الزيود في اليمن كالعلويون في سوريا يمسكون بمفاصل القوة العسكرية والمالية والقبلية، ولديهم أعداد هائلة من الشباب يمكن دفعهم لميادين القتال في أي لحظة تسندهم طبيعة جغرافية لن ينازلهم فيها أحد بنفس كفائتهم، ضف لذلك كله أن حزب الإصلاح الأخواني الذي يفترض به قوة المعارضة الرئيسية كل زعمائه من الزيود وهؤلا لا يحبذون هزيمة كاملة لأبناء جلدتهم فأطروحاتهم كلها تؤكد على الحفاظ على الجيش والأمن والحرس الجمهوري وكل الوحدات الفرعية الأخرى، فهم لا يستهدفون غير رأس عفاش وعبدالملك الحوثي فقط. بعض المثقفين والكتاب وحتى الضباط الزيود لم يعودوا جزء من الشرنقة الطائفية الزيدية بل يؤمنوا بالوطنية اليمنية لكن هؤلا قلة وتأثيرهم محدود نظراً للجهل في المناطق الزيدية الذي مورس على هذه القبائل لإبقائها ذخيره لأي صراع كما هو حاصل اليوم. نتيجة لهذه المعطيات فأن الصراع في الشمال لن يحسم بالحرب ولو وصل علي محسن الأحمر لمنصب نائب القائد الأعلى وهو الذي جاء تعيينه لطمأنة هذه الطائفة حول مكانتها ونفوذها ومحاولة إستقطاب القبائل حول صنعاء. أقصى ما يستطيع علي محسن عمله هو زيادة الضغط على صنعاء للوصول لتسوية سياسية تضمن الهيمنة التاريخية للزيود وستعتمد السعودية أي وكيل عنهم كما كان الأمر مع المخلوع عفاش. كان على الرئيس هادي والسعودية ودول الخليج الإهتمام بالجنوب الذي أصبح فعلياً خارج نفوذ المركز المقدس في صنعاء وتأسيس بنى الدولة الحقيقية فيه، هذه الخطوه لوحدها لو تمت كفيلة بإعادة التوازن لليمن كما كان قائماً قبل الوحده. كان على الرئيس هادي والتحالف الدفع بقوات كبيره ودعم حقيقي لتحرير تعز بدل الذهاب لتحرير صنعاء، فلو تحررت تعز ومأرب فهذا يكفي للوصول لتسوية سياسية مقبوله. ما يجري منذ عام تخبّط لا مثيل له، ليس هنالك من إستراتيجية لهذه الحرب ولا خطط محددة المعالم وحتى الجنوب ترك للقاعده وداعش والفوضى والتسيب والأهمال. إذن لن نرى نصرا أن أستمر حال هادي والتحالف على ماهو عليه اليوم بل أن هذا الصراع سيتحول إلى ثقب أسود بالنسبة للسعودية ودول الخليج. أوربا تستقبل ملايين اللاجئين العرب والسعودية تغلق منفذ الوديعة على اليمنيين في الوقت الذي يفترض بها أن قررت بعدما سيطرت إيران على صنعاء عودة إعتبار اليمني كالسعودي في التنقل والعمل كما كان سائداً قبل الوحده. لا يمكن للسعودية ضمان أمنها من ناحية اليمن وهي تعامل اليمني كالبنغالي أو الفلبيني. لا ندري أي عقول تفكر في الرياض أنهم هم من يخلق هذا المحيط المعادي الناقم الذي يتحول إلى براكين تنفجر كلما أحتقنت الأوضاع الإجتماعية والسياسية. آن للسعودية أن تتخذ خطوات جريئة تجاه علاقتها بالشعب اليمني من ناحية وأعادة هيكلة السلطة الشرعية الموجوده بالرياض، فهذه الوجوه (الشرعية) التي تسمّنها السعودية كالأبقار في الرياض لن تنتج لبناً ناهيكم عن نصر.