البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    ماذا تعني زيارة الرئيس العليمي محافظة مارب ؟    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    كأن الحرب في يومها الأول.. مليشيات الحوثي تهاجم السعودية بعد قمة الرياض    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    استشهاد 23 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يحارب من في الجنوب.. ولماذا ؟
نشر في عدن الغد يوم 14 - 04 - 2015

في ظل تداعيات الأحداث المؤسفة التي وصلت لها الأطراف السياسية والقوى والمليشيات التي تتبعها في إطار مايسمى الجمهورية اليمنية والتي تزداد تركيبا وتعقيدا مع مرور الأيام وتزامنا مع مايسمى عاصفة الحزم التي تقوم بها مجموعة من دول الإقليم والعالم بمباركة واسعة من الجامعة العربية ومجلس الأمن وبالنظر إلى طبيعة الوضع الشائك والمعقد في الجنوب فقد اختلطت المفاهيم والأوراق السياسية والوطنية الأمر الذي ألقى بظلاله على طبيعة الصراع الذي يدور الآن لاسيما على الجغرافيا السياسية للجنوب .
وانطلاقا من كل ذلك فان سؤالنا الملح في هذه اللحظات التاريخية هو ( من يحارب من في الجنوب ؟ ولماذا ؟ وكيف ترون المآل ؟ ) وقد توجهت به إلى نخبة من المهتمين حيث تم استلام إجاباتهم كل حسب ماطرأ في ذهنه من وعي اللحظة وكما تم استعراض ردود كل من الاستاذ انور الرشيد والاستاذ علي باثواب و د. نجيب ابراهيم سلمان في الحلقة السابقة فأنه يطيب لي ان اخصص هذه الحلقة للقاضي الشاب ذو القلم الرائع والاسلوب التحليلي الجميل الاستاذصلاح راشد الذي افاض في الاجابة على النحو التالي :
مساهمة في الإجابة عن سؤال:
من يحارب من في الجنوب؟ ولماذا؟ وكيف ترون المآل؟
فالسؤال المطروح مركب من ثلاثة أسئلة أو محاور هي:
من هي أطراف الحرب الدائرة حالياً في الجنوب؟
ما هي أسباب وأهداف تلك الحرب؟
ما هي المآلات المتصورة لتك الحرب؟
وأوجز محاولة الإجابة على تلك المحاور الثلاثة على النحو الآتي:
أولاً: من هي أطراف الحرب؟
لما كان السؤال بمحاوره الثلاثة ينصب حول الحرب (أطرافها، أسبابها، مآلاتها) فإن الإجابة عليه تقتضي بنظري معرفة مفهوم الحرب باعتبار ذلك التحديد سيمثل منطلقاً أساسياً للإجابة على السؤال المطروح بمحاوره الثلاثة، حيث أن هناك تمايز بين مدلولي الحرب والقتال طبقاً لما شهدته البشرية من تطور في وسائلهما وأدواتهما خلال الثلاثة القرون الماضية، بحيث صارت معها الحرب عبارة عن صراع بين إرادات، طرف يريد أن يفرض إرادته على طرف، وهي بذلك ممارسة للسياسية بوسائل أخرى ومن ثم فهي مسألة أخطر من أن تترك للعسكر، فالحرب أصبحت مجهوداً شاملاً في حشد الموارد وفي التخطيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، أهم بكثير من حشد الجيوش ومن دبابات تتصادم مع دبابات ، ومدافع ترد عل مدافع، وطائرات تسابق طائرات ، ورشاشات ترد على رشاشات في ميدان القتال...الخ وتبعاً لهذا التمييز بين مفهومي الحرب والقتال فإنه ليس بالضرورة أن يكون كل من يشارك في القتال طرفاً في الحرب، والعكس صحيح أيضاً فليس بالضرورة أن يكون كل طرف بالحرب مشاركاً أو طرفاً بالقتال على الأرض، ولكن لا يستطيع أن يفرض إرادته بالحرب إلا من كان طرفاً فيها، وتبعاً لهذا المفهوم، فإن الحرب الدائرة بالجنوب لها طرفين رئيسين يحشد كل منهما موارده وقدراته وإمكانياته ويضع خططه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لفرض إرادته على إرادة الطرف الآخر، وصراع الإرادات هذا اتخذ صورة حلفين متصارعين في تلك الحرب وفي إطار كل منهما إرادات عدة يجمع كل منها أهداف عامة مشتركة اقتضتها وأوجدتها مصالح وأهداف خاصة بأطراف كل حلف على حدة، وهذان الحلفان هما:
دول تحالف عاصفة الحزم والأطراف الدولية والمحلية الداعمة والمساندة لها..
