كتب: عبدالله أحمد السياري ناصر سائق حافله في الثامنه والخمسين من عمره . حضر الى عياده الباطنه شاكياً من انعدام الشهيه منذ 4 اشهر مع انخفاض في الوزن شديد وسعال مستمر. اثبت الكشف والفحوصات المختلفه انه يعاني من سرطان الرئه جرٌأ التدخين الذي بدأه في سنٍ صغيره. هل من المستحسن ان يخبره طبيبه بطبيعه المرض الذي يعاني منه؟ "سنعود الى ناصر لاحقاً في هذا المقال" يحلوا للاطباء ان يعتقدوا انهم يعرفون طبيعه مرضاهم وتاثير المرض عليهم. والحقيقه انهم قد يعرفوا الشي الكثير عن مرض ما الا انهم نادراً ما يعرفون الكثير عن المريض او تاثير المرض على مريض بعينه. هذا بالرغم من حث طلبه الطب خلال دراستهم على البحث في هذا الجانب والاهتمام به.. الامر الذي يجب الانتباه اليه هو ان مرضاً ما – حتى وان كان بنفس الدرجه من الخطوره- يؤٌثر على المرضى بدرجات متفاوته تعتمد على شخصيه ونفسيه المريض وتعامله مع المرض. فبعض المرضى يتقبلون مرضهم ويتعايشون معه ويتمكنون من ان لايجعلوه يفسد عليهم حياتهم ويطغى عليها ويؤثٌر سلبا على علاقا تهم مع اهلهم وعلى من حولهم والى نظرتهم للحياه. ومنهم-في المقابل –من تنقلب حياتهم راساً على عقب وتكون الحياه بالنسبه لهم اكتئاب وحسره.تكتنفها نظره تشاؤميه مستديمه. والملفت حقاً ان حتى ترتيب الأعراض المرضيه نفسها حسب اهميتها للشخص والوزن النسبي الذي يُعطى لها غالبا ما يكون ذا صلة بالخلفيه العرقيه و الثقافية للمريض وهذه الظاهره هي أكثر بروزا في الأعراض النفسية والنفسجسدية ولكن يمكن أيضا أن تتواجد في ألامراض الجسدية والعضوية. يُضاف الى ذلك ان مفاهيم اسباب المرض والمفاهيم حول حوافز ومسببات الشفاء منه لها ايضاً ابعاداً تختلف بين المجموعات العرقية المختلفة فضلا عن العادات الاجتماعية التي تؤثر على الصحة وعلى مقدار الركون الى الممارسات الطبية البديلة المختلفه في المجتمعات المختلفه . وقد بينت بحوث عدٌه ان الاهميه والاولويه النسبيه لعرض مقابل اخر عند حدوثهما معاً وفي نفس الوقت في المريض نفسه تختلف بين اثنيه لاخرى وان لم يكن الطبيب على علم بهذا الاختلاف الاثني لتوصل الى التشخيص الخاطئ اذ انه يبني تشخيصه على ما درسه في كليه الطب التي قد تكون في بلد او مجتمع غير المجتمع الذي يزاول الطب فيه. فعلى سبيل المثال نجد ان نزيف الدم يحمل اهميه كبيره عند البدوي بينما الم حاد في الصدر يدفع الغربي الى الاسراع نحو اقرب غرفه اسعاف . وهذه الاختلافات العرقيه في الثقل النسبي للاعراض نجدها اكثر وضوحاً في الامراض والاعراض النفسيه والنفسجسديه. فعلى سبيل المثال نجد ان الامراض والاعراض النفسيه والنفسجسديه عند المراه العربيه تتجسد في "الدوخه" و "الضيقه" بينما تكون على شكل "القولون العصبي" عند المراه الاوربيه. والنساء الامريكيات السود وجِدن اقل عرضه للارق من غيرهن . وعلى سبيل مثال اخر نجد ان المرضى