إلحاقا بالحلقتين الماضيتين حول حلقات تدمير الجيش اليمني نقول إنه من خلال قراءة متأنية لتصرفات جماعة الحوثي وما أفرزته تلك التصرفات الرعناء أصيب الجيش اليمني بحالة من التمزق والانكسار بل وصل الحد في بعض وحدات الجيش إلى دخولها مربع الضبابية بحيث لم تعد تميز بين الواجب الوطني والمصلحة المليشاوية للأسف الشديد!! إذ كيف نقرأ نفسية المقاتلين من الجيش – على سبيل المثال في عدن الأبية – يقوم الجندي بقتل مواطنين في بيوتهم وفي محلاتهم وحتى في الطرقات بدون أدنى سبب يذكر ؟ هذا التصرف ناتج عن ضياع اتجاه البوصلة العسكرية بل وانحراف في عقيدة الجيش التي من المفترض أن تكون راسخة في حماية المواطنين والسيادة الوطنية وليس العكس !! لكن لو تأملنا في الأسباب التي بدورها وضعت الجيش في غير موضعه الحقيقي – والتي أوصلت الجيش اليمني إلى مربع التدمير – لوجدناها في الشعارات التي رفعتها جماعة الحوثي مثل ( عدالة القضية الجنوبية – ورفع الظلم عن الجنوب – وإعادة الحقوق إلى أهلها إلى آخر تلك الشعارات التي كانت حقا في الظاهر و يراد منها باطلا على ارض الواقع !!
كم تغنى الحوثيون بعدالة القضية الجنوبية وضرورة إنصافهم وما إن استولوا على السلطة بقوة السلاح حتى اشبعوا الجنوب والجنوبيين قتلا واعتقالا وتدميرا !!!! وهذا ما خلق لدى الجيش نوعا من الانفصام في الشخصية العسكرية والعقيدة القتالية !!
تغنى الحوثيون بتطهير الفساد والمفسدين ورفع الظلم عن المواطنين وإذا بهم يوغلون في الفساد من أخمص أقدامهم المتسخة حتى مفرق رؤوسهم المعفنة ، وإذا كان الفساد قبل انقلاب الحوثي يمثل 40% فقد وصل في عهد ( المؤمنين الصادقين ) إلى 200% !! وإذا كانت سجون اليمن في عهد ماقبل المسيرة ( الطاهرة المطهرة من كل ماهو طاهر ) تحتوي على العشرات ومنها على المئات في السجون الكبيرة – المركزية على سبيل المثال- فقد بلغت في عهد ( الأخيار ) الآلاف من السجناء الأبرياء رجالا ونساء وأطفالا ، ولا غرابة في ذلك فهم ( الحوثيون ) يطبقون السيناريو الذي حدث في العراق الشقيق !!!
كل هذه التصرفات – التي تعكس خلو عقلية الحوثي من شيء اسمه ( تقبل الآخر ) أعمت صوابه مما جعلته يتصرف كتائه في صحراء قاحلة يلهث وراء السراب ويدفع بالجيش إلى مثواه الأخير وهو المشهد الأخير من عملية تدمير الجيش اليمني !! .