"الالغام" تواصل حصد ارواح المدنيين وغياب كلي للخدمات لم تعد روائح الفل اللحجي الشهير تعطر ازقة وشوارع مدينة القمندان وفيصل علوي وهادي سبيت فلقد استبدلت الحوطة فلها الزاكي بروائح المجاري والصرف الصحي وعوادم الدراجات النارية ورغم حجم الدمار الشامل الذي حل بالمدينة الا ان مظاهر الحياة للحوطة تعود طبيعيا حيث شوهدت فتيات المدينة يسلكن طريق العودة من مدارسهن والابتسامة تعتلي وجوههن رغم المعاناة والمشاكل العديدة التي تعيشها المحافظة . دمار شامل وجسدت عدسة "الصحيفة" مظاهر البؤس والمعاناة التي برزت بادية فيه وجوه اطفال المدينة المثقلة بضنك العيش والفقر وغياب ابسط مقومات الحياة اليومية الى جانب حجم الدمار المهول في المرافق الحكومية والمباني والممتلكات العامة والخاصة والتي تفوق نسبتها 90% وهو ما يعكس حجم الكارثة المأساوية التي شهدتها مدينة الحوطة على ايدي ميليشيات جاهلة لا تعرف سوى لغة القتل والخراب والتدمير . وفي جولتها الميدانية الى حوطة لحج مدينة الفل والفن الاصيل التقت "الصحيفة" بالعم هاشم صدقه عبيد موظف متقاعد في مؤسسة النقل والذي كان يقف في ركن سوق الحوطة الشعبي بانتظار عودة التيار الكهربائي قائلاً بانه منذ 18 ساعة من الانقطاع وحتى اللحظة لازالت الكهرباء مقطوعة عن الحوطة ، مضيفاً بلكنه تملؤها الغصة والحزن نحن سكان حوطة لحج نعاني من وضع مأساوي واوجاع كثيرة لا تحصى ولا تعد فلا ماء ، ولا كهرباء ، ولا امن ولا اعادة أعمار ولاهم ولا يحزنون ونأمل من الاشقاء الاماراتيين الى التدخل لإنقاذ لحج واعادة تطبيع الحياة فيها كما عملت ذلك في عدن . غياب الخدمات وفي معرض حديثه مع "الصحيفة" اوضح الناشط المدني بالحوطة صلاح فيصل الثعلبي طالب سنة خامسة بكلية الهندسة جامعة عدن بأن محافظة لحج عامة ومديرتي الحوطة وتبن خاصة تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة من ناحية التعليم والصحة والمياه والكهرباء ، ولقد باتت معاناة المواطن اللحجي حد تعبيره بلا حدود ، مضيفاً بانهم كشباب سيكونون جنود لمن يعمل ويبني لحج كان من كان قائلاً بان همهم الوحيد هو انقاض لحج من الوضع الكارثي الذي تعانيه داعياً الهلال الاحمر الاماراتي الى الالتفات لمحافظة لحج كونها اكثر محافظة تعاني من غياب شبه كلي للخدمات . بالمقابل قال ل " الصحيفة" محافظ لحج أ. د أحمد مهدي فضيل بان لحج تعد مدينة منكوبة وغالبية سكانها فقراء ، وأكثر معاناة من مآسي حرب ميليشيا الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح وهي بحاجة الى اغاثة غذائية ودوائية وصحية الى جانب تحسين البنية التحتية من نظافة ومياه وكهرباء وصحة وتعليم وغيرها الكثير مشيراً بان مدينة الحوطة عاصمة المحافظة تعرضت لدمار كبير تفوق نسبتها 90% وكذلك مديرية تبن التي تصل نسبة حجم الدمار فيها الى 50% وبعض الاضرار الكلية والجزئية في المرافق الحكومية والبنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة في مناطق كرش والمضاربة ورأس العارة وسيله بله وغيرها . كارثة الالغام واوضح المحافظ بان لحج تعاني مشكلة كبيرة في الالغام كون زراعة الالغام مفتوحة على كل الجبهات وفيها دارت معارك كبيرة وعند خروج الميليشيات من المحافظة اثناء تحريرها قاموا بتلغيم كامل للمدينة حتى انهم لغموا المنازل في الحوطة وبعض المدن موضحاً بان خمس فرق من سلاح المهندسين في المنطقة الرابعة (بتمويل من قيادة المحافظة ) تضم من 42 الى 48 شخص عملت لمدة شهرين في المسح وتصفيه المناطق الخدمية والشوارع الرئيسية وبعض الاماكن المشكوكة فيها وتمكنت من نزع 395 لغم كبير و 75 افراد اضافة الى عشرات المقذوفات . وأردف لازالت الالغام تحصد الارواح في لحج كون المحافظة ملغمة بشكل