تقويض الجامع الوطني اليمني وشرذمة اليمنيين على هويات ما قبل وطنية، هي مقامرة كبرى أقدم عليها قادة المشترك بالتعاون مع الرئيس المؤقت (المستدام الآن) عبدربه منصور هادي. تنطلق التنظيرات الجوفاء بخصوص تفكيك الدولة اليمنية إلى كيانات عبر تقسيم سياسي اعتباطي، من معايير مذهبية ومناطقية تستفز عقدا تاريخية وتحفر في اخاديد من الماضي السحيق لليمنيين، وتستحث أقبح ما في الذاكرة اليمنية من مشاهد تاريخية. تتأسس مقولة الفدرالية على تقسيم اليمنيين إلى أشرار وأخيار، إلى "مركز مقدس" وأطراف مغلوب على أمرها. وتستحيي "الفدرالية" المستحيلة في اليمن، العصبويات التي كانت في مطالع الألفية الثانية عندما غرقت اليمن في حروب مذهبية وقبلية.
وتكرس هذه الفدرالية أوهاما بشأن الذات (المذهبية أو المناطقية) و الآخر (الجواني الذي يزداد قبحا وقذارة كل يوم). هكذا يكون الجنوبي والتعزي ملاكا بينما الشمالي الزيدي شيطانا. وبالمثل، يكون الجنوبي والتعزي والإبي والتهامي مغلوبا على أمرة ومستكينا، بينما الجنوبي في ظل الحراك، والشمالي في الحقبة الحوثية، مقاتل شرس لا يتردد في صرع المستكبيرين.
تتوالد الصور النمطية وتتكرس المقولات المقيتة إياها، برعاية وإشراف (وأحيانا تنفيذ) من النخب التي تحاورت العام الماضي وصنعت الاجماع في فندق 5 نجوم.
هذه النخبة الرديئة تمزق اليمن أن هناك مناطق متحضرة جدا ( اسكندنافية مثلا) ومناطق متخلفة وهمجية. الاوطان لا تبنى على طريقة المشترك بل تتقوض وتنهار وتستنقع في التخلف، وهذا بالضبط ما يحصل في غير منطقة يمنية من خارج المركز المقدس، المركز المقدس الذي تكرهونه أيها الأوغاد.