للاسف اذ لم تكن الدول العربية الا تابعا خلف الرغبات الدولية. فمصلحة الدول العظمى اولا ومن ثم مصلحة الشعوب العربية، هذا هو الطريق الذي سار عليه وضعنا العربي للأسف منذ عقود مضت. والخطر الذي يتجلى حاليا على اوطاننا العربية ككل هو توجه المجتمع الدولي نحو فتح المجال امام السيطرة الايرانية على المنطقة تحت ذريعة التخلص من الدواعش، التي هي صنيعتهم كما اتضح مسبقا بإن الجيش اليمني نفسه يقوم بدور القاعدة بتوجيهات من علي عبدالله صالح لتشويه المجتمع الجنوبي. وبهذا فقد تكون الدول العظمى ترى في ايران حليفا هاما للقضاء على السنة عامة ويدعون في ذلك بانهم بحرب ضد المتطرفين او الارهابيين. وهذا يشكل محور التقاء بين الغرب من جهة وايران من جهة اخرى. فهل ستظل الدول العربية تابعة للقرار الغربي في هذا الصدد أم سيؤدي هذا الى تغيير المعادلة برمتها من حيث سياسة الدول العربية فيما بينها ومع المجتمع الدولي. وانطلاقا من هذا المفهوم فإن دول شبة الجزيرة العربية تمر بأصعب المراحل واخطرها فإما الارتهان لرغبات وتوجهات المجتمع الدولي والقبول في هذه الحالة بالسيطرة الايرانية على الدول العربية وقرارها. واما التغيير الجذري في سياساتها مع المجتمع الدولي من ناحية ومع الدول العربية الشقيقة من ناحية اخرى. وان ما يدور في المنطقة وتحديدا الحرب القائمة من قبل قوات التحالف لحماية المنطقة من وكلاء ايران (الحوثيون)، يعطي مؤشرا واضحا بإن الدول العربية ودول مجلس التعاون خصوصا وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تتجه نحو صناعة قرار عربي مستقل من حيث عدم قبول الوصايا الغربية والسيطرة الايرانية على المنطقة. وان قرار اعلان الحرب على المليشيات الحوثية من قبل دول التحالف يمثل خير دليل على ذلك. وفي هذا الاطار فإن نجاح تغيير السياسات يتطلب تغيير التحالفات لتحقيق الاهداف المرجوه. فالاعتماد على جهات اثبتت اخفاقها لن يوصل لنتيجة. حيث ان دعم شعب الجمهورية العربية اليمنية من قبل المملكة على مدى العقود الماضية لم يشكل اي قوة لصالح المملكة في هذه الحرب مع ان الدعم كان للسلطة وللقبائل اليمنية وللاحزاب واهمها حزب الاصلاح اليمني. ومع ذلك كل تلك الجهات لم تشكل اي تصدي ضد الحوثي مطلقا. بل انها جزء من توسعه وامتداده بعكس ما حدث في الجنوب حيث شكل الشعب الجنوبي بمقاومته الجنوبية قوة حقيقية في وجه تلك المليشيات. ان اهم التحالفات التي سترجح كفة السيطرة لصالح دول مجلس التعاون وستقود الى الحد التام من السيطرة الايرانية على جنوب الجزيرة العربية وبحر العرب ومضيق باب المندب عبر وكلائها المتمثلين بالحوثيون وصالح والجيش اليمني، هو التحالف مع شعب الجنوب كدولة مستقلة ونظام سياسي مستقل يتفق بمبادئه العامة وسياساته مع دول الجوار ويلتحم معها في مواجهة المحاولات الايرانية في السيطرة والتوسع. ان دول التحالف وفي مقدمتها دول مجلس التعاون وجمهورية مصر العربية امام تحدي حقيقي يتطلب جرأة غير مسبوقة في تبني المواقف قبل ان تفرض الارادة الدولية رغباتها من خلال السماح بمزيدا من التمدد الحوثي على ما يسمى بالجمهورية اليمنية ومن ثم القبول به بإعتباره طرفا حقق انتصارات على الارض. وان ما يسقط كل تلك المخاطر المحدقة بجنوب جزيرة العرب هو استعادة دولة الجنوب المستقلة بإعتبار ان شعب الجنوب يتفق في اتجاهاته العامة مع دول الجوار والدول العربية ككل وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. اللتان يشكل الجنوب جزء" لا يتجزاء من امنها القومي ومصالحها واستراتيجياتها.