قبل أيام غاب عنّا وعن الدنيا هذه أخ عزيز وغالي علينا جميعاً هو القاضي نصر صالح عبدان الربيعي بعد صراع مرير مع المرض ، عُرف نصر بدماثة أخلاقه وطيبة نفسه وهدؤه ومرونة معاملته . أنها مشيئة المولى عز وجل ونهاية حياتنا في هذه الدنيا ، تغمد الله الفقيد برحمته وجعل الجنة مسكنه وان لله وان اليه راجعون. في لحظة وداع عصيبة يوم الجمعة في الخامس من ديسمبر 2014م ، جمعت مئات الناس من محبي الفقيد وأهلة وأصدقائه وزملاءه في المهنة ، في مدينة صبر بمحافظة، لحج حيث روى الفقيد مثواه الاخير، كانت لحظة تذكرنا فيها مناقب هذا الرجل وما جمعنا به من علاقات تملؤها حياته المفعمة بالحب والاخلاص والوفاء كانت حياة هذا الانسان الذي تميز في علاقته وعمله كقاضي بكل ما تعنيه الكلمة من معني. تذكرنا واحداً من أنبل واصدق الرجال الأوفياء المخلصين لوطنهم ، الملتزمين بوظائفهم ، الصادقين في تعاملهم مع الاخرين، الاوفياء لواجباتهم العائلية والمجتمعية . كان فقيدنا نصر عبدان ينتمي إلى اسرة عريقة أسرة يحكى عنها كل خير ، عُرف جميع اعضائها بحسن الخُلق مثلت نموذجا للأسرة الممتدة، حيث كان كل افرادها الذين يتجاوزون الاربعين فرداً ذات يوما يجمعهم سقف واحد ، قلما نجد هذا النمط من الاسر في زمننا الراهن. كان القاضي نصر صالح عبدان المنتمي الى هذه الاسرة الكريمة هو اصغر اخوانه الاربعة وهم ( قائد رحمة الله وعبدالقوى وعبدربه , الله يطيل بأعمارهم ) ،كان قد اضطر للسفر الى الغربة وهو في سن مبكر لا يتجاوز عمرة العشرين تقريباً ولم يستمر في بلد المهجر طويلاً ، اذ لم يحالفه الحظ بالعمل فاضطر للعودة الي أرض الوطن رافضاً لواقع الغربة. عاد ليلتحق بالعمل التطوعي الجماهيري بالمنطقة في منتصف السبعينات وآبا الاّ ان يكون جندياً مخلصاً لوطنه، حيث التحق بالعمل الطوعي بالمنطقة مع مجموعة زملائه بعضهم احياء والبعض رحمهم الله ، حيث تولوا العمل في تأسيس اللبنات الاولى للتنمية بالمنطقة كمتابعة بناء المدارس وشق الطرقات وعمل المراكز الثقافية وانشاء صفوف لمحو الامية . وفي مطلع الثمانينات رُشح من قبل السلطة المحلية في مديرية يهر للالتحاق في الدورة التدريسية بمعهد الحقوق في مدينة عدن الذي يقوم في تأهيل القضاة قبل تأسيس كلية الحقوق، حيث كان قد رُشح لهذه المهنة التي تتطلب مواصفات محددة ، كانت تتوافق وشخصية الرجل . وعندما تخرج من المعهد التحق بالعمل القضائي كرئيس لمحكمة يهر الابتدائية (الجزئية) اول مؤسسة للضبط الرسمية في المديرية ، اذ تولى مع زملاءه بالمحكمة العمل القضائي وأمام القضايا المتراكمة والمتعددة في المنطقة كان ابى عادل قضايا عادلاً ومنصفا للحق ، هكذا عُرف عند الناس في المنطقة ، فصل في كثير في القضايا الجنائية والمدينة . ارتبط اسمة في اذهان الناس بالعدل والانصاف ، حينها كان الناس لا يعرفون طريق لطرح قضاياهم الاّ المحكمة نظراً لما يتمتع به من سمة وجديه في العمل واستمر رئيساً لمحكمة يهر لسنوات طوال حتي جاءت الطامة والنكبة الكبرى التي وقعت علي شعب الجنوب في 1994م عندما شن نظام صنعاء حرباً شرسة علي الجنوب والتي بموجبها دخل الجنوب في مرحلة جديدة في انتهاكات حقوق الانسان شرد أبناءه ونهبه ثرواته وتم وتطفيش وتوقيف الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين حيث كان ضمن الذين تم تحويلهم إلى محافظة صعده بهدف التطفيش ورغم كل ذلك مارس عمله بحيادية وتجرد تام لم تؤثر عليه تلك المعاملة ، وهناك احبوه الناس وتنقل بعد ذلك بين محاكم عدة رئيسا لمحكمة الحد – ومحكمة راس العارة ، وفي أي مكان حل فيه نصر كان قريبا لقلوب الناس . حول منزله في مرضه إلى مزاد يجمع الناس الذين حرصوا كثيراً على زيارته من محبيه وزملاءه للاطمئنان على صحته، وفي صاله العزاء في مدينة صبر اكتظ الناس خلال ثلاثة ايام لحضور العزاء كان نصر حاضراً بذكرياته ومواقفة وخلقة بيننا ، رحمك الله ابي عادل لقد كنت للحق عادلاً وللخلق نموذجاً.