لم تكن حادثة استهداف قادة الجهاد العسكري لقوات التحالف العربي عشية عقد المفاوضات في سويسرا مساء الأحد 13/12/2015 إلا نموذجا صارخا لغطرسة قيادة مليشيات علي عبدالله صالح والحوثيين في التعامل مع كل ما من شأنه إيجاد حل سلمي للوضع المتأزم في اليمن. فقد استهدفت قوات الانقلابيين قائد القوات السعودية في عدن العقيد عبدالله السهيان، والقائد الإماراتي العقيد سلطان محمد علي الكتبي؛ حيث قضوا مع مجموعة من العسكريين إثر إطلاق صاروخ تجاههم وهم يتفقدون جبهات القتال لقوات التحالف العربي في منطقة (شعب الجن) بباب المندب غرب تعز. في ظل هذه التطورات الداعية إلى تقويض أي مباحثات قادمة، ومع تعمد الانقلابيين خرق هدنة إطلاق النار، إلا أن القيادة اليمنية الشرعية كانت أكثر حكمة وحنكة في الاستمرار في المفاوضات لوضع حد للحرب الدائرة في اليمن، لعل الأممالمتحدة بمبعوثها إسماعيل ولد الشيخ تصل إلى حل يدفع مليشيات صالح والحوثيين للقبول بالحد الإنساني الأدنى من تبادل الأسرى، ووقف القصف على المدنيين، وفك الحصار عن المدن وتمكين المساعدات من الوصول للمحتاجين. كما أن عدم رغبة الانقلابيين في الالتزام بوقف إطلاق النار يعطي مؤشرا حقيقيا عن عدم جديتهم في الاستمرار قدما نحو إنجاح مفوضات السلام المنعقدة في قرية (ماغلينغن)Magglingen السويسرية شمال غرب مدينة برن، التي ستستمر لمدة سبعة أيام من يوم الثلاثاء 15/12 حتى الاثنين 21/12/2015. إن على الأممالمتحدة دورا كبيرا يجب أن تلعبه في الضغط على الانقلابيين للقبول بالحدود المقررة من الأممالمتحدة نفسها في إطار قرار 2216، وإيجاد الضمانات الكافية لتنفيذ هذا القرار، بعيدا عن الممارسات التي تطيل أمد الحرب ومعاناة الشعب اليمني. وأولها الانسحاب من المدن الرئيسية وتسليم السلاح للحكومة الشرعية. يجب ألا تبتعد المفاوضات في سويسرا عن الامتدادات الطبيعية للمؤتمرات السابقة والخلفية الشرعية التي ترتكز على قرار مجلس الأمن رقم 2216 والقرارات ذات الصلة، فضلا عن مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. من جهتهم استمر الانقلابيون في تعنتهم المعهود؛ حيث شهدت كل من تعز ومأرب والجوف والضالع والبيضاء خروقات صريحة للهدنة الأممية، في الوقت الذي تم الاتفاق فيه على تبادل مئات الأسرى والسجناء من الطرفين؛ حيث تصل الأعداد الأولى منه إلى حوالى 300 أسير تقريبا من كل جانب. إن على الأممالمتحدة والدول الكبرى دورا محوريا في إنهاء الصراع في اليمن؛ فإن الأوضاع الإنسانية هناك لم تعد تحتمل؛ فالحياة كلها متوقفة وعاجزة عن تقديم أي حل؛ فالقصف العشوائي الذي يطال الأبرياء والأبنية والمؤسسات هو ديدن الانقلابيين يوميا؛ ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الشرعية لإعادة الحياة الطبيعية لليمن -انطلاقا من عدن والمدن الجنوبية- فإن الانقلابيين مستمرون في تدمير اليمن بأكمله بدءا بالإنسان ومرورا بالبنية التحتية إلى كل ما فيه مصلحة اليمن واليمنيين.