قصة قصيرة يتململ هو , يتأرجح الكرسي من تحته , كأنهما لا يتفقان , وقف فجأة يحدق بالكرسي , ثم راح يقلبه , عاد وجلس عليه , اهتز الكرسي من تحته , قام منه , وحمله إلى أعلى وراح يهزه . كنت أراقبه , واكتشفت أن العشرات من الناس تراقبه , قال احدهم لزميله : إنه مجنون . أجابه زميله بمرارة : لا .. نحن المجانين !! وقال زميله بدهشة أكبر : لماذا يحمل الكرسي هكذا ويهزه ؟! أجابه زميله بمرارة أكبر : إنه يحملنا ويؤدبنا !! تركتهما وهما يتحدثان أحدهم بدهشته والأخر بمرارته . شاهدت جاري يركض وفوق رأسه تحوم غربان غاضبه , فكان يهشها بكشيدته تارة يقذفها بالحجارة تارة أخرى. قال سائق التاكسي متذمراً من العسكر وهم على الجولات والشوارع : انظروا لقد عادوا من جديد.. ما حاجتنا بهم. قال أحد الركاب ساخراً معلقاً على حديث السائق : أنها قمة الاحتياجات الخاصة !! قبل أن ألج البيت شاهدت الغربان مازالت تحوم حول بيت جاري, وغربان أربعة ميتة تتدلى من على شجرة. قال لي أبي وهو يتصفح جريدته اليومية : انظر 87 % يريدون هذا الرجل .. إنه الرجل الواحد . قبل أن أغادر البيت كان صوت أبي يلحقني: لقد صوت أنت لهذا الرجل.. الخمسة مليون توقيع. الكل اليوم يثرثر , سيبقى فمي محكوماً بالصمت . مئات من الناس حول الرجل وكرسيه , بدا كأنه يتصارع معه . جاري شاهدته متنكراً متخفياً من الغربان. وضع الرجل قدمه على كرسيه وبدأ كمن يفكر . سمعت رجلاً بسيطاً يدندن : (( .... ليس كرسي القصر لا تحوم حوله الشباك ، ولا يدور حوله الشك لا تحرسه الدبابات ولا تذهب معه الرؤوس لأنه كائن رائع الطلعة يقبع بين التماثيل ... )) فجأة شاهدنا الرجل يرمي الكرسي ويحطمه وثمَ يسحقه بقدمه , ويضع بدلاً منه كرسياً أخر أكثر متانة ليس أكثر منه متانة . علق الرجل الضخم ساخراً : نحن أمة نغير الكرسي . ولا نتغير .. وتفرق الناس وهم يدندنون: (( ليس الكرسي = العرش وليس الكرسي الحربة الكرسي الصرف)). * ما بين القوسين للشاعر مبارك سالمين