ترك مروان ابو خالد وهو سائق أجرة على حافلة صغيرة بمدينة عدن عمله يوم الاربعاء وغادر منذ الصباح الباكر منزله بحي الهاشمي بالشيخ عثمان حاملا عمل صغير لدولة اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت قائمة في جنوباليمن وتوجه إلى ساحة العروض بخور مكسر . يشارك منذ سنوات طويلة ابو خالد بمهرجان الحراك الجنوبي لكنه مع اندلاع الحرب الأخيرة تحول إلى مقاتل ضمن صفوف المقاومة الجنوبية بجبهة جعولة . حمل الرجل سلاحه الشخص وخاص معركة مسلحة استمرت لأشهر . في ساحة العروض صباح يوم الاربعاء لايحمل ابو مروان أي اسلحة لكنه يؤكد انه حضر للمشاركة على ان المطالب التي دعمها لسنوات طويلة وهي استقلال الجنوب عن الشمال لاتزال حاضرة و "بقوة". وسط ساحة العروض بخور مكسر يحتشد صباح يوم ال 14 اكتوبر الآلاف من المتظاهرين الجنوبيين ككل عام . منذ أعوام مضت احتشد عشرات الآلاف في نفس الساحة ورفعوا وايدوا مطالب استقلال الجنوب عن الشمال رغم أعمال القمع العنيفة التي قابلت بها القوات الحكومية هذه الاحتجاجات . ظلت حركة الاحتجاجات السلمية في الجنوب مستمرة منذ العام 2007 وشدد قادتها طوال هذه السنوات على سلميتها ، كانت هذه الاحتجاجات تتم في حين يسيطر قيادات أمنية وعسكرية شمالية على كل مفاصل الدولة وتربض بالقرب من مواقع الاحتفالات قوات عسكرية وامنية ضخمية جل افرادها من مناطق الشمال . في ال 26 من مارس الماضي دفعت ميليشا الحوثي وقوات موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بالآلاف من جنودها صوب مناطق الجنوب وتحديدا عدن . تمكنت هذه القوات من احتلال مناطق واسعة من مدن الجنوب وتحديدا عدن التي سقطت اجزاء كبيرة بيد هذه القوات . خلفت أعمال قصف وقتال دامت أشهر حالة من الدمار الكبيرة في مدينة عدن ومحافظات جنوبية أخرى لكن هذه الحرب اقتلعت حضور قوي لقوة عسكرية وامنية شمالية ظلت جاثمة بمدن الجنوب لسنوات طويلة. منذ بدء الحرب تحول الآلاف من المتظاهرين السلميين الذين شاركوا في فعاليات الحراك الجنوبي إلى مقاتلين في جبهات متعددة ومع انتهاء الحرب بات الجنوب يطل على واقع سياسي وعسكري مغاير . انخرط العشرات من القيادات العسكرية الجنوبية في مهام شبه سلطوية في مدن الجنوب المحررة وتناقصت إلى حد كبير حالة العداء مع الحكومة مع تحول كافة أو اغلبية المهام الحكومية في عموم مدن الجنوب إلى اشخاص من الجنوب . مثل التحول الأخير على الأرض في مدن الجنوب واقعا مغايرا ورغم الانتصار الذي حققته المقاومة الجنوبية وفرضها سيطرتها على الكثير من المناطق إلا ان هذا الانتصار لم يفض إلى استقلال تام للجنوب لاتزال الحكومة اليمنية الموالية للرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" هي من تدير شئون الكثير من مناطق الجنوب وهي لاتؤيد مطالب استقلال الجنوب . يرى كثيرون ان الرسالة السياسية التي يمكن للجنوبيين ايصالها إلى العالم عبر فعالية ثورة 14 اكتوبر بعدن هي التأكيد على ان مطالب استقلال الجنوب التي رفعت في العام 2007 لاتزال قائمة رغم كل المتغيرات السياسية على الأرض . تثبت حالة الاحتشاد السياسية والجماهيرية في عدن يوم ال 14 اكتوبر بان المتغيرات السياسية والعسكرية على الأرض وسيطرة الجنوبيين على مفاصل كثيرة لاتكفي للجم حركة الاحتجاجات التي يمكن لها ان تتوقف . ثمة رسائل كثيرة يمكن للجنوبيين ايصالها أيضا إلى أطراف عديدة بينها دول التحالف العربي والتي باتت تتواجد في عدن بقوة وحضور سياسي واسع والرسالة هي تأكيد على ان معالجات قضية الجنوب يجب ان تكون معالجات حقيقية وليس صورية مثلما يقول الجنوبيين بان مؤتمر الحوار الوطني في اليمن انتجها مؤخرا .