إصابة 4 مواطنين بانفجار لغمين من مخلفات مليشيات الحوثي غرب تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ أبوبكر باعباد    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    ليفركوزن يكتسح هايدنهايم بسداسية.. ولايبزيج يرفض هدية البافاري    تركتمونا نموت لوحدنا    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    المهرة.. جمرك شحن يعلن تعرض موظفيه للتهديد على ذمة الإيرادات والسلطة المحلية تنفي وتؤكد التزامها بالإصلاحات    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    الإصلاح الإخواني ينهب إيرادات تعز لتمويل الإرهاب والتكفير    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    البخيتي :حربنا مع السعودية لم تعد حدودية بل وجودية    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الشعب ينهي مبارياته بتأكيد العلامة الكاملة وأهلي الغيل يحسم الصراع مع الأخضر لصالحه في بطولة البرنامج السعودي للكرة الطائرة    فرع القدم بوادي حضرموت يعقد أجتماعا موسعا باللجان .. ويناقش المرحلة المقبلة و اعداد الخطط الخاصة بذلك ..    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    قيادة وزارة الشباب والرياضة تزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري    عين الوطن الساهرة (1)    الجواسيس يكشفون أساليب التدريب والتقنيات المستخدمة واستغلال "المنظمات" للتجسس والإجرام    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة السفير فكري السقّاف    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    وصول أولى قوافل التجهيزات الطبية الإمارات لمشافي شبوة    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مدير ميناء المخا: الميناء، اصبح جاهز لاستقبال سفن الحاويات    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    بنحب مصر وبلا حراسات.. زعماء أوروبا يمددون إقامتهم ويندمجون في الحياة المصرية    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقدٌ أم نقض؟

كثر في الآونة الأخيرة التطاول بالطعن في علم الإسناد ومرويات كتب السُنّة الشريفة، إلى حد رفضها بالكلية من خلال سرد مغالطات في النقل والتحليل، وتغطية غياب الموضوعية بالشتائم والتحقير.
والعجيب أن من يتناول الموضوع على هذا النحو يضع الأخلاق ضابطًا في قبول النص ورفضه، ثم ينقض كلامه بسيل من عبارات الشتم والتحقير لمن سبق من أهل العلم، وكأن السباب واللعن والشتائم وتحقير الآخرين تصرف أخلاقي!
فهناك فرق بين النقد العلمي الموضوعي والهجوم الشامل المتجه نحو الهدم. ومثال النقد الموضوعي الذي يدحض دعوى تعميم التعصب على أئمة الإسناد؛ تناولهم لأحاديث في الصحيحين "البخاري ومسلم" بالنقد؛ فقد شكك عدد من قدماء المحدثين ومنهم الدارقطني وأبو مسعود الدمشقي وأبو علي الغساني وغيرهم في صحة 210 من أحاديث البخاري ومسلم، 32 منها متفق عليه و78 منها في البخاري، و100 منها في مسلم، كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة شرحه على البخاري، وأجاب آخرون عن استشكالهم كالحافظ ابن حجر والإمام النووي.
وعلى الرغم من تتبع الحافظ ابن حجر لهذه الاستشكالات فقد قال في مقدمة تتبعه لها: "ينبغي لكل منصف أن يعلم أن هذه الأحاديث وإن كان أكثرها لا يقدح في أصل موضوع الكتاب فإن جميعها وارد من جهة أخرى وهي ما ادعاه الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره من الإجماع على تلقي هذا الكتاب بالقبول والتسليم لصحة جميع ما فيه، فإن هذه المواضِع مُتنازَع في صحتها فلم يحصل لها من التلقي ما حصل لمعظم الكتاب".
وقد عُرف نوع من المصنفات عند أهل الحديث ب "النُكَت" أي الملاحظات النقدية، فانتقد الحافظ السيوطي كتاب الأذكار للإمام النووي في كتاب "تحفة الأبرار بنُكَت الأبرار" وانتقد الحافظ ابن حجر شيخه الحافظ ابن الصلاح بكتاب "نُكَت ابن الصلاح"، وانتقدهما تلميذ ابن حجر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب "النُكَت الوفية بما في شرح الألفية". ومن الجدير بالملاحظة هنا نقد التلميذ لشيخه ونقد تلميذ التلميذ لشيخه ولشيخ شيخه، مع كامل الاحترام والثناء والإجلال والأدب والمحبة.
والمقصود هنا هو الإشارة إلى وجود ثقافة "النقد" لدى أهل علوم الإسناد بخلاف ما تدعيه مغالطات من يسعى إلى "نقض" هذا العلم.
بل إن علم الجرح والتعديل مداره على نقد رجال السند وفق معايير عالية الدقة مع وجود مساحات من الاختلاف في تطبيقها.
وهذا ما لا يخفى على من درس أوليات هذا العلم.
