الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنعاء لا تؤمن بالشراكة والوحدة

مرت علينا مرور السحاب الذكرى المشؤمة ..ذكرى (الوحدة الضِّيزى) التي تحولت من فرحة عابرة لم تَدُم طويلاً، إلى نكبة ومأساة ما نزال نعيش تبعاتها الوخيمة حتى اليوم...
كل الذين انتشوا طربا من صناعها الحقيقيين، الجنوبيين، ممن تخلوا عن دولتهم وسيادتهم من أجل وحدة موهومة، قتلها غدر وخيانة الشريك(الشمالي) الذي لا عهد له.. يعضُّون اليوم بَنَان الندم مع حسرة شديدة لما آل إليه حال عدن والجنوب من وضع مأساوي لا مثيل له في التاريخ عشية هذه الذكرى المشؤمة التي تحل اليوم 22 مايو 2015م، في ظل تكرار الحرب على الجنوب أسوة بصيف 94م...
لو كنا نعرف أن الأمور ستؤول إلى هذا الوضع المأساوي جداً.. والكارثي بكل بشاعته وفظاعته لامتنعنا حتى عن التفكير أو مجرد الحلم بمثل هذه الوحدة المشؤمة التي لم نحصد منها –نحن الجنوبيين- إلا الويلات والآلام والدموع وسيول الدماء التي أهرقت منذ ما سُميت ب(المرحلة الانتقامية) مروراً بحرب احتلال الجنوب عام 1994م التي تتجدد بأبشع الصور في هذا الحلف البربري الهمجي العدواني بين المخلوع وأنصار الشيطان ممن جعلوا الجنوب مسرحاً للقتل والدمار والإبادة الجماعية بغرض تجديد الاحتلال وإطالة أمده.
كنا في الجنوب، للأسف الشديد، ضحية خطأ استراتيجي ارتكبته قيادتنا السياسية حينها التي اندفعت إلى وحدة عاطفية انفعالية متسرعة وتنازلت من أجلها عن دولة ذات سيادة دون تمهيد علمي وموضوعي أو حتى وضع ضمانات محددة لخط الرجعة إذا ما فشلت الوحدة أو غُدر بها..
نعترف إن الاندفاع العاطفي نحو الوحدة قد سبقه الشحن العاطفي والتغني بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية صباح مساء، حتى كدنا نعتقد أنها الجنة الموعودة، فضلاً عن الكثير من المغالطات التاريخية التي زيفت وعي جيلنا بكامله وشوهت حقائق تاريخية لا غبار عليها وحرَّفتها وجيرتها لمصالح آنية تتوافق مع الأهواء السياسية والرؤى الأيديولوجية السائدة.
ومن تلك التشوهات التي اعتسفت حقائق التاريخ والجغرافيا .. دعوى الوحدة اليمنية عبر التاريخ.. وواحدية الثورة اليمنية.. والثورة (الأم) والثورة (البنت) .. وصنعاء (العاصمة التاريخية)..
فيما حقائق التاريخ تقول أن اليمن لم يشهد قيام دولة موحدة، وهو ما أكده مبصر اليمن الراحل الكبير عبدالله البردوني الذي كشف أن اليمن لم يتحد عبر التاريخ، ثم إن اليمن مسمى جهويا، مثله مثل الشام، وأنه يشمل كل ما يامن الكعبة، أي جنوب الجزيرة العربية، مثلما يعني الشام الشمال.. وقد قامت دول عديدة في جنوب الجزيرة العربية، مثلما قامت دول عدة في الشام. وللتأكيد نقول: إن أي من الدول القديمة لم تُسمى باليمنية، كهوية سياسية -جهوية، وإنما سميت بأسماء مؤسسيها أو مناطق نفوذها مثل: سبأ، معين، حضرموت، قتبان، حِميَر، أوسان..الخ. ولم تُطلق صفة اليمنية على أي دولة كهوية سياسية إلا في عشرينات القرن الماضي حينما أضاف الإمام يحيى بن حميد الدين إلى اسم مملكته المتوكلية صفة اليمنية، ومنذ ذلك الحين ارتبط مسمى اليمن (سياسيا) بمناطق نفوذ دولة الإمام، حتى استقلال سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب العربي، فسميت الدولة الجديدة باسم (ج ي د ش)..