تحالف صنعاء المتشكل من جماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح وشركائهما وهي معظم شرائح ومكونات المجتمع بالشمال بالإضافة للأطراف الأخرى المساندة والداعمة لهذا التحالف داخلياً وخارجياً..
ويأتي شعب الجنوب كطرف في القتال الدائر على ارض الجنوب في مواجهة قوات حلف صنعاء القديم المتجدد، ويسعى من خلال ذلك أن يكون طرفاً في الحرب ليفرض إرادته على الطرفين المتصارعين، حيث وجد نفسه مقحماً بذلك القتال دون سابق تفكير أو إعداد أو تهيئة أو تخطيط، ودون أن يكون له علاقة سببية في إنتاج أسباب تلك الحرب المباشرة، المتمثلة في الصراع على السلطة بين أطراف الحكم المتصارعة في صنعاء، وإن كانت تلك الحرب تمثل من حيث مضامين أهدافها وغاياتها بالنسبة لحلف صنعاء امتداداً لأهداف وغايات حرب احتلال الجنوب المستمرة منذ 1994م، إلا أنه ما كان لها أن تحدث بالكيفية والتوقيت اللذان يتحكمان بمسارها وتداعياتها على الأرض حالياً، لولا الخطوة التي أقدم عليها الرئيس هادي بالفرار بأزمة حكمه لصنعاء إلى عدن وفق مخطط إقليمي ودولي لإفشال مخطط تحالف صنعاء الجديد في إعادة سيطرته على حكم اليمن شمالاً وجنوباً.. لذلك فيمكن القول بكل أسف بأن الوضع الذي زج فيه شعب الجنوب بالحرب وفقاً لظروفها ومعطياتها الراهنة حتى الآن، جعلته أقرب ما يكون طرفاً في القتال الدائر على أرضه من كونه طرفاً في الحرب طبقاً لمفهومها الحديث السالف ذكره..
وتبقى التأكيد بالنسبة للحديث عن أطراف الحرب، على حقيقة أثبتتها حقائق التاريخ وتجارب الإنسانية المتراكمة على مر العصور، وهي أن الحروب تجلب معها وتجذب كل الأعداء والخصوم والمنتقمين والمرتزقة والمتكسبين...الخ إلى أطرافها في مواجهة الطرف الآخر، وهذا ما نراه أو سنراه بشأن الحرب الدائرة على الجنوب، من خلال انضمام مثل تلك الطوائف إلى الحرب...
