"مله مافي عندنا -عدن- مدينة تاريخية" جملة مستفزة جداً جداً لشخص مثلي أحد هواياته تصوير البيوت القديمة, الحوافي القديمة, النوافذ والشبابيك القديمة. وكلها مكوّنات المدينة القديمة "التاريخية", شخص من أحلامه ان تعلن "كريتر المدينة القديمة" محمية تاريخية يمنع العبث بها ويتم صيانتها والاهتمام بها. قد أعذر الشخص الجاهل والمنسي بهموم الحياة إن قال عبارة كهذه ولكن المثقف والمتعلم وابن المدينة غير معذور البتة, إن كنت عدني ولا تعلم أن كريتر مدينة قديمة وتاريخية فعار كل العار أن تسمي نفسك عدني, أن تكون عدني وحينما أخبرك "سنلتقي عند المنارة" ترد مستغربا "أيش من منارة". لا أستطيع إيجاد أي عذر لك يا عدني/ ية عن جهلك بآثار ومعالم مدينتك. مثلك تماما أنا, لم تخبرني مدرّستي عن عدن ومعالمها, ولم يحكِ لي أبي سوى معلومات معظمها مغلوطة عن تلك المعالم أيضا, لم يكن المنهج يحوي حرفاً عن الصهاريج أو القلعة أو أسوار المدينة القديمة, ولكني حينما بدأت أنضج وأدركت بأني "عدني" وجب عليّ الاطلاع والقراءة ومعرفة الأرض التي أعشق والتي أعيش فيها. وواجب عليكم أجمع أن تعلموا وتجتهدوا لتعلموا عن مدينتكم. دعوا اهتماماتكم "السخيفة" جانباً بعض الشيء واعطوا مدينتكم بعض أهمية, قليل من الاعتبار ليس إلا. "مله مافي عندنا مدينة تاريخية" هذه العبارة توضح مدى الكارثة التي قد وصلنا إليها, وجميعنا مشتركون بجريمة هذه العبارة, حكومة لا تعترف بعدن كونها مدينة تاريخية ولا تبذل ولو بعض جهد للحفاظ على ما تبقى من بقايا أثر أو معلم, بل وتسعى "الحكومة الموقرة" لبيع ما تبقى وهدم ما قاوم العبث, حكومة بالنسبة لها المعلم والتاريخ رفاهية ليس المواطن ولا المدينة ولا الاقتصاد بحاجة لها. حكومة لا تعي البتة بأن دول تعيش على ما تجنيه من جانب السياحة التاريخية. أما المواطن فصرخة لمن يسمي نفسه "عدني/ عدنية" اهتموا بهذه المدينة ولو اطلاعا, لا ادعوكم لتنظيفها ولا للحفاظ على نظافتها فأياديكم الناعمة أرقى بكثير من دعوة كهذه, فقط وحفاظا عليكم من الوقوع بمواقف محرجة, اقرأوا عن مدينتكم حتى لا توضعوا بخانة الأميين, وحتى لا تكونوا مجرد كؤوس فارغة "عدانية اسم بس". وللمهتمين بعدن وبتاريخها ومعالمها, اعتقد أننا بحاجة لجهد أكبر وأثقل وأضخم لمحو أمية المجتمع العدني حيال مدينة يدّعي أنه ينتمي لها, بينما لايعلم عن تاريخها العظيم شيء. وبالأخير اعتذار لعدن التاريخ, لأسوارها المتبقية, لقلاعها المتناثرة, لمنارتها, اعتذار للحجر الشمساني وللنوافذ الخشبية والشبابيك والنقوش الجصية, للبوميس وخلطته, للمباني المتراصة بنغم, اعتذار للحوافي المعتقة, ولكل شبر قديم بعدن التاريخ والجمال, اعتذار أشد للصهاريج الأعجوبة, لقلعة صيرة, لمسجد أبان والعيدروس وجوهر, لقبور الأولياء الصالحين, للمعابد الهندوسية والمهلكة الزرادشيتة وللمعبد اليهودي والكنائس المسيحية. ما كتبته موجه لكل عدني, ليس لكاتب العبارة.