يشعر محمد البعداني بالامتنان لمنظومة الطاقة الشمسية، فبعد 10 أشهر على انقطاع التيار الكهربائي في اليمن، لم يكن بمقدور الشاب الذي يمتلك صالون حلاقة صغير في أحد شوارع صنعاء مواصلة مهنته، لولا الألواح الشمسية التي أنقذته من البطالة التي تضرب البلاد منذ اندلاع الحرب. إلى جانب محمد، شكّلت الطاقة الشمسية مصادر دخل للمئات من اليمنيين الذين تعتمد مهنهم الصغيرة على الكهرباء بدرجة رئيسية، ونجحوا في حماية أسرهم من جوع يهددها، لكنه طال آخرين غيرهم. يقول الشاب الثلاثيني، بعد أشهر من العناء “الآن صار بإمكاني أن أعيش مطمئنا، ولا أفكر في أن أطفالي قد ينامون ليلة دون وجبة عشاء”. وأضاف محمد “أدوات الحلاقة بحاجة إلى طاقة كي تعمل، في الأشهر الماضية كنت أذهب لشحن الأجهزة عند جيراني لكنها تنفد سريعا”. وقال “صحيح أن المنظومة الشمسية تكلف ما يزيد عن 700 دولار، وأحيانا أكثر، لكنها تضمن لك ألاّ تصبح عاطلا، لقد انتشلت كثيرين: مستودعات تصوير، كافتيريات، وغيرها العشرات في هذا الشارع”. ويعيش نحو 70 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة في مناطق ريفية يقع العديد منها بعيدا عن شبكة الكهرباء الوطنية. وحتى المحظوظون الموصولون بشبكة الكهرباء فإنهم يحصلون على خدمة متقطعة. وعلى رغم من عدم وجود دراسة رسمية، إلا أن الخبراء يعتقدون أن اليمن ينتج نحو ثلث احتياجاته من الكهرباء فقط ، أي ما يعادل ألف ميغاوات من إجمالي 3 آلاف ميغاوات المطلوبة. واقتحمت منظومة الطاقة الشمسية، خلال الأشهر الماضية، أسطح المنازل اليمنية بشكل لافت، خصوصا في العاصمة صنعاء، ومدينة إب، وسط البلاد. كما شهدت تجارة الألواح الخاصة بالطاقة الشمسية رواجا غير مسبوق، وخصوصا لتجار البضائع التي شهدت ركودا زمن الحرب.
تجارة الألواح الخاصة بالطاقة الشمسية شهدت رواجا غير مسبوق
كما أنقذت أصحاب المهن الصغيرة من رصيف البطالة، وشكّلت قفزة هامة في حياة ملايين الطلاب الذين كانوا يضطرون لمراجعة دروسهم على أضواء الشموع باهظة الكلفة، والتي وصل سعر الشمعة الواحدة إلى ما يعادل نصف دولار. وقال عبدالرقيب الآنسي (موظف حكومي) “الإضاءة هي أقصى ما نفكر فيه الآن، بعد أشهر من العتمة، أشعر بالارتياح أني استطعت إنارة المنزل عبر الطاقة الشمسية، وتمكين أولادي من مراجعة دروسهم قبل موعد الامتحانات دون إشعال شموع ترهق أعينهم”. وحفاظا على عدم استنزاف الطاقة بشكل سريع خلال ساعات الليل، لجأ اليمنيون إلى إنارة غرف منازلهم بأجهزة إضاءة اقتصادية وتخفيض سطوع شاشات التلفاز إلى النصف. وحذر مختصون من تسبب رجوع التيار الكهربائي العمومي بخلل في منظومة الطاقة الشمسية، التي تعامل معها معظم اليمنيين كبديل منذ انقطاع التيار قبل أشهر. ونصح هؤلاء المختصون بالتأكد من وجود قاطع بين الكهرباء العمومي وكهرباء الطاقة الشمسية. وقال المهندس الكهربائي مأرب العماري “الطاقة الشمسية ليست الحل الجذري في اليمن، ولكنها يمكن أن تكون حلا مؤقتا لمسألة معينة، كالإضاءة، وتشغيل معدات وتقنيات وأجهزة منزلية محدودة”. وأضاف “لكي تصبح الطاقة الشمسية بديلا للكهرباء، لا بد أن يتوفر مشروع وطني عملاق لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، هي حل مناسب في الوقت الحالي، لكن ليست مرضية بالشكل المطلوب”. وما زالت المصانع والورش الخاصة بالنجارة والأليمنيوم تعتمد على مولدات كهربائية خاصة، وكذلك الحال مع محلات الخياطة التي تحتاج أدواتها لتيار ذي قدرة أكبر مما تجلبه الألواح الشمسية. ويرى خبراء أن اليمن يتمتع بموارد هائلة من الطاقة الشمسية، نظرا لموقعه الجغرافي المميز الذي يجعله يمتلك أعلى سطوع شمسي. وقال المهندس، مدير عام مؤسسة الكهرباء السابق في اليمن، خالد عبدالمولى، في دراسة خاصة، إن الجزء الأكبر من الأراضي اليمنية يقع ضمن ما يسمى ب”حزام الشمس”، الذي يستفيد من معظم أشعة الشمس الكثيفة على الكرة الأرضية، من حيث الحرارة أو الضوء. ووفقا للدراسة، تتراوح مصادر الطاقة الشمسية ما بين ألفين و3 آلاف كيلو واط على المتر المربع الواحد في السنة. ودعا المسؤول اليمني إلى ضرورة الالتفات للطاقة الشمسية، باعتبارها طاقة مستقبلية ودائمة وغير مهددة بالنضوب أو التلوث البيئي.