حنان مطاوع تعود إلى المسرح بعد غياب 10 سنوات ب"حتشبسوت.. العرش والحب"    الامم المتحدة: تفشي شلل الأطفال في 19 محافظة يمنية    الصراعات على المناصب قاسم مشترك بين سلطات الحرب.. نموذجان من عدن وصنعاء    تدمير مستوطنة أثرية جنوب صنعاء وسط صمت رسمي    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (4)    أعطني حرفاً.. أعطك أمة    الحكومة: مليشيا الحوثي تعمق الأزمة الاقتصادية عبر تزوير عملات معدنية    الجيش الإيراني: مستعدون لحرب تستمر 10 سنوات    أكدت أن حظر الملاحة البحرية يقتصر على الكيان الصهيوني فقط.. الخارجية: المبعوث الأممي تجاهل الأسباب الجذرية للتصعيد في البحر الأحمر    زار الأكاديمية العليا للقرآن الكريم وعلومه.. الدكتور بن حبتور يطلع على سير العمل في قطاع النظافة بأمانة العاصمة    وزارة العدل وحقوق الإنسان تدشّن الرابط الإلكتروني للدعوى والخدمات الالكترونية    الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة تنظر في قضية خلية "إرهابية" تزعمها مصري الجنسية    مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء يقر مشروع تعديل لائحة الاختيار والقبول للدُفع المتقدمة    بدء التعامل بها من أمس الأحد.. البنك المركزي يعلن عن سك عملة معدنية من فئة (50) ريالا    استمراراً في الموقف اليمني الصادق والمساند.. الساحات اليمنية.. غزاوية فلسطينية    مرض الفشل الكلوي (12)    صنعاء تستكمل ازالة المطبات نهائيا من 3 خطوط رئيسية ..!    السامعي يعزّي آل العريقي والسامعي    صنعاء.. إنشاء محكمة للزكاة وتعيين رئيس لها    ناشيونال إنترست": حزب الإصلاح بوابة الإرهاب داخل المجلس الرئاسي    عدن.. البنك المركزي يحذر من التعامل مع العملة الحوثية المزورة    أزمة مياه خانقة في تعز.. غضب شعبي وعجز حكومي    سوريا توقع اتفاقا ب800 مليون دولار لدعم البنية التحتية للموانئ    وزارة الشباب تمنح نادي وحدة ذي السُفال باب شهادة الاعتراف النهائي    "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وراحة اللاعبين    رئيس جامعة صنعاء يؤكد أن الاعتماد الدولي لكلية الطب هدف استراتيجي    أكبر 20 انتصارا لبرشلونة بالقرن ال21 وريال مدريد من ضحاياه    مع التصعيد الحوثي.. وزير النقل يدعو لحماية خليج عدن من التلوث البحري    علاج حساسية الأنف    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    أعمال إزالة وتسوية ورفع مخلفات الحرب تمهيدا لاعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    مليشيا الحوثي تُصفي شيخا قبليا بارزا في عمران وغليان قبلي يستنفر المنطقة    انطلاق مهرجان أرخبيل سقطرى للتمور بمشاركة واسعة ومنافسات مميزة    إب.. العثور على جثة فتاة جرفتها السيول معلّقة في شجرة    سوق الصرف الموازية خلال يومين.. ثبات في صنعاء وتذبذب في عدن    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    40.6 مليون نسمة سكان اليمن في 2030    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    القوة الأسيوية والطموح النازي الغربي    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    سلطة شبوة تفتقد للوفاء والإنسانية ... مات الدكتور الصالح دون اهتمام    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    خبير انواء جوية يتوقع هطول أمطار غزيرة على المرتفعات وامتدادها إلى اقصى شرق البلاد    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    خاطرة عن الفضول في ذكراه    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    العثور على نوع جديد من الديناصورات    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج من المصيدة

يعتقد أغلبية الناس أنَّ الحرب موت وألم ودمار فقط ؛ فهي موسم رواج تجارة أدوات القتل والدمار ؛ وموسم لإنتاج اليتامى ، والأرامل ، والمشردين ، والمهجرين . . . الحرب كغيرها من الكوارث تُخلِّف كل ذلك . . . لكنَّ هذا لايعني أنَّها "السوء المطلق" . ففيها الكثير من الأشياء الجيدة ؛

هي وسيلة تحرير المجتمع من الخنوع والاستعباد والاستعمار . . . هي وسيلة من وسائل حياة المجتمعات ؛ هي شبيهة بالقصاص ؛ فالقصاص قتل وقد ينتج إيتام وترمُّل ، لكنَّه حياة لآخرين ؛ يقول تعالى {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} .

