هنالك نظرية مشهورة في الفكر الفلسفي الغربي تُنسب الى الفيلسوف الألماني المعروف هيغل تنص على أن أي فكرة تحمل في داخلها نقيضها الأخر الذي ينفيها بصورة ذاتية عبر مايسمى بالتحليل الجدلي الذي يقرر بأن كل شيء يحمل في جوفه ضده ويوجد بفضله وينعدم بأنعدامه وقد أخذ بهذه الفكرة الفلسفية كارل ماركس وجعلها جزءاً أساسياً في فلسفته الديالكتيكية ثم نلاحظ في العصر الحديث أن غاستون باشلار قد طبقها أيضاً على بعض من أفكاره حينما أعتبر الحقيقة العلمية خطأ تم تصحيحه وأن كل معرفة علمية _بغض النظر عن مستواها _ تحمل في باطنها مطبات معرفية قد تؤدي بنا إلى الوقوع في الخطأ والأبتعاد عن الصواب هذا النظرية الفلسفية التي لانؤمن بالطبع بأطلاقها تنطبق بصورة كبيرة على وضعية الرئيس اليمني عبدربه هادي في مقر أقامته الان في العاصمة السعودية الرياض أو كما كان بمقر أقامته بالعاصمة اليمنيةصنعاء الذي أنتخب_ مهما جادل الأخر _ لرئاسة اليمن منذ أن رحل الرئيس السابق علي عبدالله صالح من السلطة وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المقتصرة على نجاح اتفاق نقل السلطة في اليمن والتسوية السياسية على خلفية الاحتجاجات ضد الرئيس المخلوع في العام 2011 على دور دول مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت عن مبادرة لنقل السلطة بشكل سلمي وهي بنود المبادرة الخليجية الموقعة بتاريخ 23نوفمبر2011 ولشرح هذا الأمر للقارئ وعلاقة هذه النظرية بموقف الرئيس هادي الذي تحتضنه المملكة العربية السعودية أقول أن الأخير قد أرتكز في أنتخابه أوتعيينه على القيادات الفوقية التقليدية الذي رباها وترعرعت بحضن الرئيس المخلوع وضلت طيلة سنين مستعبدة حتى اليوم أعلنوا حينها بإن هادي هو رجل المرحلة لأسباب كثيرة ومتشابكة لامجال الى الخوض فيها الآن بعد أن أصبحت في ذمة التاريخ.. أذن كان للرئيس هادي منصور قوة لايستهان بها تتركز في أستناده الى رصيد حزبه الكبير وفلول نظام متجذر بالدولة العميقة يتمثل _في الواقع _ بحزب المؤتمر وحلفاؤه والاشتراكي وشركاؤه وشريحة كبيرة من المواطنين ورجال القبائل ومن الجنوبيين بدرجة أدنى ان يكن موقفهم هش رجراج ويمكن كان أن يتغير أستناداً الى متغيرات المطالب والمصالح وقواعد اللعبة التي طبخت في مطابخ السياسة اليمنية الرثة ولكن ..ولأن لنقاط القوة_ أحياناً_ وجهها الأخر المتمثل بنقاط الضعف مثلما قلنا أن الفكرة تحمل في داخلها نقيضها كما تنص على ذلك نظرية هيغل...أقول لأن لنقاط القوة احياناً نقاط ضعف فأن المواقف الأيجابية ونقاط قوة الرئيس تستحيل الى نقاط ضعف تؤثر على مواقفه وحكومته التي كان يرأسها الاستاذ محمد سالم باسندوه وكانت بمثابة السكين المسموم في خاصرة المشروع السياسي اليمني كما كان يراه محللون الذي أدت في نهاية المطاف الى سقوطها وأنهيارها وبالتالي دخول اليمن في غياهب الحرب والعبث السياسي والفوضى المطلقة بزعامة عبدالملك الحوثي التي شهدها الشعب اليمني والجنوبي أشد وقساوة من الناحية التدميرية والإنسانية نقاط الضعف هذه _ التي هي أيضاً نقاط قوة _ تتمثل في المليشيات المسلحة المرتبطة بالاجندات الخارجية ذات الصلة بالعلاقات الدينية والسلالية ونزق النعرات الطائفية _التي دعمت وحركت رأس الأفعى _ والتي كان يمارس بعضها أفعالاً وتحركات غير منضبطة وخارجة عن القانون يتبرئ منها حتى الأحزاب وتتحرك تحت غطائها وعنواينها منذ تولي الرئيس هادي نظام الحكم وهي أحدى أسباب تهديد وأغتيال عدد من القيادات والكوادر