الفريق السامعي يوجه دعوة لعقلاء اليمن في الشمال والجنوب    أثناء خروجهن من المدرسة.. وفاة فتاتين وإصابة ثالثة عقب سقوط مواد بناء في إب    قطر ومصر تدعوان لنشر قوة دولية في غزة... وتركيا: نزع السلاح ليس أولوية    تحقيقات البحرية الأميركية: اليمن وضع «هاري ترومان» على حافة الكارثة    صنعاء : هيئة المواصفات تشارك في معرض "إبداع أسري للاكتفاء الذاتي"    بعد طرد باريرا بسبب دعمها فلسطين: قاطعوا Scream 7    الرئيس الزُبيدي يرأس اجتماعًا مهمًا للقيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي    تعز.. اعتداء على شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل قسم شرطة في صبر    صادرات السيارات الكورية تتجه للانخفاض لأول مرة منذ خمس سنوات    عدن.. مصلحة خفر السواحل توضح حول الحادث الذي تعرضت له سفينة تجارية قرب باب المندب    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 70,354 شهيدا و171,030 مصابا    بدء صرف معاشات ديسمبر 2025 لهذه الفئة    الجزائر يقسو على البحرين في كأس العرب    أزمة غاز تخنق عدن ولحج.. محطات تغلق أبوابها وطوابير السيارات تمتد بلا نهاية    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفير الصين دعم مسار التنمية    تبادل قصف بين كابول وإسلام أباد يعيد التوتر إلى الحدود    إذا ضربتَ فأوجع فإن الملامةَ واحدة.    مصادر: الوضع في القصر الرئاسي بعدن يعود إلى ما قبل مغادرة كتيبة الحماية الرئاسية    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    انطلاق بطولة الجمهورية للجودو في ذمار بمشاركة ست محافظات    العلامة مفتاح يطّلع على أداء وزارة الشباب ويؤكد أهمية تطوير الأنشطة الرياضية والمجتمعية    الكثيري يلتقي مشايخ العوامر لتعزيز الشراكة الأمنية في حضرموت    رئيس انتقالي لحج الحالمي يهنئ الدكتور صلاح شائف بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف    عاجل: رشاد العليمي يغادر معاشيق ويأمر بحرق أوراق وملفات حساسة    خطوة في الفراغ    عاجل: سقوط معسكر لواء 11 بيد المهربين ونهابة مأرب وقوات درع العليمي تكتفي بالمشاهدة    الأرصاد يحذر من الصقيع في المرتفعات وينبّه من اضطراب البحر في باب المندب    تعز.. انفجار عنيف في مدينة التربة    انخفاض التضخم في كولومبيا خلال نوفمبر بفضل تراجع أسعار الغذاء    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    تدخين الشيشة يضاعف خطر سرطان الرئة بمقدار 2-5 مرات!    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    الوفد السعودي يجدد رفض ما حدث في حضرموت ويشدد على ضرورة مغادرة القوات الوافدة    حفر بئر وسط مدينة تعز يثير حالة من الاستغراب وناشطون يطالبون مؤسسة المياه بالشفافية    لأول مرة في التاريخ: احتياطي الذهب الروسي يتجاوز 300 مليار دولار    بين الغياب والحنين.. قراءة في ديوان (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري العميد عبدالله علي الغزالي    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    دعوة للتركيز على المستقبل    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدارات - 2016
نشر في عدن الغد يوم 07 - 01 - 2016


1


تنفرد المنطقة العربية لأسبابٍ متنوِّعة وكثيرة، بصفاتٍ خاصّة، بينها في المقام الأوّل، هاجس التفرُّد بالسلطة، أفراداً وجماعات. بينها، إذاً، عنفُ الصّراع، سياسيّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً، حول قيادة الدّولة. ومعنى ذلك أنّ الحرّيّات والحقوق، الفرديّة والجماعيّة، كانت ولا تزال ميداناً خلافيّاً معقَّداً، تتداخل فيه عناصرُ إتنيّة، واجتماعيّة، ودينيّة، وثقافيّة. ويمكن القولُ إنّها منطقةٌ تجسِّد، عمليّاً الواقعَ الذي يناقض الأطروحةَ الشّهيرة حول الحريّة والمنسوبة إلى الخليفة عمر بن الخطّاب: «متى استعبدتم النّاس وقد ولدَتْهم أمّهاتُهم أحراراً؟»، بحيث يمكن صياغتها الآن على النّحو النّقيض التّالي: «متى كنتم أحراراً لكي تطمحوا إلى السّلطة أو لكي تثوروا عليها؟».


