منذ اللحظة الأولى لإعلان الحرب الثانية على الجنوب لم تتوانى الآلات الإعلامية الفرعونية للعدو الحوثي والعفاشي في تسخير وظيفتها الحقيرة في تبرير عدوان تلك المجموعات الإرهابية الغازية وأعطاه الصبغة الشرعية ، عن طريق خطابات و برامج ولقاءات وسياسيين وأنصاف إعلاميين مدفوعين الأجر والقيمة ، ليستمروا في تجهيل العقول وفرك الأدمغة وقلب الحقائق وتزوير الوقائع وتقديمها في قوالب نتنة بأشكال وأحجام مختلفة لمشاهدين ارتضوا لأنفسهم ولعقولهم الإهانة والدناءة إن لم تكن هي وضيعه بالأصل ، مواصلة لخدمة مبدأ الفرعونية الذي سلكته هذه المليشيات القادمة من العصور الظلامية . عندما فرعون تجبر وطغى وأيقن أن له أتباع وأنصار بلغوا ذروة الغفلة والتبعية المطلقة جاء بخطابه الشهير الذي تطاول فيه على العزيز القدير ، تقبل الجميع هذا الخطاب بكل أريحية دون أن يتعب ولو واحدا نفسه من تلك الألوف البليدة فكره وعقله بمناقشة ما قاله أو حتى عرضه عرضا بسيطا على عقله وفطرته وينتصر للإنسانية , انك لتعجب كل العجب عندما تسمع في القرن الحادي والعشرين من ينافس فرعون في فرعونيته وأسلوبه الإعلامي والخطابي , ولكن لان الخطاب فرعوني فانه في الاصل موجه لخدام وعبيد الفرعونية العصرية الحديثة وان كان بعضهم يلازم ربطة العنق وجا كيتها الأسود يحاول في بؤس أن يرتقي بجسده دون عقله عن من سبقوه من خدام فرعونية ذاك الزمان الأغبر التي تطورت وتقدمت الكثير من ملامحها وصفاتها الشكلية دون أن يمس جوهرها ومضمونها أدنى تحول وتغير . عندما تشاهد ما تعرضه قنوات الغش والزيف - المسيرة , الساحات , اليمن اليوم - يتبادر إلى ذهنك مجالس ومؤتمرات فرعون وهو يتلفظ بالكذب والزيف السافر على أتباعه وخدمه ومن ولاه من بني إسرائيل تلك المجالس التي يعقدها ويبوح فيها بشطحاته وخزعبلاته التافهة في تحديا للعقول والضمائر الحية التي هي في الحقيقة انعدمت من تلك المجالس , كما هو الحال في الجموع البشرية العاكفة على مشاهدة هذه القنوات ولا تتحاشى تصديق كذبها وزيفها وهي تسطر لعقولهم وأدمغتهم البطولات والأحداث الكاذبة والحقائق المشوهة , فالمعتدي الظالم عندهم مدافع عن الحق والكرامة , والشرعية بالنسبة لهم ولعقيدتهم المنحرفة انقلاب وتمرد , والمدافع عن نفسه وأرضه ودينه داعشي وإرهابي يجب قتله والتخلص منه , والطفل والمرأة التي تجوب ذاك الشارع الخلفي بخور مكسر بحثا عن مكان امن هي جاسوس متنكر يجب الإجهاز عليه في اقرب فرصه , وتلك الأسرة الهاربة من القصف الحوثي العشوائي هي عناصر تابعه للقاعدة , وذاك الشيخ العجوز الذي احتمى بذاك الجدار فليس إلا خبير ألغام وقنابل , ومحطات الكهرباء مخازن لتصنيع السلاح والذخيرة , والمساجد ودور القران والمدارس معسكرات ومخيمات وقواعد عسكرية .. فلم تبقى حقيقة إلا وتلك الآلات الإعلامية الفرعونية وقلبته إلى ضده لا لشيء إلا لتبرر لنفسها أولا ولإتباعها ثانيا كل تصرفات وممارسات مليشياتها وجماعاتها الإجرامية ولتصنع لهم نصرا وانجازا وان كان في حقيقته انتهاكا وتجاوزا مغلف بأبشع صور الكذب والخداع .