تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    "سيتم اقتلاعهم من جذورهم": اكاديمي سعودي يُؤكّد اقتراب نهاية المليشيا الحوثية في اليمن والعثور على بديل لهم لحكم صنعاء    وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني يطلع نظيره الباكستاني على آخر مستجدات جهود إنهاء حرب اليمن    أخيرًا... فتيات عدن ينعمن بالأمان بعد سقوط "ملك الظلام" الإلكتروني    حوثيون يرقصون على جثث الأحياء: قمع دموي لمطالبة الموظفين اليمنيين برواتبهم!    شعب حضرموت يتوج بطلاً وتضامن حضرموت للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الإرياني: استهداف ممنهج وغير مسبوق للصحافة من قبل مليشيا الحوثي    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    الرئيس الزبيدي يعود إلى عدن بعد رحلة عمل خارجية    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجارب النووية الفرنسية في الجزائر: معاناة الصحراء مستمرة
نشر في عدن الغد يوم 15 - 02 - 2015

لا يمر تاريخ 13 فبراير/شباط في الجزائر من دون أن يستدعي الجزائريون تلك المشاهد المرعبة في منطقة رقان واينكر في ولاية أدرار في عمق الصحراء الجزائرية في العام 1960، حين أجرت فرنسا التجارب النووية التي عُرفت حينها باليربوع الأزرق، وما زالت آثار الإشعاعات النووية والبراميل المشعّة وبقايا المنشآت التي نُفذت فيها التجربة، شاهدة على الجرم الاستعماري الكبير.
عائلة كشاوي في مدينة رقان ما زالت تتوارث الألم والمرض، فعدد من أفراد العائلة أصيبوا بتشوهات خُلقية نتيجة الإشعاعات النووية في المنطقة. ويؤكد عبد القادر كشاوي في لقاء مع "العربي الجديد"، خلال حضوره ندوة نُظّمت في العاصمة الجزائرية حول التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، أن خمسة أفراد من عائلته مصابون بتشوّهات خلقية وأمراض نتيجة الإشعاعات النووية في منطقة رقان.
العائلة تقيم في منطقة بعيدة عن منطقة التجارب النووية والمغلقة من قِبل السلطات الجزائرية، لكن الغبار المتطاير والمتنقل بسبب العواصف الرملية في المنطقة الصحراوية، نقل معه الإشعاعات النووية، والتي لم تقتصر أضرارها على السكان فقط، لكنها انتقلت أيضاً إلى المزروعات والمياه والحيوانات. ولم تتمكن العائلة من تحصيل أي حق لمعالجة أفرادها، على الرغم من الملفات التي طرحتها على السلطات الجزائرية والفرنسية.
"
فرنسا قامت بسلسلة تفجيرات نووية في الفترة الممتدة بين عام 1956 وحتى عام 1967
"
ليست عائلة كشاوي وحدها الضحية، فهناك آلاف الضحايا للمحرقة النووية الفرنسية في الجزائر. ففي الفترة الممتدة بين عام 1956 وحتى عام 1967، قامت السلطات الفرنسية بسلسلة تفجيرات نووية، وكانت الحكومة الفرنسية حينها تحاول اللحاق بالنادي النووي الذي كانت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي ودول أخرى قد بلغته.
ويذكر المؤرخون المهتمون بالملف أن أكبر تفجير نووي، هو ذلك الذي نُفّذ في منطقة رقان في 13 فبراير/شباط عام 1960، والذي كان إيذاناً بتوصل فرنسا إلى امتلاك القنبلة النووية، ولو على حساب البشر والحجر والبيئة والأخلاق والأعراف الدولية، فلم تكن فرنسا مهتمة بما ستخلّفه هذه التجارب من إشعاعات نووية مدمرة على البيئة والسكان والمنطقة والمياه الجوفية، ذلك أن المسار الذي كانت تعرفه المواجهة المسلّحة مع جيش التحرير الجزائري، كانت تميل لصالح هذا الأخير، خصوصاً مع الدعم الدبلوماسي الدولي والضغط المتواصل على باريس للاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.
لكن الجرم الاستعماري لا يتصل ببقايا التجارب النووية على البيئة وآثارها عليها فقط، لكن الجرم الأكبر كان ذلك الذي مسّ الإنسان في المنطقة، فعلى امتداد الخمسين سنة الماضية، ظلت أجيال وأجيال من الجزائريين تتوارث أمراضاً خطيرة كالسرطان والتشوّهات الخلقية.