والحرب مختبر للصبر ، والصدق ؛ كثيرون أيام السلم تجدهم يصدرون التصريحات والبيانات الحربية وإطلاق العهود بالثبات والقتال والشهادة . . . وعندما تدق طبول الحرب تجدهم يفرون كالنعاج والأرانب المستنفرة تفر من الضواري..!! لولا الحرب لما اكتشف الشعب كذبهم وخديعتهم وجبنهم وخيانتهم .

والحرب مدرسة بناء الذات الإنسانية ، وموسم ظهور النخب المدنية التي تتصدر خدمة المجتمع نيابة عن أجهزة الدولة المعطلة أو الهاربة . . . فيها يجد كل ذي جهد وفكر مجال واسع لإظهار كل إمكانياته الكامنة ، والتي يعجز عن إظهارها في الأيام الطبيعية .

وعلى صعيد الكتابة والثقافة ؛ نجد الحرب بيئة لكتابة الشعر . . . بل هي بيئة دسمه للكتابة في كل شيء ؛ في القصص القصيرة والطويلة ، وفي الملاحم الأسطورية ، وفي سيكولوجية الجماهير ، وفي بناء المجتمع ، وفي إدارة الأزمات ، وفي إدارة الموارد . . . وهي أفضل موسم لانتشار الصحف وارتقائها ، هكذا جرت العادة في كل أنحاء العالم . . .

قد يقول قائل : فلماذا توقفت عن الكتابة...؟
توقفت لأنني عدت إلى ماكنت عليه قبل أن أكون كاتبا ، كنت جندي ، وبعد هذه السنوات شاء الله أن أعود جندياً .

و الجندي في جبهات القتال ، لايستطيع كتابة رأيه حتى لو كان ناقداً مشهود له بصواب الرأي وبعد البصيرة ، الانضباط العسكري يمنعه . . . ولذلك توقفت على الكتابة طوال الفترة الماضية . . . وقد لامني الكثير من الناس على توقفي ، والكثير طالبوني بالعودة ، بل قال لي أحدهم (أترك البندقية و عد إلى الكتابة فأنت كاتب نستفيد من كتابته أنفع لنا من كونك جندي في جبهات القتال)

في الحقيقة لايمكن ترك البندقية ؛ كما لايمكن رفض طلب الناس -العودة إلى الكتابة- ولذلك سأحاول الجمع بين "القلم والبندقية" عن طريق العودة إلى مكتبتي الألكترونية وقراءة الكتب التي يمكن أن استخرج منها مايفيد في حالة الحرب القائمة ، وأنقل للناس ماقاله الحكماء ، وماسطَّره التاريخ في حروب وصراعات سابقة .

وفي هذا المقال أنقل من كتاب "كليلة ودمنة" لإبن المقفع ؛ والذي نقل فيه نصائح حكيم الهند "بيدبا" للملك "ديبيشليم" في ذلك الزمان القديم . . . وقد كان بيدبا حكيماً بكل المقاييس ، إذ من حرصه على أن لا يفهم الملك أو يقول له قائل "أن بيدبا يعلمك" جعل كتاب النصائح عبارة عن قصص على ألسنة الحيوانات والطيور . . . فإذا قرأها الجهَّال وجدوها قصص للتسلية . . . وعندما يقرأها العقلاء يجدونها مدرسة العلم والحكمة .

ومن هذا الكتاب أنقل قصة الحمامة المطوقة ؛
قال أبن المقفع في كتابه كليلة ودمنة :

قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف : قد سمعت مثل المتحابين كيف قطع بينهما الكذب وإلى ماذا صار عاقبة أمره من بعد ذلك ، فحدثني ؛ عن إخوان الصفاء كيف يبتدأ تواصلهم ويستمع بعضهم ببعض...؟ .. قال الفيلسوف بيدبا : إن العاقل لا يعدل بالإخوان شيئا (يعني لايمكن استبدالهم ولايقدرون بثمن) فالإخوان هم الأعوان على الخير كله ، والمؤاسون عند ما ينوب من المكروه . ومن أمثال ذلك مثل الحمامة المطوقة والجرذ والظبي والغراب .

