هذا هو حالنا في الاعتصام منذ اليوم الأول ننشغل منذ الصباح إلى المساء في قضية اللجان وتشكيل اللجان ، ومشروعية اللجنة الفلانية وعدم مشروعية اللجنة الفلانية ، واليوم ونحن نقترب من نهاية الأسبوع الثالث ومازلنا في نفس المتاهة . . . لم أسمع أحد في لجان بن شعيب أو لجان عدن ليفلاف يتحدث عن التصعيد الثوري ، وكيف نتجه نحو تحقيق الاستقلال بأيدينا . قد يقول أي شخص خارج الاعتصام أن هذه مشاكل متوقعة ، ويقول آخر ؛ بل هي عجز القائمين على إدارة الاعتصام ، لكن الحقيقة ليست كذلك ؛ الحقيقة أيُّها الناس أنَّ كل مايحدث عمل مدبر ومدروس ، تقوم به قيادات جنوبية ، هدفها رفع الاعتصام بأي وسيلة ، وهي تفعل ذلك كي تحمي نفسها ، وغير عابئة بمصلحة الوطن . . .فهي لم تنسى أن أول هدف للاعتصام كان إلزام هذه المكونات والقيادات والرؤساء بتوحيد صفوفها ، فإذا لم تتوحد فالمعتصمين سوف يسقطونها ويشكلون قيادة جديدة من داخل صفوف الاعتصام . . . هي لم تنسى . . . لكنَّها نجحت في إنساء المعتصمين هذا الهدف .
على المعتصمين خاصةً والشعب عامة أن يتذكروا هدفهم الحقيقي وهو التحرير والاستقلال ، ويضعونه نصب أعينهم ، لايحولون نظرهم عنه ، وعليهم تذكر الحواجز التي تعيقهم عن بلوغه وهي حاجز القيادة الفاشلة المتصارعة وحاجز جنوبيي السلطة . . . ويجب عليهم التركيز والتفكير ووضع الخطط لتجاوز الحواجز ، ووضع مدى زمني لتجاوز كل حاجز على حده .
فالوقت ليس في صالحنا ؛ فالحوثي تنبه إلى ثبات الاعتصام ، وتنبه إلى خطورته ولذلك حاول رفعه عبر وحدات الجيش التابعة له في معسكر بدر ، ففشل ، ثم حاول السيطرة عليه عبر حلفائه في الحراك الجنوبي ، ففشل في الجولة الأولى ، ولكنَّي أراه ينجح في الجولة الثانية . . . إن النخبة السياسية في الجنوب قد فشلت خلال 50 عاماً ، وتجسد فشلها في ضياع دولة الجنوب ، وماعجز عن أخذه المستعمر اليمني بالحرب عندما كان الشعب يصطف كقبائل خلال مئات السنين ، أخذه بيسر وسهولة عندما اصطف الشعب مكونات رجالية وشبابية ونسائية وبناتية وعيالية . . . ومنذ انطلاق الحراك الجنوبي وهذا الاصطفاف المكوناتي يقود الحراك من فشل إلى فشل ، والشعب يصرخ ويئن من هذا الفشل ، لكنَّه لايفعل شيء للخروج من هذا الفشل . لماذا...؟
وعندما قرر شعبنا تجنيب القيادة السياسية ولا أقول اسقاط فهي لم تسقط ، مازالت راكبة على السنام ، ذهب إلى النخبة الدينية . . . وهذه النخبة فشلت في إدارة اعتصام في رقعة جغرافية مقدارها "شارع" . . . ومن سوء حظ هذا الشعب الصابر أنَّ القيادات السياسية التي جنَّبها اكتشفت فشل النخبة الدينية قبل أن يكتشفها الشعب ، فألبسوا هذه النخبة الدينية العاجزة قداسة "إلاهية" وأصبح الشعب يكرر هذه القداسة دون إن يشعر .!!! يا للعجب .
لقد نشأت داخل المسجد وتعلمت كتاب الله ؛ وأتذكر قوله تعالى {قال عفريتٌ من الجن.......} وقوله تعالى {قال الذي عنده علمٌ من الكتاب.......} تعلمت منها إنَّ الذي عنده علم وكان من الأنس تفوَّق على العفريت الجني . . . وتعلمت سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأتذكر قوله {والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها} تعلمت من هذا القول أنَّ رسول الله نفى القداسة عن سيدة نساء العالمين ، وأنَّها قد تخطأ وتعاقب . . . وتعلمت أنَّ عمر بن الخطاب قال (أصابت المرأة وأخطأ عمر) فمن يكون هؤلاء أمام أولئك...؟
تقول العرب "شر البلية مايضحك" ومايضحك اليوم في حالنا المبكي هو ؛ أن النخبة السياسية جعلتنا ندور حول إنفسنا من المعلا إلى المكلا ، والنخبة الدينية أدخلتنا قدر الأرز وجعلتنا ندور داخله "هههههههه" . . . ولكن لابأس في ذلك فالفرج قريب ، فالله لم يجمع بين عسرين ، وقد قال في كتابه {فإنَّ مع العسر يسرا ، إنَّ مع العسر يسرا} ، فأبشروا بالفرج ولوكان كلامي قاسياً فالعلاج مرّ لكنَّ فيه الشفاء .