نشرت صحيفة «غلوبس» الصهيونية مقابلة موسّعة مع الأدميرال الأميركي السابق غاري رافهد، القائد السابق لأسطول البحرية الأميركية، كشف فيها عن جملة من المخاوف التي تتصاعد في المؤسسة العسكرية الأميركية والإسرائيلية على ضوء المتغيرات الأخيرة في البحر الأحمر والمنطقة. ورغم خدمته الطويلة التي امتدت 38 عاماً وشغل خلالها مناصب قيادية رفيعة، فإن رافهد قدّم رؤية متشائمة حول قدرة الولاياتالمتحدة وحلفائها على ضبط التهديدات البحرية الجديدة، وفي مقدمتها القدرات التي أظهرها اليمن خلال الأشهر الماضية. وأكد رافهد أن الهجمات التي نفّذتها القوات اليمنية في البحر الأحمر كشفت هشاشة غير متوقعة في منظومات الحماية البحرية الغربية، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة ودول التحالف التي شاركت في إطار «حارس الازدهار» واجهت صعوبات كبيرة في التعامل مع أساليب الهجوم التي استخدمتها صنعاء. وقال إن هذه الهجمات أحدثت اضطراباً واسعاً في حركة التجارة العالمية، وأجبرت شركات الشحن الكبرى على تغيير مساراتها، الأمر الذي مثّل بحسب وصفه إنذاراً يجب التعامل معه بجدية. ولفت القائد الأميركي السابق إلى أن كلفة المواجهة شكلت أحد أبرز وجوه الإخفاق، موضحاً أن القوات اليمنية استخدمت وسائل منخفضة التكلفة ولكن عالية الفاعلية، في حين خسر الجانب الأميركي وسائل باهظة الثمن، بينها طائرات MQ-9 Reaper التي تقدر قيمة الواحدة منها بنحو 30 مليون دولار. وبرأيه، فإن هذا الفارق الصارخ في الكلفة يوحي بتحول في طبيعة الحروب البحرية، ويؤكد الحاجة إلى إعادة تقييم المقاربات العسكرية المتّبعة. وأشار رافهد إلى أن «التهديد لن يختفي»، مضيفاً أن التجربة التي اكتسبها اليمنوإيران خلال معارك البحر ستنتقل إلى جبهات أخرى في العالم. واعتبر أن واشنطن «ليست سريعة بما يكفي» في استيعاب الدروس، داعياً إلى تركيز الجهود على تطوير قدرات دفاعية قادرة على التعامل مع التهديدات غير التقليدية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة والعمليات تحت السطح. وفي جانب يتعلق بإيران، حذّر الأدميرال الأميركي من إمكانية نقل الحرس الثوري تكتيكاته البحرية إلى شرق البحر المتوسط، ما قد يزيد من تعقيد البيئة البحرية المحيطة بالكيان الإسرائيلي. كما لم يستبعد أن يمتد التعاون العسكري بين إيران وروسيا إلى المجال البحري، معتبراً أن التطورات في أوكرانيا تؤكد سرعة تطور التكنولوجيا العسكرية وقدرة الجهات الفاعلة على تعديل تكتيكاتها بصورة مستمرة. وتناول رافهد مستقبل التعاون العسكري الأميركي–الإسرائيلي، مؤكداً أن المساعدات الأميركية ستستمر، لكنه أشار إلى أن مذكرة التفاهم الحالية تنتهي عام 2028، وأن سياسات «أميركا أولاً» قد تقيّد قدرة واشنطن على تقديم حزم مالية موازية لما قدمته سابقاً، خاصة في مجال «التحويلات» التي كانت تتيح لإسرائيل استخدام جزء من الدعم داخل صناعاتها المحلية. كما تناول الحديث تطور منظومات الدفاع الجوي البحرية، لافتاً إلى أهمية أسلحة الطاقة الموجّهة مثل الليزر، لكنه أوضح أن هذه التقنيات لا تزال بحاجة إلى قدرة كهربائية أكبر مما يتوفر حالياً على المدمّرات الأميركية وفي تقييمه لقدرات البحرية الإسرائيلية، وصفها بأنها «مهنية ومجهزة»، لكنه طرح تساؤلاً حول ما إذا كانت كبيرة بما يكفي لمواجهة سيناريوهات واسعة، خصوصاً إذا تطلبت المعركة القادمة مواجهة مكثفة تتجاوز قدرة السفن الحالية على حمل الصواريخ الاعتراضية وأشار إلى أن تنويع التقنيات، لا زيادة الأعداد فقط، قد يشكّل عاملاً حاسماً في التغلب على هذا التحدي. وتختم الصحيفة الإسرائيلية مقابلتها بتأكيد رافهد أن «هذه ليست لحظة للراحة»، داعياً المؤسستين العسكرية الأميركية والإسرائيلية إلى مراجعة شاملة لمجمل التطورات التي كشفتها المعركة في البحر الأحمر، وما قد تحمله السنوات المقبلة من تحديات مرتبطة بصعود قوى إقليمية وازدياد حساسية الممرات البحرية العالمية.