إن الدمار الذي حاق مؤخرا بمدينة عدن قد فاق الخيال وفاق كل توقع؛ فهو دمار شامل لا يبقي ولا يذر .. حمم تصهر الحجر قبل البشر..هدم البيوت على رؤوس أصحابها.. ازهاق للأرواح.. قتل وتشريد، وتدمير لمؤسسات المجتمع كل ذلك سيخلف آثارا كارثية على عدن ونفسيات اهلها، وربما تطال مستقبل الطفولة. يمكن القول ببساطة ان الوضع مأساوياً في عدن التي تعد العاصمة الاقتصادية لليمن مع تعطل البنية التحتية من خدمات صحية و مياه وكهرباء ووقود واتصالات بسبب الحرب والعدوان التي شنت على سكانها الطيبون...يمكن ببساطة أن يشعر المرء باليأس من الوضع في عدن عندما يرى المشاكل التي لا يمكن حلها ..ولكن يمكن للمرء القول أيضا.. انظروا للناس في عدن يمكنهم تحمل درجة عالية من الصعاب ويمكنهم أيضاً التكيف معها وهؤلاء الناس عملوا الكثير وهم يغتنمون الفرصة لعمل شيء ما عندما تسنح لهم الفرصة لذلك...فمن تقوده رجلاه ويحظى بزيارة محافظة عدن في الوقت الحالي (بعد تحريرها من الميليشيات) يدرك بأن الركام في كل مكان.. وفي كل حي.. وبالكاد سلمت منه بيوتات هنا اوهناك.. شيء واحد فقط يتعلمه المرء في عدن إنها البساطة وحتى يمكنني أن اسميها التواضع في العيش والتعايش... التصريحات الأخيرة بان الحكومة اليمنية المتواجدة في الرياض ستعمل على تقييم الدمار الذي طال قطاع الخدمات العامة والبنى التحتية في عدن جراء اعتداءات الميليشيات المتمردة كانت بمثابة “أمل” جديد محاطاً بمخاوف كثيرة خاصة البطء التي تعاني منها عملية التنفيذ لايصال مساعدات إنسانية عاجلة وإعادة تأهيل البنية التحتية لا سيما وانها حتى اللحظة لم تصل لمرحلة حصر نهائي للأضرار والتعويض لإعادة إعمار المرافق الأساسية وقطاع الخدمات، خاصة الكهرباء والمياه والمستشفيات والمرافئ... وهنا نتفق مع المحللون السياسيون إن وجود الحكومة والإدارة المحلية بشكلها المباشر في عدن قد يلعب دوراً فاعلاً في تسريع عملية إعادة الإعمار، وتطبيع الحياة، وعودة النازحين إلى ديارهم...وبحسب التقديرات أن كلفة المرحلة الأولى من إعادة الإعمار تفوق المليار دولار كما تشير التقديرات إلى أن تكلفة إعادة شبكة ومحطات المياه إلى الوضع التي كانت عليه قبل اعتداءات الانقلابيين لا تقل عن 73 مليون دولار، في حين تبلغ كلفة رفع أنقاض المباني المدمرة نحو 13 مليون دولار ويحتاج قطاع الصحة في عدن، حسب تلك التقديرات، إلى أكثر من 150 مليون دولار لإعادة تأهيل 4 مستشفيات رئيسية، و15 مليون دولار لنقل جرحى الحرب الذين لا يمكن معالجتهم في اليمن لخارج البلاد...كما تبلغ تكلفة المرحلة الأولى من إعادة تأهيل المرافئ الرئيسية الأربع في عدن اكثر من 40 مليون دولار، وتعد نتيجة التقييم الأولي للجهات الحكومية التي لا تزال تعمل على تقدير حجم الأضرار. ومن تباشير عودة الحياة لمدينة عدن المدمرة بعد تحريرها الاعلان عن عودة العمل في المصفاة وزيادة نشاطها واستئناف التحديث في كل المرافق والمشاريع التابعة للمصفاة... وفي عجالة يمكننا أن نعرج على المستوى الانساني للخيرين من ابناء المصفاة فإن معالمه تحكي الدور الانساني الذي لعبته شركة مصافي عدن بقيادة المدير التنفيذي - الدكتور نجيب منصور العوج- وكافة العاملين وكبير محاسبي المصفاة السيد محمد البكري - كان لهم الدور الكبير في الحفاظ على هذه المنشأة والاسهام في تقديم المساعدات الانسانية المباشرة للنازحين والجرحى ونقلهم الى جيبوتي وفتح مستشفى المصافي لجرحى الحرب وعلاجهم على حساب المصافي وتقديم ما امكن تقديمه ...وانا على ثقة بان مصفاة عدن ووفقا للأدوار المناطة بها ستساهم في سد حاجة السوق المحلي من المشتقات النفطية فانها ستساهم بشكل فعال في إنقاذ اقتصاد البلاد المنهار بفعل الصراعات وتساهم في إعادة ما دمرته الحرب وعندي الثقة الكاملة بأن عدن ستعود كما كانت وأجمل وبالتعاون كل الشرفاء والمخلصين من أبناء "عدن" سينتهي الدمار حتماً ..