عوامل وأسباب كثيرة أدت إلى اقتراب سقوط العاصمة عدن ومدن جنوبية محررة في دائرة العنف الدموي والفوضى الخلاقة، من بينها التفاؤل المبالغ فيه، وتأجيل معالجة ملفات عالقة ساهم التغاضي عنها في إشاعة اجواء الاحتقان وتدوير النزعة الانتقامية. وإذا كانت عدن هي المدينة الأكثر تعرضا لجرائم الإبادة والتدمير الممنهج اثناء معارك التصدي لتمدد مليشيات الحوثي والمخلوع صالح، فأنها أيضا تبدو مقبلة على موجة من الهزات الارتدادية العنيفة أكثر من غيرها، لرمزيتها كعاصمة للجنوب وأهمية موقعها الاستراتيجي.. بعد ان راجت فيها سيلا من الأكاذيب والتصريحات المضللة التي بدأت تتلقفها مراكز ودوائر بحثية وأجهزة مخابراتية دولية باتت تشكك في مصير ومستقبل عدن وتحمل ابناءها وحدهم مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع لاحقا، وجعلتهم يفقدوا الثقة في قدرتنا على إدارة شؤننا الداخلية وتنظيم مجالات حياتنا المختلفة. من بين أبرز هذه الأكاذيب التي استخدمت في تخدير عقولنا وخداع أنفسنا، وإظهارنا كمجموعة من الفاشلين والممزقين أمام العالم: كذبة القبض على جنود وضباط ايرانيين في عدن شاركوا في العدوان الحوثي عفاشي. كذبة عدم وجود عناصر في تنظيم القاعدة في عدن ونفي سيطرتهم على العديد من المناطق. كذبة عودة حكومة بحاح لمباشرة أعمالها في عدن. كذبة عدم إنزال العلم الجنوبي من مطار عدن الدولي. كذبة إعادة اعمار عدن. كذبة انتشار المقاومة الجنوبية لإعادة الأمن والاستقرار في عدن ومشروع دمج فصائلها. كذبة عودة العمل بشكل طبيعي لمطار عدن الدولي، وانتظام الرحلات التجارية أسوة بمطار صنعاء في العربية اليمنية. كذبة إلقاء القبض على قتلة الشهيد السنيدي والعصابات الإجرامية المتورطة في عمليات تصفية عناصر المقاومة. بيان إنكار تنظيم القاعدة تنفيذ سلسلة من الاغتيالات في عدن، ليحاكي اسلوب فرع التنظيم المسيطر على المكلا وجزء من حضرموت الذي كان ينفي صلته بالوقوف وراء جرائم الدراجات النارية، وبعد استلامه عاصمة المحافظة اعلن تبنيها واستعداده لمواصلة (القصاص) من المشتبه بهم من رجال الأمن وغيرهم من الكوادر الجنوبية. كذبة انحسار نفوذ حزب الإصلاح اليمني في العاصمة عدن، والواقع المجرد انه أصبح المستحوذ على أهم المؤسسات الحكومية والخدماتية ومن يتحكم في تسيير دفة اعمال الإغاثة وتوزيعها كيفما شاء. حقيقة واحدة صادمة؛ فجرها الشيخ صالح بن فريد العولقي عندما قال بأن (الوضع في الجنوب مخيف وجماعات الفيد المسلحة باتت تهدد بإسقاطنا في الفوضى)، وقد تقودنا إلى مرحلة صراع جنوبي جنوبي، وتعريض مدننا لإعصار (سوبيا) المدمر، وهو مزيج دموي وتخريبي مشترك مستوحى من النموذج الحالي في سوريا الأسد وليبيا مابعد القذافي.