ثانياً: ما هي أسباب وأهداف تلك الحرب؟
المعلوم أن أسباب وأهداف الحرب تتعدد بتعدد أطرافها والمنضوين تحت لوائها، وتبعاً للتحديد السابق للأطراف يمكن تحديد أسباب وأهداف كل منهم فيها على النحو الآتي:
1 بالنسبة لدول تحالف عاصفة الحزم: فتتمثل أسباب وأهداف الحرب بالنسبة لهم في حماية مصالحهم الإستراتيجية وأمنهم القومي من خطر ومخاطر سيطرة جماعة الحوثي الشيعية المدعومة إيرانياً على حكم اليمن شمالا وجنوبا الذي يطل على أهم ممر دولي متمثل بمضيق باب المندب وشريط ساحلي يطل على بحر العرب والبحر الأحمر، وشريط حدودي بري شاسع مع المملكة العربية السعودية وعمان.. إذن فالسبب الحقيقي للحرب بالنسبة لدول التحالف الدولي هو حماية مصالح وأمن المنطقة والعالم من التهديد الذي يشكله سيطرة جماعة طائفية على اليمن، والذريعة التي تغطي شرعية ذلك التدخل هو حماية شرعية الرئيس هادي وحكومته من انقلاب جماعة الحوثي وصالح وشركائهما وتمردهم على تلك الشرعية، وحفظ أمن اليمن ووحدة أراضيه من التمزق والاحتراب الأهلي والطائفي، من خلال إعادة النظام الشرعي للحكم وإنهاء التمرد والانقلاب عليه، والحقيقة أن دول التحالف الدولي تدرك بأن تلك الذريعة أي الهدف المعلن، ليس الهدف الواقعي القابل للتحقق على الأرض لحماية أمن ومصالح أطرافه الإستراتيجية، وإنما هو إعادة تأسيس نظام حكم موالٍ ومتحالف مع تلك الدول بما يؤمن مصالحها وأمنها في المنطقة بعيداً عن نفوذ وتهديد خصومها الإيرانيين وحلفائهم، أي بمعنى آخر أن ذلك النظام الحليف المطيع هو الوسيلة العملية الممكنة لتحقيق الهدف الحقيقي لدول التحالف، وليس إعادة هادي للحكم بعد أن تأكد لها يقيناً بأن الرجل قد احرق كروته كافة واثبت فشله وضعفه في كل المجالات السياسية والإدارية والأمنية والعسكرية، بما لا يصلح معه إلا كغطاء لمشروعية الحرب اقتضته الضرورة مؤقتاً فقط..
2 بالنسبة لأهداف وأسباب الحرب لشعب الجنوب: الحقيقة أن شعب الجنوب يواجه مشكلة ومعضلة كبرى في هذه الحرب، لأسباب عدة، منها أن هذه الحرب بتوقيتها وتداعياتها الراهنة فرضت عيه اضطراراً وقسراً دون سابق إعداد أو تهيئة وتخطيط، وصحيح أنه يخوض حرباً مستمرة مع احتلال صنعاء له منذ عشرين سنة ماضية إلا أن أدوات ووسائل تلك الحرب مختلفة عن الحرب الراهنة فوسائلها وأدواتها سلمية (جماهيرية، سياسية) ولأنه صار بنظر قطاع واسع من الشعب الثائر بالميادين والساحات طيلة ثماني سنوات، أن أدوات ووسائل النضال السلمي لم تجد نفعاً في مواجهة بطش وجبروت أدوات الاحتلال الأمنية والعسكرية، حتى كاد يتسرب اليأس والملل إلى نفسه من تأخر وتعثر أهداف ثورته بتحرير أرضه واستعادة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، لذلك فقد كان لحدث فرار هادي من صنعاء إلى عدن وشروعه وبدعم دولي وإقليمي، بإجراء بعض الترتيبات الأمنية والإدارية التي تقلص من نفوذ وسيطرة أدوات الاحتلال الأمنية والعسكرية على عدن ومحافظات الجنوب، مثل ذلك بارقة أمل في ظلام الإحباط والملل المخيم على سماء الجنوب، وهو ما جعل المزاج العام المحبط يبني عليها أمالاً وطموحات كبيرة وبعيدة، فكانت عملية السيطرة على معسكر الأمن المركزي بعدن الذي سام الجنوبيين سوء العذاب والتعذيب والإذلال، بمثابة الشعلة التي أوقدت نور الأمل ونار الثورة في الضمائر والوجدان وإعادة الثقة بالنفس والرغبة مجددا للخلاص من جميع أدوات ووسائل الاحتلال واجتثاثها من على كل ارض الجنوب، يضاف إلى ذلك ما تكنه بعض الفئات والشرائح الاجتماعية من عداء طائفي ومذهبي لجماعة الحوثي الشيعية..
