تزامن حلولها مع الحرب التي تتعرض لها غزة والمجازر التي ترتكبها آلة الحرب الاسرائيلية المسنودة بدعم قوى الاستكبار والغطرسة العالمية الولاياتالمتحدةالأمريكية، أيضا في ظل الصمت المخزي للزعماء العرب ومواقف ملوك وأمراء دول النفط العربي الخانعة بذل لواشنطن. مناسبة يوم القدس العالمي الذي أسسها الامام السيد الخميني قبل عشرات السنين ليست مجرد ذكرى فقط ولكنها إلى جانب كونها مناسبة نتذكر فيها القدس وشعب فلسطين وتحشد شعوب الأمة للتضامن مع شعب فلسطين الأعزل والتنديد بالمجازر والمذابح البشعة التي تطال أطفال ونساء فلسطين هي أيضا مناسبة عظيمة تفرض علينا أن نراجع انفسنا وننظر إلى الواجب الذي يتطلب منا مساندة شعب فلسطين ودعمه والوقوف في وجه الطغيان الصهيوامريكي، مناسبة تؤكد لنا وتعزز القناعة بأنه لابد علينا أن نلجأ إلى المقاومة وننتهل من فكر المقاومة العربية والاسلامية كمبدأ أساسي لاستعادة عزة وكرامة الاسلام والعروبة ولحماية وصون مقدساتنا الاسلامية وللتصدي لجبروت قوى الاستكبار العالمي امريكا وحلفائها.
الأمر المخجل والمقزز هي تلك الأصوات التي تقف ضد الاحتفاء بهكذا مناسبة تحت حجج عقيمة وواهية يدعي بها أولئك الذين لا يجيدون سوى استخدام وتسخير الدين والفتوى الدينية لمصالحهم وخدمة لرغباتهم وشهواتهم، أولئك التكفيريين الذين يحرضون على ضرب الجيش العربي السوري وضد سلاح ورجال المقاومة اللبنانية.
جميع دول النفط العربي تحتفي في مناسبات كعيد العمال ورأس السنة الميلادية (كريسمس) وغيرها من المناسبات التي فرضها الغرب ولا غضاضة في ذلك، بينما مناسبة يوم القدس العالمي تعد بالنسبة لهم بدعة ولا يجوز الاحتفاء بها، ليس لأجل أي شيء سوى لأن اسيادهم في البيت الأبيض وتل أبيب لا يرغبون في هكذا مناسبة تثير قلقهم وتخيفهم لان هكذا مناسبة تفضح جرائمهم وتكشف طغيانهم ومجازرهم وتحرك الحياة في الضمير الانساني.
جاءت هكذا مناسبة هذا العام بعد سلسلة من الأحداث الكبيرة التي شهدها العالم، الكثير من الانتصارات التي تحققت للجيش العربي السوري، والمكانة العظيمة التي بلغتها المقاومة العربية في فلسطينوسورياولبنانوالعراق، بالاضافة إلى مؤامرات وتحالفات التكفيريين بقوى الاستكبار العالمي الولاياتالمتحدةالأمريكية واسرائيل وحلفائهما من دول الغرب.
مفارقات كبيرة وغريبة وازدواجية المواقف الدينية والسياسية تعيشها القوى الظلامية التكفيرية التي نستطيع القول عنها بأنها تعيش أزمة تأريخية سياسيا ودينيا، العدو الأول في نهج التكفيريين ليس اليهود ولا الكفار المعتدين على شعوب المعمورة، اعدائهم الجيش العربي السوري وتحالفاتهم واضحة لا يشوبها ادنى شك مع اسرائيل ضد سوريا، وضد حزب الله في لبنان وعملياتهم وبارودهم واسلحتهم لا تستهدف سوى اطفال حمص وحلب ودمشق وغيرها من مدن ومناطق سوريا، وعبواتهم لا تنفجر الا في الضاحية في بيروت، ولا تستهدف سوى زوار مراقد الأئمة في كربلاء وغيرها من مدن العراق.
جاءت مناسبة يوم القدس العالمي هذا العام بهذا الحضور الكبير والواسع لشعوب العالم لعشرات الملايين من المسلمين الذين انتفضوا في ارجاء المعمورة وخرجوا لاحياء المناسبة العظيمة لنستشف من هذه الصورة الكثير من الرسائل التي من أبرزها أن شعوب العالم تزداد صحوة ووعيا وإدراكا بما يجري من أحداث ومؤامرات تستهدف كرامة الانسان وعقيدة المسلمين، مؤامرة عالمية تستهدف دول وشعوب المقاومة وتهدف إلى القضاء على المقاومة العربية والاسلامية وتمرير المخططات الغربية على المنطقة العربية والشرق الأوسط، مخططات الهيمنة على العالم، الرسالة الثانية هي التي تبرز ملامح صورة الغد لدول المنطقة العربية التي ستشهد ربيعا حقيقيا من صنع الارادة الشعبية لشعوب الدول التي يحكمها عملاء واشنطن، والرسالة الأخيرة توحي ان المقاومة العربية ستتقدم وستزداد قوة وستشهد التفاف وتأيبد شعبي عالمي لها.