الاعتصام عبارة عن دولة مصغرة شبيهة بالفاتيكان في إيطاليا أو إمارة موناكو في فرنسا وتحتاج إلى قيادة مستقلة، وحتى يتم ذلك لابدَّ من التجردُّ من الارتباط بكل ماهو خارج الاعتصام سواءً مكونات أو قيادات حراك أو رؤساء سابقين أو حتى الارتباط بتفاهمات مع جمهورية هادي . *المفكر الجنوبي عبد السلام عاطف جابر. لماذا نقتل الامل عند كثيرٍ من اللحظات التي تأتي ويأتي معها الانتعاش الحقيقي للحياة السياسية والمرحلة المفصلية التي يتدفق معها النمو الغير طبيعي والإبداع المتسارع والوتيرة العالية لفاعلية الحراك الشعبي ولثوار شعبنا في جميع بلدات جنوبنا العزيز؟ !! ولماذا لا ننمّي تلك الفرص السانحة ونسقي غراسها من زُلال تجاربنا ومن فرات تشجيعنا ومن معين اهتمامنا حتى تصبح نخلة باسقة لها طلع نضيد ؟ لقد كان الكاتب الرائع غزير الإنتاج الفكري والإبداعي عبدالسلام عاطف محقا في توصيف الحالة الثورية التي يعيشها الشارع الجنوبي بتفاصيلها مثريا بقلمة السحري صرخات تقرأ كف المستقبل و قواعد المُثل القويمة والعليا لانتصار الثورة ومطالب الشعب العادلة ..حرِيّاً بكثير من القادة الذين نحسبهم ربان الأمة أن يكون لهم في الحياة وبعد الممات شأن يذكر وقيمة كالقمّة في هام المجد والحرية وخلود عابق بالشذى على مر الدهور لكنّهم فشلوا أو بالأصح عجزوا ولم يُكتب لهم النجاح !. أتدرون لماذا ؟! لأن بصيرتهم السياسية والقيادية وُئِدت وهي حية ولم يجدوا لهم نصيراً ولا معينا بل هدَّم كثير ممن حولهم صرح الزخم العامر في نفوس الشعب وجعلوه فتاتا تذروه الرياح ولو أن أحدا ممن كان حولهم أيام العز انتشل تلك الحكمة من براثن أروقة المكتب السياسي لما كتب لتلك البصيرة أن تضمحل ولكن على العكس إنهم قد ساعدوا في حفر الحفرة وفي رد التراب … الحرية ما هي إلا هبةٌ من الله وهبة الله غير هبة البشر لأن هبة البشر غالبا ما تكون مادية غير قابلة للنّماء ومصيرها إلى الزوال بعد حينٍ يسير…أما هبة الله فمعنوية تنمو مع صاحبها وتبقى ملازمة له ما دام فيه قلب ينبض وعين تطرف والله يهب الدهاء والحس القيمي لمن يشاء… هناك ارتباط وثيق بين علو الهمة وبين البصيرة فالابتكارات التي لا يحفزها همة عالية ولا تسمو بها نفس توّاقة للمجد والحرية والخلود ولا يشدها إلى العلياء طموح وثّاب تَسَّاقط من البعض رويداً رويداً كما تسَّاقط أوراق الشجرة في الخريف.. لتصبح فيما بعد عارية متجمدة في صقيع الشتاء… أعتقد أن المرحلة حساسة والوضع خطير جدا والخط النضالي يحتاج إلى تقويم وإرشاد وإلا فإنه سيهوي بنا في مهاوي قتامة العيش والتيه اللذان لا مبرر لهما وتلقي بنا في مستنقع الإفلاس السياسي وستتركه بلا فُلك في بحار الانحراف وغياهب الضياع…فالمتأمل في الحياة يرى أن اللصَّ صاحب موهبة لأنه يخطط ويبدع في تخطيطه قبل السرقة ولكنه لم يحسن استخدام تلك الموهبة وكذلك فإن الماكر المخادع صاحب موهبة لأنه لم يخدع إلا بعد إعمال الفكر وبمساعدة من الشيطان والنفس الأمارة بالسوء فهو صاحب دهاء وذكاء لأنه فكَّر وقدَّر ولكنه استخدم مكره وذكاءه في الضلال وأعمل فكره في الخداع فقُتل كيف قدّر ثم قُتل كيف قدر !… … ليت شعري ! ألا ترى معي أيضاً أيها القارئ الكريم أن النفاق السياسي وتصدر المشهد المثير أيضاً موهبة ! لأن النفاق والمراوغة فنٌّ يتقنه في زماننا كثير من الناس وهذا الفن موهبة ولكن صاحبها لم يحسن استخدامها بل إن فنّ النفاق لا يحسنه إلا المنافقون الكاذبون لأن الصادق لا يكون ذا وجهين وذو الوجهين كما تعلم لا يكون عند الله وجيهاً…وعلينا أن نقيس الأمور على ذلك فكل واحد منا قد وهبه الله الكثير من الهبات وأسدل عليه الكثير من النعم ولكن كل موهبة لم يحسن صاحبها استخدامها تتحول من نعمة إلى نقمة ومن منحة إلى محنة ومن عطاء إلى منع ومن هدى مشرق إلى ضلال مبينٍ نأمل أن تكون هذه الفرصة القصيرة مليئة بالنضال والتضحية وأن يرى شعبنا النور بعد الظلام الدامس الذي أعمى ويعمي أبصارنا وقلوبنا لأكثر من عقدين من الزمن .والله من وراء القصد