لكل هذه الأسباب وجد شعب الجنوب نفسه مضطراً لخوض غمار تلك المعركة غير المتكافئة عدة وعتاداً مع قوات الغزو الشمالي، رغم فرار المتسبب فيها وانهيار منظومته العسكرية والأمنية والإدارية الهشة في الساعات الأولى للمعركة.. والمعضلة الأخرى التي تواجه شعب الجنوب في هذه المعركة، هي تعارض أهدافه وأسبابه فيها مع أهداف وأسباب دول تحالف عاصفة الحزم كما سيأتي الإشارة إلى ذلك..
3 أسباب وأهداف الحرب بالنسبة لتحالف صنعاء: هذا التحالف هو من بدأ بشن الحرب على الجنوب بتاريخ 21 مارس 2015م متخذاً من محاربة الجماعات المتطرفة ومليشيات هادي المتمردة عن شرعية ما يسميه ثورة 21 سبتمبر2014م ومهاجمتها لمعسكرات الأمن والجيش بعدن ولحج وأبين والضالع وشبوه، ذريعة لشن تلك الحرب، وإخفاء الأسباب والأهداف الحقيقية لها المتمثلة في تأمين استمرار سيطرة صنعاء وحلفها القديم المتجدد على الجنوب المستمر منذ 1994م وفق دعوى وحدة الأرض والإنسان وعودة الفرع للأصل، واستكمالاً لمشروع إعادة السيطرة على حكم اليمن شمالا وجنوبا من قبل شركاء حلف صنعاء الذي تجدد مؤخراً بحلول جماعة الحوثي الشيعية مكان جماعة الإخوان المسلمين السنية، ليتخذ ذلك التحالف بعداً ورداءً طائفياً مذهبياً بالإضافة إلى طابعه الأسري القبلي السابق، وكان الباعث لشن الحرب بذلك التوقيت هو القضاء والتخلص من المخاطر التي باتت تهدد استمرار احتلالهم للجنوب، المترتبة تلك المخاطر عن هروب هادي إلى عدن وإقدامه على بعض الخطوات التي تنصب حول التخلص من نفوذ صنعاء العسكري والأمني في عدن والجنوب، وهو ما سيؤدي إلى تمكن ثورة الحراك الجنوبي من فرض سيطرتها وتحقيق أهدافها، وهذا اقتضى التحرك السريع لشن الحرب قبل حصول تلك المخاطر التي ستفشل مشروع ذلك الحلف في الشمال والجنوب معاً.. هذه كانت أهداف وأسباب حلف صنعاء لشن الحرب الراهنة على الجنوب..
ثالثاً: المآلات المتصورة للحرب:
سأحاول جاهداً إيجاز قراءتي الشخصية لتك المآلات تبعاً لأسباب وأهداف أطراف الحرب السابق ذكرها وفقاً لمعطيات الواقع الراهن على النحو الأتي:
1 بالنسبة لأهداف دول تحالف عاصفة الحزم: فتدل معطيات الواقع أنها صعبة المنال، ذلك أن إعادة تشكيل نظام سياسي لليمن موالٍ وخاضع لدول تحالف عاصفة الحزم، يقتضي عملياً إبعاد جماعة الحوثي وصالح من المشهد السياسي اليمني وهذا بدوره يقتضي هزيمتهما عسكريا على الأرض ونزع قوتهما العسكرية، وهذا لن يتحقق عملياً بالضربات الجوية ومحاصرة مصادر التموين والتسليح الخارجي وحدة، بل يتطلب جيشاً يقاتل ويسيطر على الأرض، وهذا غير ممكن تبعاً لعدم وجود جيش أو مليشيات مسلحة ومدربة تابعة لهادي أو للتحالف الدولي على ارض الواقع، والتدخل البري الشامل مستبعد لأسباب كثيرة لا مجال لسردها هنأ، ولا توجد حالياً مليشيات شعبية تقاتل على الأرض إلا لجان المقاومة الشعبية والقبلية الجنوبية وحلف قبائل مأرب الذي يتخذ موقف الدفاع عن محافظته فقط، ومن ثم فالإمكانية لنجاح أهداف التحالف في فرض أمر واقع لصالحه، تقتصر على محافظات الجنوب فقط متى تم إسناد المقاومة الشعبية فيها بالإمكانيات اللازمة لدحر عدون حلف صنعاء أو بإنزال بري محدود في عدن أو حضرموت، وتحقيق ذلك لن يفيد دول التحالف إلا بتحسين موفقها وشروطها التفاوضية مع حلف صنعاء للوصول إلى تسوية سياسية تستوعب بعضاً من شروط وخيارات كل طرف، وهذه تسوية لن تكون مرضية للطرفين ولن تنتج حلاًً للمشكلة خصوصاً قضية شعب الجنوب التي باتت تقف حجر عثرة أما نجاح أي تسوية سياسية لأزمة نظام الحكم في صنعاء.. هذا ما توحي به معطيات الواقع حتى الآن بشأن مآل أهداف التحالف الدولي في الحرب الدائرة ما لم يستجد ما يغير كل التوقعات وهذا قد يبدو شبه مستحيلاً...