وبحسب الأرقام والدراسات التي أجراها باحثون وخبراء على المنطقة، فإن أكثر من 42 ألف جزائري، بعضهم استُخدموا كفئران تجارب، كانوا ضحايا هذه التجارب المؤلمة. لكن وزارة الدفاع الفرنسية كشفت عن رقم رسمي يُقدّر ب27 ألف ضحية، يشمل جميع قوات وموظفي الطاقة النووية الفرنسية وسكان المناطق المنكوبة في رقان وتمنراست جنوبي الجزائر.
إلا أن الأستاذ والباحث في الفيزياء النووية عبد الكاظم العبودي، وهيئة الدفاع عن الذاكرة في الجزائر، التي تعمل فيها المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، تُقدّر مجموع الضحايا ب60 ألف ضحية.
لا تختلف كل التقارير المتعلّقة بالتجارب النووية بالصحراء الجزائرية، لكن تجارب 13 فبراير/شباط 1960 ستبقى واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر.
وبرأي الباحث في الهندسة النووية عمار منصوري، فإن هذه التجارب "من أبشع جرائم الإبادة التي ارتكبتها فرنسا في سجلها الاستعماري في الجزائر"، مشيراً إلى أن الآثار السلبية لهذه الجرائم "لا تعني الجزائر وحدها، بل أفريقيا بكاملها، وخصوصاً الدول المجاورة لمنطقة الجنوب التي كانت حقلاً لهذه التجارب".
ولفت إلى أن أغلب الأمراض السرطانية المنتشرة في الجنوب الجزائري سببها "الانعكاسات والآثار السلبية لهذه التجارب"، الأمر الذي يستدعي مطالبة فرنسا بالإسراع في تحمل مسؤولياتها. واعتبر في هذا السياق أن فرنسا "مسؤولة أمام القانون الدولي وأمام الشعب الجزائري" عن ارتكابها هذه الجرائم.
"
الآثار السلبية للتجارب لا تعني الجزائر وحدها بل أفريقيا بكاملها وخصوصاً الدول المجاورة لمنطقة الجنوب
"
من جهته، أشار أستاذ القانون في جامعة الجزائر محي الدين محمد، إلى أن التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر هي "أكثر خمس مرات على الأقل" من تفجيرات هيروشيما في اليابان، مشدداً على أن فرنسا "مُطالَبة بتعويض مادي ومعنوي عن هذه الأضرار التي لحقت بسكان الجنوب". وأكد أن فرنسا "لا يمكنها التنصّل من مسؤولياتها تجاه جرائمها الاستعمارية، لا سيما بعد توثيق جنرالات الجيش الفرنسي هذه الجرائم في مذكراتهم الشخصية".
لم تغادر فرنسا المنشآت التي جرت فيها التجارب النووية حتى عام 1967، وهي لم تترك للجزائريين الخرائط المتعلقة بتواجد النفايات النووية، كما لم تقم بأي عمل من شأنه تنظيف المنطقة من الإشعاعات النووية. ولم تتمكن الحكومة الجزائرية على امتداد نصف قرن، من انتزاع أي موقف سياسي أو قانوني من فرنسا، سواء بالاعتراف بجريمتها على الصعيد السياسي وبما يترتب من مسؤولياتها في الإشعاعات النووية التي ما زالت تحيط بمنطقة رقان واينكر، ولا من الناحية القانونية، بما يتيح للضحايا الحصول على التعويضات اللازمة.
وحتى إقرار باريس بحق الضحايا في الحصول على تعويضات وفقاً لقانون تم إقراره قبل سنتين، وضع شروطاً قاسية على الضحايا للحصول على تعويضات، بينها إثبات بالأدلة الطبية أن الامراض المتوارثة والعاهات التي تعرضوا لها، تتصل بمخلفات الإشعاعات النووية.
تطلب باريس أدلة تثبت إصابة الضحايا بعاهات نتيجة الإشعاعات النووية، لكن جريمتها الثابتة والمثبتة بالوثائق والأدلة التي ينطق بها البشر والحجر، لا تستدعي بحسبها أي اعتراف أو جهد لتنظيف المنطقة من بقايا الإشعاعات النووية، فلباريس منطق آخر غير ما يقتضيه المنطق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.