لماذا رفضت ساحة الاعتصام السلمي الجنوبي استقبال وفد الحوثيين ؟ ولماذا على الحوثيين الاسراع لمنح الجنوبيين دولتهم ؟ سؤالان محوريان اسهمت التحركات السريعة في المشهد السياسي على مستوى الصراع في البلاد العربية مقحمة الجنوب في التجاذبات بين قوى الاسلام السياسي من جهة وقوى الممانعة من جهة اخرى او ما يعرف تقليديا الصراع الممنهج امريكيا بين انصار السنة وانصار الشيعة ؛ اسهمت في بروز السؤالين و كثير من الاسئلة بقوة . وجدت الساحة نفسها ترفض استقبال الحوثيين رغم التنسيق والتقارب في المظلومية ؛ مفضلة الانحياز الى الاسلام السياسي-ربما تكتيكيا- لاسباب غاية في الاهمية اهمها ان من يقف وراء الاسلام السياسي معظم دول مجلس التعاون الخليجي ؛ وبالتالي سيحصل الجنوب على الدولة لحصوله على الدعم السياسي الخليجي ! بعد أن كاذ التحالف بين انصار الله والحراك الجنوبي يصل الى حد الاستراتيجية تاتي الحسابات السياسية لتفرق هذا الاتجاه خاصة بعد انسحاب قواعد حزب الاصلاح الجنوبية بسرعة الى الجنوب معقل الحراك الجنوبي منادية بالاستقلال للجنوب من الشمال بعد ان كانت تنادي بالوحدة وتناصب العداء للحراك الجنوبي في الساحات والمنابر جهارا نهارا !. ومن هنا نضع السؤال المحوري الاخر : لماذا لايسرع الحوثيون بطمأنة الحراك الجنوبي بخطوات عملية باتجاه استعادة الدولة للجنوبيين كي يسحب البساط على قوى الاسلام السياسي الذين يريدون ركوب موجة الحراك الجنوبي كما فعلوا بثورة 11 فيراير في الشمال؟. بل ربما يريدون ان يكون الجنوب حاضنة اساسية لاستعادة انفاسهم لا سيما و إن الجنوب (سني) مما يجعل فكرة اعادة البناء للفكر الاصولي على ارض الجنوب عملية ممكنة التطبيق – ربما يتباذر الى دهنهم ذلك - لا سيما وان هناك بنية تحتية لهذه القوى متمثلة في عدد من أئمة المساجد وعدد مما يطلق عليها المعاهد العلمية منذ ما يقرب من عشرين عام، ومن خلال متابعتي للقنوات الاعلامية المختلفة تبين ان هناك مارثون للوصول الى الجنوب ، وعلى الحراك ان يقرأ الواقع جيدا ، وان لا يتخذ قرارات مصيرية يدفع ثمنها الجنوب غاليا ، بمعنى ان لايكون الاستقلال الثاني باي ثمن ! مثلما حدث في الاستقلال الاول ! . ولعل الحوثيون قراؤا موقف قيادة الحراك الجنوبي وحللوه وفهموه الفهم السياسي كما ينبغي عليه الفهم ، لهذا نراهم يبعثون برسائل سريعة ومتتالية على لسان قيادات شمالية بضرورة اعطاء شعب الجنوب حقه في الاستفتاء وتقرير المصير ، ربما ليسحبوا البساط على المناوئين لهم المنسحبين جنوبا من قوى الاصلاح او الاسلام السياسي ولمنع أي تدخل خارجي اقليمي او دولي في حل القضية الجنوبية على حساب قوى الممانعة في اليمن المتمثلة بأنصار الله . لهذا على قيادة الحراك الجنوبي الحذر من هذه التجاذبات وعدم دغدغة الاقليم بالقول اننا في الجنوب مذهب واحد ، لاننا في الاخير لا نعرف التعصب ولا الارتهان لدوائر الصراعات الاسلامية الاسلامية ، كما ان الاعتدال وعدم التطرف هو ديدن ثقافة الجنوبيين ، ومن الجمل المضيئة في خطاب الشيخ بن شعيب (اننا لا نستجدي الاستقلال) ، ومع هذا لا بد من قراءة متأنية للمشهد والانحياز الى خيار الشعب في الحرية والاستقلال دون تكبيله باعباء كثمن لهذا الاستقلال .وان كان لا بد من دفع الثمن لنخرج من عنق القمقم باقل الخسائر.