2 بالنسبة لأهداف حلف صنعاء: معطيات الواقع تشير إلى أن سيطرتهم ونفوذهم التقليدي على الشمال سيستمر، ولا توجد شواهد حالياً توحي بأن ضربات التحالف الدولي ستزعزعه أو ستقضي عليه، خصوصاً في مناطق النفوذ الزيدي التاريخي(صعدة، صنعاء، عمران، ذمار، حجة، المحويت) ففي أسوأ التوقعات لن يفقدوا نفوذهم في هذه المحافظات وسينطلقون منها لتأمين سيطرتهم على بقية محافظات الشمال التي لن تستطيع حسب حقائق الجغرافيا والتاريخ أن تحقق استقراراً بمعزل عن مناطق النفوذ الزيدي تلك، أما بالنسبة لهدف تأمين استمرار سيطرة صنعاء على الجنوب، فلن يتحقق حتى مع قدرة قواتهم من إعادة انتشارها وتمركزها في محافظات الجنوب الست، فقد انطلق مارد المقاومة الشعبية والقبلية بخلفياته الوطنية والسياسية والمذهبية والاجتماعية ولن يعود إلى قمقمه كما كان من سابق، بل سيستمر بالرفض والمقاومة ولو بصورة محدودة ومتقطعة، هذا على فرض نجاح حلف صنعاء بإعادة ترتيب وتموضع قواته مرة أخرى في محافظات الجنوب، ذلك أن المؤشرات الراهنة ترجح عدم قدرته على ذلك خصوصاً أن التحالف الدولي لن يرفع راية الهزيمة بالشمال والجنوب معاً أمام قوات حلف صنعاء بل سيظل داعماً لدحر قوت حلف صنعاء من محافظات الجنوب لتحسين أي موفق تفاوضي له مع ذلك الحلف مستقبلاً..
