يقول المثل الشعبي : الدنيا يوم لك ويوم عليك .. ودوام الحال من المحال : ويكاد يكون هذا بمثابة قانون يحكم اوجه الحياه المختلفة كلها . هناك امم كانت لها حضارات بزغت وعظمت لكنها ذبلت وانتهت , ويعلمنا التاريخ ان امبراطوريات توارت وانكمشت سلطاتها الى ادنى الحدود . وفي السياسة نلحظ صعود الحكام وافول نجومهم بدرجة شديدة الايحاء بان الحاكم قد يكون في قمة الاحداث وفي مقدمة صفحات التاريخ . لكنه لا يستمر على هذا الحال لان منطق السياسة قد يؤدي به الى زوايا الاهمال والنسيان .. والمشهد السياسي اليمني في أي مرحلة تاريخية لا يشذ عن هذا التصور من الصعود والهبوط والتلاشي لمن ما رسوا الحكم وامتلكوا السلطة وخصائصها وكل مقوماتها , وعلى الأخوة في التجمع اليمني للإصلاح ان لا يتحسسوا من اوضاعهم واحوال الاخرين . وان يدركوا حقائق السياسة والحكم على ضوء الوقائع والمتغيرات . فهي تقوم على موازين قوى متغيره ومتحركة قد يعجز الخيال البشري تصور ابعادها بالكامل ومتابعتها بدقة واخضاعها للحسابات المحسوسة .. عليهم ان يحسموا قراءة الاشياء ويستكينوا لمعطياتها وقوانينها الا متناهيه التي تحكم لحظات الزمن السياسي المختلف عن زمن الاحداث والتحولات الاخرى .. فالأوضاع السياسية هكذا تكون احوالها ( لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك ) فلسياسة سلطان وهو لا يخضع لرؤى الإيديولوجية ومبادئها ومتطلباتها . وهذا يتطلب من الأخوة في التجمع اليمني للإصلاح ان يعيدوا حساباتهم ويتحركوا لا ان يتوقفوا عند نفس النقطة بنفسية المحبط اليائس . وان يقدموا التنازلات الضرورية حتى ولو كانت موجعه ومكلفة . مقابل ان تبقى له علاقة ايجابية بالناس ومصالحهم وتطلعاتهم بدلا من البقاء اسيرا ( للخبطات ) الماضي واوهامه ومشاغله فالماضي احداث وقضايا واوضاع تمت .. والمستقبل وحده هو الزمن الاكثر قابلية للتأثير فيه وصناعته . وهو كجماعة سياسية يجب عليه ان يكون لصيق ايجابي للأحداث يتقن فن التعامل معها لصالح اوسع قدر ممكن من فئات الشعب حتى ولو كانت على حساب مصالحه الخاصة . وتطلبت منه نضالا وتضحيات لا حدود لها .. اما الأخوة في التنظيم الوحدوي الناصري نحب ان نذكرهم بان نصف معارك عبدالناصر التي دخلت التاريخ كانت مع جماعة الاخوان المسلمين . بعد ان فقد الامل نهائيا في امكانية جرهم الى مربع المصالح الشعبية وتطلعات وامال الشعب المصري العظيم في تلك المراحل التاريخية شديدة الخطورة والمخاوف . وحدث الافتراق الذي لا رجعة عنه .. وهدا ما يدركه ويعيه جيدا الناصريون والاخوان المسلمين معا حتى هذه اللحظة , وسوف يظل هدا الوضع ملازما لهم حتى مراحل متقدمة في اعماق المستقبل من نواحيه الإيديولوجية والسياسية .. وعلى التنظيم الناصري الى جانب هذا وبذكاء قادر على الابداع ان يندمجوا مع الحاضر والمستقبل بعقليات جديده بل الزمن الذي نحن فيه بكل ظروفه ومتطلباته .. فالأمور قد تغيرت وعليهم ان يتغيروا ان ارادوا حقا ان يؤثروا في الاحداث ويكونوا تعبيرا عن جماهير وقوى اللحظة .. وما تراجع الامتداد الشعبي للتنظيم الا تعبيرا عن تجسيده لجماهير عصر مضى ومصالح قد تغيرت بأخرى تحتاج الى تحليل اخر ووسائل تتناغم مع هدا العصر شديد التطور والتغير .. ونود الإشارة الرفاق في الحزب الاشتراكي اليمني الدي يجب عليه هو الاخر ان يتغير وان يجدد من ألياته التنظيمية والفكرية والسياسية وعلاقته المباشرة بالجماهير والتي لا يكاد ان يكون لها اساس حي في الواقع السياسي الراهن . عليهم ان يدركوا ان المنظومة الاشتراكية الدولية قد تفككت ولم يعد لها أي وجود من أي نوع او وزن .وان الحرب الباردة بقواها وتحالفاتها قد انتهت . وان قضايا الوطن والمشكلات الشعبية التي تنتظر منهم مواقف وحلول لها ابعاد ومواقع وطنية هي في اليمن وليست في السماء او مكان اخر . عليهم ان يخضعوا فكريا وسياسيا للواقع اليمني الحي الذي ينتظر منهم أي مبادرة فعالة واي انجاز مفيد .. ونذكر هنا بما كان قد قاله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ( لم ننهمك في النظريات بحثا عن واقعنا بل ننهمك في واقعنا بحثا عن النظريات ) .. والى كل الاحزاب والقوى السياسية أرى بان عليها ان تغادر ساحة القفز على الحقائق بالمبالغة عن مدى وحجم فاعليتها واثرها في صنع الوقائع وتوجيه الاحداث وبمنطق لا يخلوا من الاستكبار ونفسية التعالي على الاخرين . نقول ليس هناك احزاب كبيره واخرى صغيره . وانما هناك احزاب غنية واخرى فقيرة وفق حقائق السياسة والتي تؤكد ان الاحزاب الصغيرة لو امتلكت امكانيات الاحزاب الكبيرة وبالذات من النواحي المالية فإنها ستكون اكثر فاعلية وتأثير وشعبية من شقيقاتها الاحزاب الكبيرة وسوف تتجاوزها مراحلا ومواقف وعلى الاحزاب التي تقول انها كبيرة ان لا تغتر وان لا تبني سياساتها وعلاقاتها بالأحزاب الاخرى على اساس من الاقصاء وعدم التقدير لان ذلك يضر بمبدأ الشراكة السياسية بحسب الكم المتغير . وليس الكيف الثابت الدي يكون غالبا اكثر قربا من الحقائق والتطلعات .. وعلى الجميع من القوى السياسية والحزبية وغيرهما من قوى الفعل في المشهد السياسي اليمني القبول بمبدأ الشراكة العادلة . وتقديم التنازلات المطلوبة للخروج من الازمة القائمة بحلول تجنب الوطن والمواطن معاناة الاحتقان السياسي القائم بعيدا عن حوار ( فرض الارادات ) الدي نلمسه حاليا في موفمبيك صنعاء .. ومن هذا المنطلق نؤكد بشدة اننا مع ضرورة ان تكون تلك الحلول يمنية – يمنية خالصة . ونرفض من حيث المبدأ نقل الحوار الى خارج اليمن أي كانت المبررات من وراء ذلك ...