ربّما نجد في ذلك الأسبابَ التي حالَت دون تمحوُر الصراع حول بناء المجتمع بوصفه كلاًّ لا يتجزّأ، وحول نموّه وتقدُّمه، وحول العمل على تحويله إلى مجتمع خلاّقٍ يشارك في بناء العالم. هكذا لم تنشأ في هذه المنطقة ثقافة التساؤل والبحث والتغيّر، وإنّما نشأت، على العكس، ثقافةُ المُحافظة، والاستئثار بالسلطة، وآليّات الإخضاع والاستتباع. وفي هذا ما يفسّر التّراجع المتواصل في حقول المعرفة والكشوف العلميّة، وفي كلّ ما يتعلّق بحقوق الإنسان وحرّيّاته، وبالأسس التي لا مفرّ منها لبناء مجتمع جديد، وإنسانٍ جديد، وثقافة جديدة.


وفي العصور الحديثة ترسّخَت هذه الثقافة في مختلف المجالات. وكانت معظم الأحزاب والتنظيمات والتجمّعات والاتّجاهات تغلِّب التّمَحْورَ حول السلطة وحول السياسة العمليّة، في أفكارها وأعمالها على السّواء.


وفي هذا الضّوء، نفهم كيف أنّ هذه المنطقة لم تستطع، على الرغم من «إدخالها» في إطار «الحداثة الغربية وقيمها الصناعيّة»، أن تؤسِّس لمجتمع المواطَنة، الذي يتساوى فيه الأفراد، واجباتٍ وحقوقاً، في معزلٍ عن الانتماء الإتنيّ أو الدّينيّ. على العكس لا تزال هذه المنطقة تتكوّن من بلدانٍ يكوِّنها أفرادٌ يتساوون في الواجبات، لكنّهم لا يتساوون في الحقوق. ومعنى ذلك أنّ هناك ظلماً وعُنفاً يبدوان كأنّهما جزءٌ لا يتجزّأ من الحياة العربية. وهذا أمرٌ ليس مجرّدَ إلغاءٍ للحريّة، وإنّما هو قبل ذلك نوعٌ من إلغاء الإنسان.


معنى ذلك أيضاً أنّ الفرد في هذه المنطقة «محكومٌ» بأن لا يقاتل من أجل العروبة، بل من أجل «عروبته» هو، ولا من أجل الحريّة، بل من أجل «حرّيته» هو، ولا من أجل الحقيقة، بل من أجل «حقيقته» هو.





2


تفصيلاً وتبسيطاً، أقف في مطلع هذه السنة، عند ظاهرتين بين ظواهر عديدة، هما: هدرُ الطّاقة المادّيّة التي تكتنزها الطّبيعة الأرض، وهدر الطّاقة الخلاّقة التي يكتنزها الإنسان المجتمع.





يتمثّل هدرُ الأولى في ما تمكن تسميته باقتصاد الطّبيعة: الماء، الهواء، الضّوء، الفلاحة، الزّراعة،..إلخ.


ويتمثّل هدرُ الثانية في تدمير ما تمكن تسميته باقتصاد الإبداع البشريّ.


في الحالَين تبدو الحياةُ العربية مجموعةً من القيود، والكوابح، والرّقابات، إضافةً إلى أنّها تبدو كأنّها مجموعة من التّبعيّات، الدّائرة في فلك الآخر الأجنبيّ، وفلك مَصالحِه، واستراتيجيّاته.


والنّتيجة التي يُفضي إليها هذا الواقع، يمكن أن تُصاغ في هذه العبارة:


الأرض العربية ليست «طبيعة»، بقدر ما هي «تجارة»، وهي ليست «وطناً»، بقدر ما هي «نظامٌ». وكلُّ شيءٍ، مُسَخَّرٌ لهذا «الفنّ» الذي يوحِّد بين النّظام والتِّجارة، ويحافظ عليهما، ويدافع عنهما.


الإنسان نفسه ليس في ممارسة هذا «الفنّ»، إلاّ أداةً، وإلاّ شيئاً بين الأشياء.