3 بالنسبة لأهداف شعب الجنوب بالحرب: في الحقيقة أن شعب الجنوب يعد بالنظر للمعطيات الراهنة أضعف الأطراف المشتركة بالحرب والقتال تحت راية تحالف عاصفة الحزم، قدرة على فرض خيارات إرادته، رغم أنه يعد أقوى تلك الأطراف على الأرض لما يمتلكه من قضية عادلة ومشروعة ومن إرادة شعبية متماسكة فضلاً عن كونه يقاتل في وعلى أرضه، ومن ثم فهو فرس الرهان بالنسبة للتحالف الدولي في تحقيق ولو الحد الأدنى من أهدافهم في الحرب، ولكن تحيط بأهداف وخيارات شعب الجنوب إشكاليات ومخاطر عدة، يرجع مصدرها إلى سبب واحد هو عدم امتلاكه الممثل الشرعي عن أهدافه وغاياته بتلك الحرب في مواجهة أطرافها الآخرين، فلا توجد أداة قيادية(سياسية وميدانية) تعبر وتمثل عن ذلك وترتقي بأهدافه وخياراته ليكون طرفاً حقيقياً في الحرب لا مجرد طرف رئيسي في القتال تجعله مجرد أداة بيد التحالف الدولي لفرض أرادته بالحرب على الطرف الآخر، كما هو حاصل حالياً على الأرض، والمأزق الخطير في هذه المشكلة أن أهداف وغايات الحرب لدى التحالف الدولي تتعارض مع أهداف وغايات شعب الجنوب بتلك الحرب، بل ولا يقف الخطر عند ذلك، بل يتعداه إلى أن أهداف التحالف الدولي المعلنة والتي بموجبها يسعى لاستصدار قرارات أممية عقب صدور قرار بها من جامعة العربية، تنسف أسس شرعية ومشروعية قضية الجنوب وأهداف ثورته باستعادة وطنه ودولته المستقلة، في حال نجح التحالف في تحقيق تلك الأهداف بواسطة شعب الجنوب الذي يقاتل على الأرض تحت راية تلك الأهداف المتمثلة في حماية واستعادة شرعية نظام صنعاء والحفاظ على سلامة ووحدة أراضي اليمن، وصحيح أن تلك الأهداف المعلنة ليست هي الأهداف الحقيقة كما سبق الإشارة إلى ذلك، إلا أن دول التحالف جعلت منها وسيلة وغطاء لتحقيق أهدافها الحقيقية، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تمنحها الشرعية في تحقيق تلك الأهداف وبالتالي فلن تتخلى عن وسيلتها وغطاء شرعية حربها تلك، إلا متى وجدت عدم فاعليتها مع وجود وسيلة أخرى تحقق أهدافها، ومن ثم فشعب الجنوب وحده من يستطيع إثبات عدم صحة وفاعلية ذلك الشعار(الذريعة) الذي يتخذه التحالف الدولي غطاءً لحربه، فإن استمر شعب الجنوب بالتماهي معه والتغاضي عليه فسيجد نفسه عند حصاد ثمار الحرب مجرد متبرع في القتال فيها نيابة عن التحالف الدولي دون أجر أو مقابل أو مصلحه، في حين سيجلس أطرافها الآخرون على طاولة التفاوض لفرض شروطهم على بعضهم تبعاً لما حققه كل منهم من مكاسب على الأرض بتضحيات ودماء شعب الجنوب الضحية في تلك الحرب.. لذلك فالمخرج من هذا المأزق هو ضبط شعب الجنوب لخطوات وأحداث المعركة على الأرض وسياسياً وإعلامياً بما يعكس للعالم حقيقة الأهداف والغايات التي لأجلها يقاتل في الميدان وبصورة واضحة وحاسمة مع أطراف التحالف الدولي، فهادي لا يمثل ولا يعبر عن تلك الإرادة الجمعية وخياراتها رغم ما تعرض ويتعرض له بل هو من وضع شعب الجنوب بهذا المأزق الراهن، ولعل أول تلك الخطوات تبدأ بإعلان التسمية الرسمية لفصائل المقاومة الجنوبية بجبهات القتال ورفع رايات وخيارات شعب الجنوب فيها، وتشكيل جبهة إعلامية وسياسية منظمة لإدارة الحرب داخليا وخارجياً، فلم يعد بتقديري مجال ولا مقام لنظريات التكتيك والمناورة بالأهداف والخيارات والمواقف والتضحيات، فقد أوصلنا ذلك إلى المأزق الخطير راهناً، مع بقاء إمكانية المناورة والتكتيك بالوسائل الممكنة حسب معطيات الواقع، باعتبار التكتيك والمناورة تكون بوسائل تحقيق الهدف وليس بالهدف ذاته..
هذا ما استطعت تسطيره وفي النفس والذهن الكثير مما يجب التحذير والتنويه منه قبل الوقوع بالكارثة وحتى لا نظل ضحية السلبية والضبابية وسط غبار المعارك والحروب المستمرة على الجنوب منذ عشرين سنة ماضية..
فائق التقدير والاحترام وخالص الدعاء بالتوفيق والسداد لشعب الجنوب العظيم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.