عشوائي والفرق التي تعمل حول ذلك تعمل بأجهزة قديمة وقد تعمد الحوثيون زرع الالغام بعشوائية كونهم يعرفون بانهم لن يعودون للمحافظة تلقائياً واسفرت تلك الالغام عن مقتل وجرح المئات من الضحايا المدنيين مطالباً بتدخل دولي وانزال فرق متخصصة لتصفية المحافظة من تلك الكارثة التي تؤرق السكان كل حين . معاناة لا توصف بدوره اوضح ل "الصحيفة" الدكتور محمد الزعوري استاذ الفلسفة المشارك بجامعة عدن بأن سكان محافظة لحج يعيشون وضعا انسانيا معقدا بفعل الحرب ومخلفاتها التي تركت ندوب غائرة في المكان والزمان وفي الأنفس وأصبح الطفل والجميع يتجرع مرارتها في ضل عدم وجود ادنى الخدمات الانسانية في مدنها وقراها على السواء . ومضى بالقول : لا كهرباء ولا مياه ولا اتصالات وكثير من المدارس دمرت بفعل القصف العشوائي الذي مارسه الحوثيين أثناء الاجتياح وطال كل شيء ، علاوة على تدني مستوى الخدمات الطبية وإغلاق العشرات من المراكز الصحية والعيادات والصيدليات ، وحتى المتاجر والمطاعم ، ففي المناطق النائية مثل طور الباحة والمضاربة وردفان فان كثير من حالات الوفيات بين صفوف النساء الاطفال تحدث بسبب عدم وجود الرعاية الصحية حتى في أدنى الحدود . ودعا الزعوري كل المنظمات الانسانية والصناديق الخيرية لإيلاء محافظة لحج ومديرياتها الاهمية القصوى باعتبارها منطقة منكوبة ، وخص بالذكر الهلال الاحمر الاماراتي والتي كانت سفنه الإغاثية أول من وصلت إلى العاصمة عدن لتساهم بشكل مباشر في تخفيف معاناة الناس وقت الحرب والحصار . أشاده بدور الامارات وتابع الزعوري قائلاً بان الإمارات كانت ومازالت حاضرة في مساعدة أبناء عدن والمناطق المتضررة في أوقات الحرب والقصف وبعد توقف المدافع ، وقد ضاعف من نشاطه في تقديم الخدمات للناس حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويعود السكان إلى مدنهم التي تضررت في الحرب وساهم في تخفيف معاناة الناس من خلال توفير مولدات كهرباء بما يعادل 54 ميجا ساهمت بشكل كبير في عودة التيار الكهربائي إلى بعض المدن المتضرر. وكذا اصلاح شبكة المياه وترميم المدارس . وقال الزعوري ان الدور الذي يقوم به الهلال الاحمر الاماراتي ينطلق من المبادئ الدينية والإنسانية النبيلة ويعكس عمق الروابط الاخوية بين الشعبين الشقيقين ، ويجسد المواقف الرشيدة للحكومة الاماراتية وحكمة قائدها رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان . وأردف : عبر منبر "الصحيفة" ندعوا الهلال الاحمر الاماراتي إلى زيادة تواجدهم في محافظة لحج ومديرياتها النائية والتي لا يتوفر فيها ابسط مقومات الحياة ، وإعادة بث الحياة فيها من خلال اعادة ترميم خطوط الكهرباء المدمرة وترميم مدارسها وتهيئتها لاستقبال التلاميذ ، وإصلاح شبكة المياه ودعم القطاع الصحي لمساعدة القائمين عليه بالقيام بدورهم الانساني ومساعدة المرضى والتخفيف من آلامهم في وقت انتشرت فيه الكثير من الاوبئة وفي ظل توقف تام للمستشفيات والمراكز الصحية منذ بدء الحرب . مبادرات شبابية وفي السياق ذاته أفاد " الصحيفة" معاذ العطيري رئيس الهيئة الشبابية الشعبية لأبناء الحوطة وتبن بانهم في الهيئة قاموا بحملة تنظيف مستشفى ابن خلدون بالحوطة الى جانب حملة تحسين القسم الخارجي للمشفى كما تم تدشين العام الدراسي بالمشاركة مع نقابة المعلمين الجنوبيين وذلك بفتح المدارس وتنظيفها ، مشيراً بان ما تقوم به الهيئة هو بجهود ذاتية تطوعية لكنه قال ان حجم الكارثة في الحوطة كبيرة وتحتاج الى جهود وامكانيات اكبر مثمناً دور الهلال الاحمر الاماراتي في عدن وداعيه في الوقت نفسه الى ايلاء لحجوالحوطة عنايته ومؤكداً بانهم سيكونون في مساعدة أي منظمات تقدم للمحافظة لخدمة السكان والتخفيف من معاناتهم .