اللاتينين المصاببن بداء السكر يرون ان اسواء التغيرات التي طرأت عليهم جرٌا اصابتهم بالمرض هي التعب والجنوح الى سرعه الانفعال بينما يرى الاوربيون اسواء التغيرات في قله القدره على الرياضه وانعدام العفويه لديهم. وفي دراسه اخرى اتضح ان المرضى الصينيين المصابين بالاكتئاب يشتكون-كتعبير على اكتابئهم هذا- من اعراض جسديه بينما الاوربيين يشتكون من اعراض نفسيه مباشره وجليه كالارق او القلق. حتى انه لوحظ ان اعراض الذبحه الصدريه تختلف بين الرجل والمراه حيث ان الالم الذي يصيب المراه مختلف في نمطيته وموقعه من ذاك الذي ينتاب الرجل حتى ان المعالج-ان لم ينتبه لذلك- يخال له ان المراه تعاني من مرض عضلي او معوي مع انها مصابه بذبحه صدريه. وقبول المرض وتحمله له صله ايضاً بالايمان بالقضاء والقدر. وهذا القبول له علاقه بدرجه هذا الايمان وليس بالضروره الى درجه التٌدين لدي المريض. وعوده الى درجه ادراك الطبيب للتفاعل بين مرض ما ومريض بعينه. التوافق بين تصور المرض واثاره بين المريض وطبيبه ذو اهميه بالغه في عمليه الوصول الى العلاج المناسب للمريض اذ ان القرار الذي يصل اليه الطبيب ينبغي ان يكون مبنياً على المشاركة والاتصال بين الطرفين. والمزعج حقاً ان بحوثاً قمنا بها اشارت الى انفصام واختلاف كبير بين الاطباء والمرضى العرب حول تصوراتهم لاثار المرض على المريض والاهميه النسبيه التي يعطيها الطرفان لمختلف الاعراض . " وعودة الى ناصر " القاعدتان الرئيسيتان التي ينبغي ان ينطلق منهما الطبيب في تعامله مع مريضه هما اولاًان يتصرف دائماٌ حسب المصلحه الافضل لمريضه وثانياً ان يشرك المريض باكبر وسيله ممكنه في قرارنوعيه العلاج والمثابره عليه . وعليه فقد قرر الطبيب ان يعلم ناصر بالتشخيص مبنياً قراره هذا على المعطيات التاليه: 1. قدٌر المعالج انه لابد للمريض ان يعرف لكي يشارك في علاجه بفاعليه فطبيعه علاج السرطان يحتاج الى حضور متكرر الى المشفى وتحٌمل مشاق ومضاعفات العلاج. ويختلف الامر الذي يكون فيه لا وجود لعلاج لاعطائه للمريض. 2. توصل الطبيب –من خلال معرفته بالمريض واستنباطه عن مكونات شخصيته -انه لن يصفح عنه ان عرف بالتشخيص بطرق اخرى وبالتالي تنقرض الثقه في الطبيب ومصداقيته اللذان يشكلان اساسين مهمين لفلاح العلاج. 3. استنبط الطبيب –من خلال تعامله مع المريض وعبر خبرته الطويله في مجال عمله انه-اي المريض- يرغب في معرفه طبيعه مرضه وانه لن ينهار ان عرف ذلك . ويختلف الامر ان استنبط الطبيب ان المريض لا يرغب في ذلك ويستشف الطبيب ذلك من خلال عدم استفساره-أي المريض- عن طبيعه مرضه او من خلال كونه يغٌير مسار الحديث كلما لمٌح الطبيب بانه على وشك التطرق الى طبيعه المرض. 4. قدٌر ا الطبيب ان المريض سيدرك حتماً بتشخيص المرض من طبيعه العلاج فالمريض الذي يرسله طبيبه للعلاج بالاشعة لن يفوته للحظه انه قد يكون مصاباُ بالسرطان