كشفت لنا الحرب الشمالية الثانية الدائرة على الجنوب منذ أكثر من أربعة شهور مالم نكن نتوقعة أبدا ، ولأن الحقائق تظهر كما هي وبوجهها الحقيقي والرجال يكشفون عن معادنهم و رجولتهم وقيمهم ومبادئهم ومواقفهم الحقيقية في هكذا مراحل وظروف ، انكشف زيف تلك النخب. هذه الحرب القذرة جدا التي شنها الشمال بجيشه وعصاباته ومليشياته الهمجية على الجنوب ، كشفت معادن معظم النخب الشمالية ، من سياسين وأعلاميين ومثقفين ومفكرين ، هولاء الذين حتى وقت قريب كنا نراهم متميزين وعادلين و(حقانيين) لكن تأكدنا اليوم أنهم فعلا متميزون في نفاقهم وخداعهم اللفظي والكتابي تجاهنا نحن الجنوبيون ، حيث أثبتت كثير من التجارب السابقة والحالية المتمثلة في هذه الحرب أننا طيبين ومتسامحين إلى حد السذاجة سذاجة تسمح للآخر أن يضحك علينا ويمرر مشاريعة الجهنمية علينا بكل سهولة ويسر . النخب الشمالية السياسية والثقافية والأعلامية ممن كنا نخاطبهم بالأساتذة وكنا نرى فيهم مشاعل مضيئة تضى دروبنا كشفت لنا الحرب زيف ما يظهرون به وكذب ما يعلنون ويجاهرون ، و أكدت فترة الأشهر الأربعة المنصرمة من عمر حربهم عليننا سقوطهم المهني والأخلاقي الذريع وذلك من خلال التعاطي مع أحداث ويوميات الحرب ونتائجها وإضرارها عندما أضهرتهم في صورة الغير محايدين في النقل والنشر والطرح وانحيازهم الفاضح إلى جانب الباطل ضد الحق وتمترسهم في جبهة الشر ضد الخير وتأييدهم الصريح للضالم ضد المظلوم. فمن هذه النخب أو مانسميهم صفوة المجتمع الشمالي من كان يبتز خصومة سياسيا بقضية الجنوب فصار بقدرة قادر أول المحرضين على الجنوب ومنهم من كان يملأ الشاشات ضجيجا مطالبا بضرورة حل مأسموها بمظالم الجنوبيين فوجدناه اليوم في طليعة العاملين في تعبئة وتجييش جحافل ومليشيات صنعاء وذمار وعمران وصعدة والدفع بهم جنوبا ، وهناك من كان يصبغ صفحات الصحف البيضاء سوادا بحبر التعاطف مع الجنوب وتأكيد أحقية الجنوبيين في الإنصاف والعدل جراء ماتعرضوا له من ظلم فها هو اليوم أداة لتمجيد غزاة الجنوب ولسان سليط متحدثا بأسمهم بل وبوق مروجا لهم ولمشروعهم التدميري للجنوب أرضاً وأنسانا. تلك الصفوة من المثقفين الشماليين باعت نفسها في سوق النخاسة السياسية بأثمان بخسة مدفوعة بمناطقيتها القبيحة وغريزتها النتنة في الإستحواذ التي كشفت عنها وبجلاء تصرفاتهم المخزية التي تعاطو بها مع الحرب وتعاملوا بها مع أحداثها اليومية البشعة التي أظهرتها مليشياتهم في مناطق مختلفة من الجنوب وعدن إلى حد التباكي على نوافذ زجاجية لمنازل صنعانية حطمها صدى قصف الطيران والتغاضي عن أستشهاد أسر كاملة بفعل قصف مليشيات وجيش الشمال في عدن أو الضالع أو حوطة لحج صفوة مثقفة تصرخ بصوت عال مستنكرة قصف مصنع أسمنت لتاجر شمالي في الجنوب فيما تتجاهل تدمير مليشيات وجيش الشمال منشأة أقتصادية ضخمة بحجم مصفاة عدن . صفوة كانت وظلت وماتزال تدعي محرضة لمحاربة من يطالب بالتخلص من الوحدة وتدس رأسها في التراب كالنعامة أمام مصادر الخطر عليها ومن ذبحها من الوريد إلى الوريد. الأمثلة على زيف هذه النخب المتلونة كثيرة ولا حيز كاف هنا لسردها كشفتها أيام الحرب وبينت بوضوح حقيقتها بعد أن انكشف قناع زيفها ونفاقها وكذبها الذي مارسته على الجنوب على مدى أكثر من سبعة وعشرين عاما. فلهولاء وبالذات من جمعتنا وأياهم مهنة العمل الصحفي وربطتنا بهم زمالة الحرف الصادق نقول لقد أسقطتم أنفسكم في مستنقع المناطقية ومزبلة التلون والنفاق وأرتضيتم لأنفسكم هذا السقوط المهين الذي جعلنا نأسف له و أولد فينا الشعور بالشفقة عليكم فلله دركم لقد كنتم ممثلين بارعين بل ومتميزين في إخفاء حقيقتكم كل هذه السنوات الطويلة، ومبدعين جدا في الكذب علينا وخداعنا .