3


فواتح لحوارٍ مُقبِلٍ مع «ثقافة» السنة 2016


نعم يجب أن نحاكم القمح،


لا لشيء،


إلاّ لأنّه لم يكتب حتّى الآن قصيدةً في هجاء الجوع.





*


أهو شاعرٌ؟ عالِمٌ؟ موسيقيّ؟


لا فَرْق.


صحيحٌ أنّ خدَّيْهِ يسيران على الشَّوك،


لكن، انظروا إلى يديه، كيف تحصدان الغيوم.





*


الآن، في هذه اللحظة،


أرى القمرَ يتّكئ على جَناحَي إوزّةٍ تسبح شِبْهَ عاريةٍ بين دجلة والفرات، يقودها مركبٌ طائرٌ.





*


بلى، يُصغي التّاريخ حتّى إلى أولئك الذين يثقبون آذانَ الكلمات بفحيحهم. ودائماً يؤكِّد، هو نفسه، أنّ الكلامَ حتّى الأرضيّ منه، يهبط من أمكنةٍ قريبةٍ إلى أفواه السُّحُبِ وشبيهةٍ بها، أكثرَ ممّا يصعد من أحشاء الأرض.


إنّه الآنَ تاريخٌ حرٌّ: يبيض، ويصفر، وينقِّر كما يشاء. الجوّ خالٍ له، كما خلا مرّةً لتلك القُبّرَة القديمة.


شكراً لذلك الشاعر القديم الحديث،


شكراً لتلك القُبَّرة الحُرّة، القديمة الحديثة.





*


لماذا لا تعترف؟ لماذا لا تُقِرّ أنّ أهل الغرب يتعاملون مع الأفكار والآراء، ومع الثّورات نفسها، كما يتعاملون مع الأزياء، والسيّارات الحديثة، أو مع الأسلحة الموغلة في ثقافة الفَتْك؟


لماذا تُنكِر أنّهم قادرون على تحويل العصا إلى صولجان، والكرسيّ إلى سلطة، والسلطة إلى ذهَبٍ خالصٍ، عادلٍ، حكيم، وإلى معادن أخرى نفيسة ونادرة؟


لماذا هذا العِناد الذي يكاد أن يكون بليداً؟





*


رمزٌ لا يعرفه إلاّ المُقرَّبون.


لماذا ترفض الانضمام إلينا، وتدعو معنا ذلك الغرابَ،


لكي ينبُشَ أسرار ذلك الرّمز، ويقرأها علينا؟


*


رَدِّدْ معنا:


ركبت هذه الحصاةُ السّوداء حرفَ الألف، وطارت هرَباً من بقيّة الحروف.


ردِّدْ معنا كذلك:


حتّى الآن ترفض البَوْحَ بأسباب هذا الهرب.


*


نعم، العيونُ أسلحة.


الرّصاصةُ نفسُها تفهم سِرَّ الكلمة، ومعنى العمل.


نعم، يقدرُ السّيفُ أن يخترقَ عتمةَ الأبجديّة ونصوصَها جميعاً.


نعم، يقدرُ أيُّ حجرٍ أن يرقص التانغو!





*


مَن أنتَ، يا مَن يحضر المسرحَ العربيَّ التراجيديّ المتواصِل، ولا يملّ من الحضور؟


أنا الهلَعُ الذي لم ترَه بعد.





*


عادةً، يعيش الفمُ داخلَ الرّأس.


لكن، إيّاكَ أن تسألني لماذا يعيش الرّأسُ، اليومَ، داخلَ الفمِ؟





*


يُخَيَّلُ إليّ، في بدايات هذه السنة 2016، أنّ الأطفالَ العرب يموتون منذ الولادة،


أنّهم يموتون قبل آبائهم وأمّهاتهم،


أنّ الطِّفلَ العربيّ هو نفسُه،


شكلٌ آخر من أشكال الموت.


هَذَيانٌ هدّامٌ ومُخَرِّب.





*


هل يفقد الليلُ العربيُّ شيئاً فشيئاً حقوقه الخاصّة في الدّخول إلى بيت الحلم؟


تسألني؟ سأجيبك، سائلاً:


أهذه سنةٌ يمكن وصفُها بأنّها عربيّةٌ حقّاً؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.