قال الملك : وكيف كان ذلك...؟

قال بيدبا : زعموا أنه كان بأرض سكاوندجين ، عند مدينة داهر ، مكان كثير الصيد ، ينتابه الصيادون ؛ وكان في ذلك المكان شجرة كثيرة الأغصان ملتفة الورق فيها وكر غراب فبينما هو ذات يوم ساقط في وكره إذ بصر بصياد قبيح المنظر ، سيئ الخلق، على عاتقه شبكة ، وفي يده عصاً مقبلاً نحو الشجرة ، فذعر منه الغراب ؛

فقال الغراب : لقد ساق هذا الرجل إلى هذا المكان: إما حيني وإما حين غيري. فلأثبتن مكاني حتى أنظر ماذا يصنع . . . ثم إنَّ الصياد نصب شبكته ، ونثر عليها الحب ، وكمن قريبا منها . . . فلم يلبث إلا قليلا، حتى مرت به حمامة يقال لها المطوقة ، وكانت سيدة الحمام ومعها حمام كثير ؛ فعميت هي وصواحبها عن الشرك ، فوقعن على الحبِّ يلتقطنه فعلقن في الشبكة كلهن ؛ وأقبل الصياد فرحاً مسروراً . فجعلت كل حمامة تضطرب في حبائلها وتلتمس الخلاص لنفسها .

قالت المطوقة : لا تخاذلنا في المعالجة ، ولا تكن نفس إحداكن أهم إليها من نفس صاحبتها ؛ ولكن نتعاون جميعاً فنقلع بالشبكة فينجو بعضنا ببعض ؛ فأقلعن بالشبكة جميعهن بتعاونهن . . . وعلون في الجو . . . ولم يقطع الصياد رجاءه منهن وظن أنهن لا يجاوزن إلا قريباً ويقعن .

فقال الغراب : لأتبعهن وأنظرو ما يكون منهن . فالتفتت المطوقة فرأت الصياد يتبعهن . . . فقالت للحمام : هذا الصياد مجد في طلبكن ، فإن نحن أخذنا في الفضاء لم يخف عليه أمرنا ولم يزل يتبعنا ، وإن نحن توجهنا إلى العمران خفي عليه أمرنا ، وانصرف . . . وبمكان كذا جرذٌ هو لي أخ؛ فلو انتهينا إليه قطع عنا هذا الشرك . ففعلن ذلك . وأيس الصياد منهن وانصرف . وتبعهن الغراب .

فلما انتهت الحمامة المطوقة إلى الجرذ ، أمرت الحمام أن يسقطن ، فوقعن ؛ وكان للجرذ مائة جحر للمخاوف فنادته المطوقة باسمه، وكان اسمه زيرك ، فأجابها الجرذ من جحره : من أنت...؟ قالت : أنا خليلتك المطوقة . فأقبل إليها الجرذ يسعى .

فقال لها : ما أوقعك في هذه الورطة..؟ .. قالت له : ألم تعلم أنه ليس من الخير والشر شيء إلا هو مقدرٌ على من تصيبه المقادير ، وهي التي أوقعتني في هذه الورطة ؛ فقد لا يمتنع من القدر من هو أقوى مني وأعظم أمراً ؛ وقد تنكسف الشمس والقمر إذا قضي ذلك عليهما

ثم إن الجرذ أخذ في قرض العقد الذي فيه المطوقة . . . فقالت له المطوقة : ابدأ بقطع عقد سائر الحمام ، وبعد ذلك أقبل على عقدي ؛ وأعادت ذلك عليه مراراً ، وهو لا يلتفت إلى قولها . . . فلما أكثرت عليه القول وكررت ، قال لها : لقد كررت القول عليّ كأنك ليس لك في نفسك حاجة ، ولا لك عليها شفقة، ولا ترعين لها حقاً .

قالت : إني أخاف، إن أنت بدأت بقطع قيدي أن تمل وتكسل عن قطع ما بقي ؛ وعرفت أنك إن بدأت بهن قبلي ، وكنت أنا الأخيرة لم ترضَ وإن أدركك الفتور أن أبقى في الشرك . . . قال الجرذ : هذا مما يزيد الرغبة والمودة فيك . ثم إن الجرذ أخذ في قرض الشبكة حتى فرغ منها، فانطلقت المطوقة وحمامها معه .

انتهت القصة ،،،،،،،
وسبحان الله ؛ كيف استطاعت الحمام هزيمة ذلك الصياد قبيح المنظر...؟فأرهقنه بمطاردتهن ؛ وبدلاً من أن يأخذهن ، هن أخذن شبكته وحبوبه . . . كذلك الناس يستطيعون الخروج من المصيدة التي وقعوا بها ، بنفس الأسلوب "الطيران الجماعي والهبوط الجماعي"

طيَّب الله ثراك ياوطني بأزكى الدماء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.