وهنا يأتي خَلْطٌ آخر بين أهمية احترام التخصُّص ونسبة الكهنوت إلى علماء المسلمين، فالتخصص والدراسة القائمة على التحقيق من أهم شروط النقد الموضوعي المحترم، بينما الأمر المرفوض في الشريعة المطهرة هو الحجر على العقول ومنع النقد الموضوعي والتزام الطاعة العمياء، أو اتخاذ الكهنوت مسلكًا أوحدًا للمغفرة.
نعم يوجد في كل عصر من تعصَّب في نظرته، أو بالغ في تعبيره عن تبجيل أئمة هذا العلم، وهم أهلٌ لكل احترام وتبجيل، غير أن المنهج الراسخ المعتمد هو ما تم توضيحه في هذه الأسطر.
ولهذا فنحن بحاجة إلى الخروج من تطرُفَي الجمود والتعصب، والتهور في النقد بغير تخصص ولا دراسة موضوعية.
وأما ما يتكرر طرحه من اعتماد العقل والأخلاق معيارًا في قبول النص ورفضه ففيه تفصيل:
1. عبارة "المقبول والمرفوض عقلاً" يقع فيها خلط بين "المستحيل عقلاً" و"المستحيل عادة".
فالمستحيل عقلاً هو ما لا يمكن حدوثه إطلاقًا؛ ومثاله وُلوج الكبير في الأصغر منه دون أن يصغر الكبير أو يكبر الصغير، فهذا من المستحيل العقلي الذي لا تُقبل الرواية إذا جاءت به على نحو قاطع.
وأما "المستحيل عادة" فهو ما يتخيل الإنسان استحالته بسبب رفض نفسه قبول إمكانية حدوثه، لعجزها عن تصور إمكانية حدوثه ولعدم اعتيادها عليه،
ومثالُه إمكانية التواصل في نفس الوقت بين اثنين في بلدين مختلفين عبر الشبكة مع إمكانية مشاهدة كل طرف للآخر، أو إمكانية السفر من بلد إلى آخر بِقطْع آلاف الأميال خلال ساعات محدودة، فهذا كان بالنسبة إلى أجيال سابقة من ضرب المستحيل، لكنه من المستحيل عادة وليس عقلاً، ومع ذلك فإننا إذا خاطبنا عموم أهل تلك الأزمان عن هذا الأمر فإنه سيجيبنا بقوله: "هذا مستحيل ولا يقبله العقل".
فهذا النوع من الرفض النفسي الذي يتوهم صاحبه بأنه لا يُقبل عقلاً وهو من "المستحيل عادة" لا يصلح أن يكون معيارًا لقبول النص ورفضه.
2. "عبارة المقبول والمرفوض خُلقًا" أيضًا فيها تفصيل، فهناك من الأخلاق ما هو ثابت مطلق الاستحسان لدى عموم البشر كالصدق والأمانة والوفاء، وهذا ما لا تُقبل رواية يُقطَع بمخالفتها لمقتضاه.
وهناك من الأخلاق ما هو نسبي متغير بتغير الثقافات والأزمنة، كتقنين الدعارة، فهو مرفوض خُلقًا لدى المؤمنين وكثير من غير المؤمنين، بينما هو حرية شخصية لدى آخرين، "مع كونه المُحفِّز الأول لتفشي تجارة الرقيق الأبيض".
ومثال آخر للخُلق النسبي أقرب إلى واقعنا اليوم: إعطاء المال لكل سائل "شحّاذ"، فهو داخل في خُلق الكرم وحسن الظن لدى البعض، بينما يراه البعض الآخر مُشجعًا على التواكل وانتشار العصابات التي تدير هذا النوع من السلوك، فهو بذلك غير مقبول أخلاقيًا.
وهذا النوع من الخُلق النسبي لا يمكن اعتباره معيارًا في قبول النص ورده.
وبقيت لدينا مشكلة التعامل مع هذا النوع من الهدم الذي يأتي في صورة التجديد، فإن الصراخ والسباب والمطالبة بالحبس والعقوبة ليست سبيل من يثق في حُجّته، كما أنها لا تفيد سوى زيادة الافتتان بشبهات المخالِف وانتشارها بين الناس.
ولكنّ التفنيد العلمي القوي في حجته، الهادئ في لهجته، الخلوق في عبارته، هو السبيل الأمثل لإفهام طالب الفهم، وإفحام طالب الهدم.
ولنتأمّل قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}.
فإذا كان هذا هو منهج القرآن وهدي المصطفى من بني عدنان صلى الله عليه وسلم في محاورة المخالِف في أصل الدين فكيف تكون محاورة المخالِف في فهم الدين؟
وأخيرًا..
الفرق بين "النقد" و"النقض" دقيق، فالأول يسعى إلى التقويم والثاني يعمل على الهدم.
اللهُمَّ اهْدِنا لِمَا اختُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإِذْنِكَ، إنَّكَ تَهدي مَنْ تشاءُ إلَى صِراطٍ مُستقيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.