لم تكن الإرادة الجمعية لأبناء الجنوب لتقف في مرحله ماء من مراحل الثورة لتصل حد القبول بالحلول الترقيعية الدنيئة والتي تأتي في سبيل تفكيك النسيج الجنوبي واحتواء الثورة الجنوبية وهدفها السامي والنبيل المتمثل بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة . لم ينتج ذلك الرفض الشعبي الجنوبي للمشاريع المنتقصة كالفيدرلة والاقلمة وغيرها إلا عن قناعه بأهداف ومبادئ الثورة الجنوبية وما تلك المليونيات واشكال الثورة المتعددة إلا خير دليل على احقية شعب الجنوب المثلى في نيل استقلال بلاده واقامة دولته.
وعلى رغم من التأخر السياسي وحالات الاختلاف التي رافقت مسيره الثورة إلا ان الفكر الثوري والقناعات المتولدة لدى الثوار تقضي بأن النصر أصبح "قاب قوسين او ادنا " في ظل حالة التوهج والغليان الشعبي المتعاظم في سبيل الحرية والاستقلال ورفض المشاريع المنتقصة بل وكان من يتحدث مجرد الحديث عن الاسطوانات المفرغة المسماة بالفدرله و مخرجات حوار باب اليمن ينظر له بعين التآمر على دماء الشهداء الذين رووا بدمائهم تراب الجنوب الحبيب فأهداف ومبادئ ثورة الجنوب تتعارض تماما مع أي مشاريع تنتقص من الهدف المعبر عنه في ساحات وميادين الجنوب
اليوم وبعد أن بلغ الكفاح الجنوبي مداه أتت المتغيرات التي عصفت بخط سير الثورة الجنوبية المعتاد وتحولت المجريات ناحية العمل العسكري والمقاومة الشعبية التي كان أبطالها جنوبيون بامتياز والتي نتجت وفق خيارات مقاومي الجنوب المعبرين عن حقهم في الدفاع عن أرضهم وتحريرها وفرض أمر واقع يفضي لاستقلال دولة الجنوب بعد التحرير العسكري وتطهيرها من عصابات الاحتلال .
ولكن الان وبعد الحسم العسكري شبه المكتمل في الجنوب بدرت مستجدات تجلت بالتنازل عن خيار فرض أمر واقع والتمسك بحدود ما قبل تسعين والذهاب ناحية انتظار تعليمات السلطات اليمنية لتنفيذها على الأرض وبروز حالة الارباك التي تجلت في اوساط المقاومة الجنوبية بصورها المتعددة كعدم العمل في المؤسسات والمرافق الحكومية واشغالها بالكوادر الجنوبية واصحاب الكفاءات والقدرات وعدم استدعائهم بالإضافة لعدم الحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة وحماية المرافق والمؤسسات بل ولم نلاحظ حتى توفر ادنا السبل باتجاه توفير الأمن وتسيير الحياة وضرورياتها والبدء بإقامة ملامح الدولة الجنوبية القادمة ، على العكس فشلت المقاومة الجنوبية في توفير ابسط وسائل الحياة ونشوء الدولة وفرض هيبة المقاومة والبناء على الأرض واصبحت المدن الرئيسية تكتظ بالجماعات الارهابية واللصوص والخلايا النائمة من ابناء العربية اليمنية ليس هذا فحسب بل واصبح كثيرين يتباهوا بولائهم للتحالف وللشرعية وكأنهما سيهبان لهم الجنوب على طبق من ذهب اذا لم يثابروا من اجل ذلك غافلين او متغافلين عن اتخاذ أي قرار بخصوص الشماليين العائدين الى العاصمة عدن تحت ديباجة الحكومة العائدة مؤخرا ولم نلاحظ حتى اللحظة أي تحرك لرفض هذه الخطوة الاستفزازية
الغريب والسؤال الذي يطرح نفسه بقوه ما الذي تغير وجعل ابناء الجنوب يقبلون بهذا الأمر ويتنازلون عن أهداف الأمس وماهي الوعود التي قطعت لهم من قبل السلطات اليمنية والتحالف بتحقيق اهدافهم ام ان تلك العهود التي قطعت بالسير على خطئ شهداء الثورة الجنوبية قد توارت في وقت اصبح الثوار يمتلكون القوه والسلاح والامكانات الكفيلة بتحقيق هذه الاهداف او الثبات على الأرض وتوليد ضغوطات في سبيل تحقيق ذلك على الأقل..!؟
من وجهة نظري تمييع الوقت وعدم استغلال اللحظة التاريخية لا يؤدي بتاتا الا لشيء وحيد يتمثل بالقبول بأي مخرجات تبدر عن نوايا السلطات اليمنية وتنعكس على الأرض دون وجود مقاومة حقيقيه لرفض فرض أي مشروع حتى وان كان منتقص ،فاذا توفرت نوايا حقيقية ناحية استقلال الجنوب فما الذي يمنع ذلك حاليا ..!!؟؟
يجترئ هل وصل الجنوبيون الى قناعه تامه بأن اهدافهم ستتحقق عن طريق الشرعية وقوات التحالف حتى وان لم يبادروا بأنفسهم بالترتيب والاعداد لتحقيقها من الآن ؟؟