ومقابل الحشد والتعبئة الوحدوية في الجنوب، كان الطرف الآخر المتمثل بالنظام القبلي-الأسري في صنعاء لا يفكر بوحدة شراكة .. بقدر تفكيره بإضافة مناطق نفوذ جديدة إلى ممتلكاته في الشمال.. ومعروف تاريخياً أن صنعاء لا تتعايش إلا مع ذاتها ومحيطها القبلي القريب.. حتى حكام الدويلات التي اتخذت منها عاصمة.. لم تتعايش معهم ولفظتهم.. فبحثوا عن عواصم آمنه مسالمة.. منذ الصليحيين الذين نقلوا عاصمتهم إلى جبلة، مرورا بالإمام أحمد الذي اتخذ من تعز عاصمة له، بعد أن قُتل والده في صنعاء ثم أمر القبائل المريدة له باستباحتها عقب فشل انقلاب 1948م على والده..وحتى الحمدي الذي فكر في نقل العاصمة إلى "ذمار".
كما أن صنعاء.. لم تقبل من اتخذوها عاصمة لهم بعد أن تخلوا طواعية وبحسن نيته، لا تخلو من الغباء السياسي، عن دولتهم المستقلة ذات السيادة وعاصمتهم الحضارية.. عدن.... إذ سرعان ما انقلبت عليهم.. بدءاً بمسلسل الاغتيالات الذي طال أكثر من 150 شخصية من القيادات الجنوبية.. وأعتقد أن صوت قذيفة ال(آر.بي.جي) ما زال يتردد صداها في مسامع د. ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب حينها ، عندما أطلقت على منزله وكادت أن تضيفه إلى قائمة من اخترمتهم رصاصات الغدر، لولا العناية الإلهية، ولا أدري لماذا لم يبارحه الحنين إلى سطوة الطغاة الذين لم تتغير نظرتهم الاستعلائية مهما اختلفت اسماؤهم، وكذلك الحال مع الرئيس عبدربه منصور الذي وجد نفسه محاصرا وتحت الإقامة الجبرية وهرب متخفيا إلى عدن التي تدفع الآن ثمن استقباله.
أتذكر أن المرجعية الجنوبية الشيخ الجليل عبدالرب أحمد النقيب قد أطلق على صنعاء قبل سنوات مسمى (عاصمة الوحوش).. وقد كان محقا في قوله.. فما تزال وحوش الفيد والطمع والاستئثار بالسلطة والثروة من قوى النفوذ القبلية والطائفية هي التي تتحكم بما يدور في صنعاء لأنها ترى ذلك حقا مقدسا وإرثا تاريخيا متناقلا ينبغي أن يكون حكرا عليها مع مشاركة هامشية أو تبعية مطلقة للأخرين. وهي ذات القوى التي انقلبت على الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي التي اختاره وانتخبته هي نفسها بمحض إرادتها، عند اختلافها على الاستئثار بكعكة السلطة والثروة- لغرض في نفس يعقوب، باعتباره في نظر كل من هذه القوى الحلقة الأضعف في نظرها وليس له نفوذ قبلي او عسكري يحيط بعاصمة الوحوش كمثل نفوذ قوى الرعب المتصارعة، حتى أننا رأينا كيف أحاطت مليشيا الحوثيين بالعاصمة إحاطة السوار بالمعصم حتى انقضت عليها واستولت بالقوة على مفاصل السلطة واغتصبت (النهدين) والقصر الجمهوري بحجج واهية وبتواطؤ مكشوف مع المخلوع الذي لم يقبل أن يكون نائبه السابق (الجنوبي)رئيساً فعليا، مثلما لم تقبل القوى الطائفية الزيدية أي شخصيات على راس السلطة من خارج مناطقها في الشمال، ناهيك أن يكون من الجنوب.
وقبل ذلك، وحتى في العهد الجمهوري ، لم يُقبل إلا ابناء القبائل الزيدية الذين احتضنوا الأئمة وأوجدوا الحكم فيهم فأصبحوا معدين أنفسهم كأنهم مجندين تحت السلاح ، فهذه القبائل كما جاء في مذكرات أحمد محمد النعمان، تعيش محترفة للحرب وتمارس الحرب دائما.
