عندما قابلت ابوجبريل قبل اسبوعين لفت انتباهي من اول نظرة الشال الذي يضعه على كتفيه .. تلك الغترة الخضراء التي كنت قد رأيتها في صورته القديمة - المرفقة هنا - وهو صغيرا يناهز العشرين عاما .. اذ لاحظت اثناء حديثي مع قائد حركة انصار الله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي البالغ من العمر الآن 36 سنة انه ما زال محتفظا بتلك الغترة الخضراء التي يكون قد مضى عليها ما لا يقل عن 15 عاما و لا يزال يرتديها حتى اليوم .. و لولا ان حديثنا كان عن مواضيع أخرى ليس بينها مثل هذه التفاصيل الصغيرة المهمة بالنسبة لي .. لكنت قد سألته عن قصة الشال الاخضر الذي اثار انتباهي الى جانب اشياء أخرى متصلة بشخص و شخصية القائد الشاب الأكثر جدلا داخل و خارج البلاد . تفسيري لتعلق ابوجبريل بالغترة الخضراء .. ربما يعود لتفائله بهذه القطعة القماشية المطرزة بتصاميم زخرفية هادئة لم يعد لها وجود في الاسواق حاليا لكنها ما تزال تحتفظ بألق طاغ حين يلبسها شخص مهم بحجم هذا الرجل فيكسبها أهمية تطغى على فضول أي صحفي كأنا يمحص في الاشياء البسيطة و يركز على ما يفوت غيره التنبه اليه ليجعل منه قصة صحفية لافتة بطريقته المعتادة . ربما ان الغترة مرتبطة في نفسه بأحداث و مواقف خاصة به ذات تأثير كبير في حياته .. أو انها هدية من عزيز عليه كوالده العلامة الراحل بدرالدين الحوثي او شقيقه الشهيد حسين .. ليبقى السؤال الأهم : كيف احتفظ بالغترة الخضراء كل هذه الفترة الطويلة ؟! دون ان يفقدها او تضيع منه في ظل الحروب الست المستهدفة له و المعارك الطاحنة التي خاضها و ما لاقاه من تشرد و تعرض منازل أهله للنهب و التدمير .. فيما ظلت الغترة الخضراء في عهدة السيد عبدالملك طوال عقد و نصف من الزمن .. مع ان الواحد بالكاد يحتفظ بملابسه عام او عامين بإعتبارها ليست من المقتنيات الثمينة كالجنابي مثلا التي سيكون لنا وقفة خاصة عن قصة جنبية ابوجبريل و حسين الأحمر . ما يهمني هنا .. ليس التأكيد على زهد و تواضع و بساطة عبدالملك الحوثي .. الانسان الصادق و المواطن العادي .. ابن البيئة اليمنية .. الريف و القرية .. المزرعة و الجبل .. البيت الطيني و التاريخ متجدد الحضور .. بيئة الفلاح و الجندي و الرعوي المكافح .. ابوجبريل الشاب الشهم المجسد شكلا و مضمونا و سلوك لأصالة و نقاء ابناء الناس العاديين .. في المظهر و الجوهر .. الكلمة و الموقف .. الأخلاق و النقاء . عبدالملك .. كما بدى واضحا بأطروحاته الأكثر اخضرارا و ألق من غترته الخضراء .. المختبيء بين نسيج صوفها اسرار دفينة سيأتي الموعد المناسب لسبر اغوارها و كشف ما خفي من تفاصيل شيقة للغاية .