عاد العيد , ليمضي من جديد في دورته الأزلية .. فالحياة تهرول في طريقها المرسوم, ولا تلتفت إلى الوراء .. ولا يترجل الكون لأحزاننا أو لأفراحنا .. عاد العيد ليمضي .. وبين الفعلين تذوب حياتنا وتحترق شمعتها, على مدى زمن قد يطول أو يقصر في رحلة نهايتها واحدة .. عاد العيد .. وأحلامٌ لنا مؤجّلات, أو تائهات في منحدرات حياتنا و منعطفاتها .. وأمنيات لم تزل شرفة الزمان مؤصدة أمامها , فلم تر النور , ولم تُكتب لها الحياة .. عاد العيد .. ولم يزل سؤال التاريخ يطل علينا طازجا , من شرفات الجغرافيا , وخطوط الطول كلها .. فلله در شاعر العربية الأول , أبي الطيب المتنبي , حين قال : عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ ** بِمَا مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ ؟ فيا أيها القادم إلينا .. ماذا في جعبتك لنا ؟؟ أجديد أم معاد مكرور؟؟!! لم يزل حالنا وحال أمتنا يتنقل في محطات السوء , ويبحر في موانئ الشتات .. من سيء إلى سيء إلى أسوأ , في حراك أو ربيع تداخلت فيه الجهات واختلطت, بين الشمال والجنوب والغرب والشرق .. فلا المكونات تروي غلتنا , ولا الثورات تشفي علتنا, ولا هذا أو ذاك يوحد كلمتنا .. فلم تعد فلسطين وحدها مصدر آلامنا .. لحقت بها العراق وليبيا وسوريا .. والقادم مجهول يا ولدي . ورحم الله شوقي حين قال ويقول: إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما فهل من جديد أيها العيد .. يعيد أمجاداً سالفات .. ويلملم فينا الشتات .. ويبدد هذه الظُلَم الحالكات ؟؟؟ هل من جديد ؟؟ أو أن جشع التجار مازال مسلِّطا سيفه على ملابس الأطفال والعابهم وأحلامهم .. يفجرون بأسعارهم المفخخة براعم فرحتهم, ويغتالون بدراجتهم النارية حقهم في البراءة والعيش الكريم السوي .. سواء بسواء كباقي أطفال العالم . فيا أيها العيد , نعرف أنك في العرف والاصطلاح, رديف للبهجة والبِشر والانشراح.. فهل فيك شيء لنا من هذا .. أو ما زلت على عهدك القديم بنا , تحمل الخوف والأتراح ؟؟ فيا أيها العيد هل نفتح لك النوافذ والأبواب , ونستقبلك على الشرفات والطرقات , بالأغاني والأهازيج أو نكتفي بترديد شطر المتنبي قائلين : ( فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ ) أيها العيدُ ؟؟ فهل من جديد ؟؟؟