الوطنية التي وقفت مع الوطن والعملية السياسية الناجحة وانتقدوا بصدق وصراحة العنف والسيطرة الأحادية على مرافق الدولة من قبل الحوثي والمخلوع صالح واعلنوا ضرورة كبح جماح هذه المليشيات بالأضافة الى النظر بجدية الى قضية الجنوب ومطالب شعبه والتي تعد برميل البارود كما يصفها البعض أذ أنه وعلى الرغم من مطالب البعض بتاجيل مناقشة مستقبل الجنوب الا أن شعب الجنوب يرفض ذلك بتاتاً ويطالب بحريته وأستقلاله مشكلة الاقاليم وكيفية تطبيقها على أرض الواقع هي من أودت بتصرفات الرئيس وقراراته المرتجلة والاخفاق الإدراي داخل مكتبه وبطانة دار الرئاسة المدانة بالولاء القبلي فالجهات والاطياف التي دعمت الرئيس والتي تم ذكرها اعلاه يختلفون في هذه المسألة حيث أن القوى السياسية المشاركة بالحوار من اهم الجهات التي تدعو الى اقامة أقاليم في اليمن بشقيه بالأضافة الى قوى مستقلة بينما من جانب أخر كان الحوثي وصالح من أهم المعارضين لهذه الفكرة ويعتبرها خطوة خطيرة وملغومة لتقسيم اليمن وأيضاً الدور الايجابي للمبعوث الأممي السابق جمال بنعمر في اليمن يكاد يكون انتهى فعليا عقب الاستعانة به لتفكيك بعض مراكز قوى النظام السابق اذ تحوّل بعدها حسب تعبير مراقبين مستقلين من "ميسِّر" للعملية الانتقالية إلى "مسيِّر" لها لم يكن حينها الرجل محل ترحيب وإجماع بل صار مادة اختلاف ومهاترة.. وملحوظ انه فرط في واحد من أهم بنود المبادرة وهو ازالة أسباب التوتر اذ لم يسعَ لبذل الجهود لمساعدة الأطراف الموقعة على ازالة الاحتقان الناشئ عن تمترسات 2011 بل صارت تصريحاته تغذي الخلاف وتعمقه وتنقل الكرة الى ملعب الجماعات الطارئة من خارج مربع التوقيع وعلاوة على ان استمرار وجوده كان يشكل عبئا على الرئيس هادي يضعف من شخصية الاخير فإن بنعمر تسبب ليس فقط في عدم التئام الشمل بين الاطراف بل أسهم في صنع خلافات داخل كل طرف على حدة بناء على المواقف المتخذة يمنيا من سياساته التي تصر على اعتبار التوافق حول تغيير شكل الدولة من البسيطة الى المركبة معيارا لنجاح الحوار.. ولا يفتأ من التلويح المستمر بالعقوبات لمن كان يسميهم "معرقلي التسوية" في طور لم يعد يستدعي هذا التلويح بل يستدعي لغة التقريب والاقناع حينها .. الامر الذي دعا بعض المراقبين لوصف بنعمر بأنه صار "المعرقل الحقيقي الاول لعملية التسوية في اليمن" وأحد المعرقلين لجهود الرئيس هادي وقراراته الرئاسية . وهو ماوضع الرئيس هادي حينها أزاء موقف عصيب ومشكلات صعبة تحتاج أن يجابهها بذكاء شديد لأن داعميه ومن أوصلوه الى سدة الحكم بينهم هوة سحيقة وفجوة كبيرة بل لديهم خلافات وتناقضات يمكن ان تساهم في تقويض وتفكيك بنية الدولة الهشة أصلا التي تعاني من مشكلات عدة وتتعرض لهجمات أرهابية شرسة من قبل جماعات التكفير والظلام بعد هذا كله أصبحت البلاد في كف عفريت غارقة في وحل الصراع والاقتتال الداخلي ختاما ندعوا الرئيس هادي الى عدم الرضوخ للقرارات الطائشة المكتوبة والتوقيع عليها الا بعد أن يكون مطلعا بنفسه على أي قرارات صائبة تصب في مصلحة الوطن ..أمامه الان مرحلة صعبة وحمم ثورية بركانية تتوعد بالخلاص والعيش بعزة وكرامة . سيادة الرئيس أكشف عن العقل المبدع شديد الإدراك والفهم وقابلية التطور بسرعة العصر وتقلباته السياسية أو بالأحرى قراءة كف المستقبل بنور المعرفة المستنيرة والمجرب المعتصر في خبايا الماضي والحاضر ولكم خالص تحياتي ولوطننا الكبير مزيد من الإنجازات الثورية والنضالية نحو بلد مستقر مستقل والله من وراء القصد .