ولا شك أن صنعاء لا تصلح أن تكون عاصمة سياسية، لأن الطوق القبلي- الطائفي الذي يحيط بها يجعل السلطة والعاصمة بمجلها رهينة لنزعاتها لاستثمار الصراع على السلطة كمغنم وفيد تعيش وتتغذى عليه كعالة على بقية أجزاء الوطن، إذ ظلت مناطق اليمن الأسفل مجرد مناطق منتجة وتابعة لا تحكم، وقد سعى الاحتلال إلى إخضاع الجنوب بعد حرب 94م لينصاع هو الآخر لتلك السيطرة، لكنه أخفق في مسعاه وتفجرت براكين الغضب الجنوبي في الثورة السلمية المباركة دفاعا عن الهوية الجنوبية والخلاص من طغيان نظام المخلوع الذي (حكم الشمال بالاستبداد وحكم الجنوب بالاستعمار) كما صرّح بذلك جنرال حرب 94م علي محسن الأحمر في 5 نوفمبر2011م في خطاب له أمام الملأ عقب اختلافه مع رئيسه المخلوع على السلطة.
فما ذا بقي في ذاكرة الجنوبيين اليوم من تلك الوحدة المَوْءودة في مهدها؟
لا شيء .. سوى الذكريات الأليمة.. فوحدة يتبختر فيها الفساد.. وناهبو البلاد والعباد..مكروهة.. مرفوضة ..غير مقبولة..وحدة تشيع الحقد والمهانة ممقوتة ولا يقبل بها أي إنسان سوي..وحدة القوة.. والدماء والموت.. واهنة لا حياة لها..وحدة تسرح فيها الرذيلة وتمرح باسم الحق الإلهي المقدس أو الإرث القبلي التاريخي لا مكان لها.
لقد أضحت تلك الوحدة مجرد ذكرى مؤلمة.. ولعل الواقع المر الذي يعيشه الجنوب وعاصمة عدن خاصة اليوم خير دليل على ذلك..فلا دولة .. لا نظام .. لا قانون.. لا كهرباء .. لا ماء .. لا نظافة ... لا رواتب ..لا دراسة .. لا تعليم .. لا عمل ..لا أمن ولا أمان .. حياة مشلولة بكاملها... وصور الدمار والخراب في أحياء عدن تفوق الوصف .. ونزوح جماعي لم تعهده أحياء عدن الآمنة في تاريخها .. ومئات الشهداء من الأطفال والشيوخ والنساء والشباب المقاوم وآلاف الجرحى .. وقس على ذلك الحال في بقية مناطق الجنوب .. الضالع..لحج...شبو..أبين.
وها هي عدن والجنوب التي ضحت بكل شيء من أجل الوحدة أضحت ضحية لوحدة الموت والدمار والعار والشنار. ..وما زالت قوى الاحتلال القديمة الجديدة تمارس جرائم التدمير والإبادة وسياسة إحراق البشر والحجر لتجديد احتلالها بالقوة، كما كشفت الأحداث الأخيرة التي تحالف فيها الحوثيون مع من أذاقهم مرارة الحروب الستة.. رأس النظام المخلوع والمحروق عفاش، بل وأصبح خطرهم، بعد اتفاقهم المريب، يتهدد الجزيرة العربية بأكملها، وخاصة المملكة العربية السعودية، بعد أن ارتضوا أن يكونوا رأس حربة لنظام ولاية الفقيه في (قم) فقامت عليهم (قيامة) عاصفة الحزم..التي عصفت بهم وكانت هي وإعادة الأمل (بارقة الأمل) في وقف هذا الاندفاع الجامح لقوى الشر والعدوان، ولن يزول خطرهم إلا باستئصال شأفتهم والتخلص من خطرهم..
ولمن يراهنون على بقاء أي شكل للوحدة مع من غدروا بها ...نكرر القول .. صنعاء لا تؤمن بالوحدة والشركة .. فلا تحرثوا بالبحر ... ولكم في المؤدوة التي قتلت بدون ذنب في حرب 94م خير دليل...(رحمها الله ولعن قاتليها إلى يوم الدين)....فهل من مُدَّكِر؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.