كتب : وليد محمود التميمي حاول أن يواسي نفسه بعد أن داهمه الحزن وموجات الألم، طيف صديقة العزيز، مازال يدغدغ عواطفه ويلهب تفكيره، كان ينشد الهروب بحثا عن شواطئ النسيان لكنه فشل، لم يجد أمامه سوى النبش في كومة من الصور المدججة بالذكريات الجميلة، المثخنة باللحظات الحميمة في مسيرة حياتهما في بلد الاغتراب.. استدعى دقائق لقائهما الأول في المطار، عشرتهما في نفس الغرفة، الليالي التي ضحكا فيها بصوت عال، وذرفا الدموع الحارة حزنا وكمدا على جراحهما التي لم تندمل.
ظل حائرا في مكانه، عاجزا عن التسليم بحقيقه أن صديقه قد تركه وحيدا ورحل، وأن عليه أن يكمل بقية المشوار بمفرده، ألح على نفسه بالسؤال، مالذي افتقده بعد سفره؟!، ابتسامته البرئية، مواقفه النبيلة، رأيه السديد، صراحته المعهودة، تعليقاته الساخرة، إبداعه وتألقه بشهادة من يحبونه ومن اختلف معهم في الموقف أو الرأي!.. في حندس الليل، أمسى يتذكر كلمات، كان صديقة يرددها دائما في اخر أيامه وهو إلى جانبه:"أنا مشتاق لاحتضان أبنائي بدفء وحنان، عيناي ملهوفه لرؤيتهم، والبقاء إلى جانبهم أبد الدهر، هذه هي أمنيتي ومبتغاي الأخير ".
لم يكن أمامه من خيار ليمعنه عن السفر، ليحجب عنه فكرة العودة إلى الوطن، وعلى عجل بعث برسالة نصيه إلى المسافر الذي رحل كتب فيها: مكانك مازال شاغر، ولن يستطيع أحد تعويض رحيلك الاضطراري، وما يحز في نفسي أننا لا نتعلم من الدرس، لا نعي قيمة من حولنا إلا بعد أن نفتقدهم، لا ندرك قيمتهم في الرخاء، لكننا سرعان ما نكتشف معدنهم النفيس وقت الشدة.. عزائي الوحيد؛ أنك بخير وأنت ترفل بالبهجة والفرحة بجانب أفراد اسرتك الان وغداً، سأجفف أحزان فراقك، وأخمد نيران شوقي إليك.. بحفنة من صورك البهية، وزخات من الدموع التي لن تنطفئ جذوتها حتى نلتقي في كنف وطن.. أصبحنا عنه غرباء حتى إشعار اخر.