للإنسان طاقة قوية كامنة في جوفه لا يشعر بمداها، ويظن أن قوته تتوقف عند نقطة معينة وهي ليست كذلك فالإنسان إذا عقد العزم وكانت نيته صادقة لله يستطيع أن يقهر الصعاب. نحن في يافع نفتخر ونعتز بما عمله أجدادنا الأولين كما يفتخر ويعتز غيرنا بأجدادهم، فعندما ننظر إلى البيوت الشاهقة والمساجد والسدود المائية التي بناها أجدادنا أعالي سلاسل الجبال المرتفعة، وننظر إلى هندسة الفن المعماري لا شك أننا نعتز ونفتخر بأجيال خلت شيدت تلك المباني، وكذلك عندما نرى طرقات "الحيوانات كالحمير والأبل التي كانت تستخدم لحمل الأمتعة" التي تم شقها في بطون الجبال الصلبة، كما نعتز ونفتخر بهذا الإنسان الذي عاش أعلى تلك السلاسل الجبلية وتحمل طبيعة الحياة القاسية والظروف الصعبة وصنع أمجاد لا نستطيع أن نصنعها أو تصنعها الأجيال القادمة.
في الماضي القريب هجر الكثير من أبناء يافع قراهم وتوجهوا إلى المدن الحضرية وبلاد الغربة وكان يفكر البعض من بني يافع أن المرتفعات التي سكنها أجدادهم لم تعد صالحه لهم، لكن عزيمة الإنسان اليافعي لم تهدأ ولم تضعف في كل زمان ومكان فخلال السنوات الأخيرة رأينا الكثير من المشاريع التي قام ويقوم بها الإنسان اليافعي كشق الطرقات وتوصيل المياه وغيرها من المشاريع الخدميّة معتمداً على دعم المواطن اليافعي، فهاهو مشروع الطريق الذي يربط مكتب السعدي واليزيدي واليهري ببقية مناطق يافع قد أُنجز منه الكثير ولم يتبق إلا ربطه بمنطقة جبل المسلمي.
منطقة جبل المسلمي: هي إحدى مناطق خميس المسلمي مكتب يهر يافع وتقع على سلاسل جبلية، وتنقسم إلى عدّة قرى موزعة على تلك السلاسل الجبلية ومن تلك القرى: (المقشب، وظّار، حبيل إشحاط، المحراس) وكل منطقة يوجد فيها عدد من البيوت التي لازال جميع أهلها يسكنونها ويقومون بكل ما كان يقوم به أجدادنا وآبائنا كحرث المدرجات الجبلية وزراعتها والعناية بها، وكذلك ترميم البيوت القديمة وبناء المساجد والمساكن الجديدة وغيرها من الأمور التي توحي بأن الإنسان في هذه المنطقة متمسكا بالعيش فيها ولا ينوي هجرانها .
أهل هذه القرى يأتون بأكلهم وشرابهم كالمياه وجميع المواد الغذائية من أسواق بعيدة تقع في باطن الجبل تبعد عنهم مسافات طويلة تصل إلى عدّة من الكيلومترات وهي طرق وعرة جدا، والأصعب من ذلك هو نقل المرضى من النساء والشيوخ الذين يتم حملهم على الظهر من أعلى الجبل إلى باطن الجبل حيث تصل طريق السيارات، ومن يحتاج إلى إسعاف مستعجل قد يموت قبل وصوله إلى باطن الجبل أو المستشفى، أو تتضاعف حالته بسبب العجز عن سرعة إسعافه.
أبناء جبل المسلمي إمكانياتهم المادية ضعيفة مقارنة بغيرهم من مناطق يافع التي وصلت إليهم الطرق ضمن هذا المشروع أو غيره، فكانت هناك صعوبة تواجههم بإنجاز مثل هذا المشروع العملاق بالرغم من إصرارهم وعزيمتهم على إيصال الطريق بأي ثمن كان، وللأمانة فقد انبرى الشيخ مطيع الذوادي وإخوانه "الذي لا ينتمون إلى هذه المنطقة "وقاموا بواجبهم الديني والإنساني تجاه هذه القرى المحرومة من جميع المشاريع الخدميّة فأوكلوا المهمة إلى أخوهم الشيخ وديع ثابت نقيب الذوادي بتجميع الأموال من رجال الخير لإسناد أبناء منطقة جبل المسلمي للقيام بهذا المشروع الخدمي الخيري الكبير.
بدأ قبل أيام العمل بهذا المشروع ابتداء من منطقة بئر العروس التابعة لمديرية يهر طلوعا حتى تصل إلى جبل المسلمي ليتم ربطها بطريق الجريبة.
بهذه المناسبة نشكر الشيخ مطيع الذوادي وإخوانه وفي مقدمتهم الشيخ وديع، كما نشكر كل من ساهم في دعم هذا المشروع الخدمي الخيري بالمال أو بغيرها من وسائل الدعم.
كما أننا ندعو رجال الأعمال والميسورين من أبناء يافع وغيرهم إلى المزيد من الدعم لهذا المشروع من أجل قدرة المقيمين عليه في مواصلة العمل وإيصاله إلى نقطة النهاية، ونسأل الله إن يجعل هذا في ميزان حسناتهم.
وللعلم أنا لست من أبناء منطقة جبل المسلمي ولكن نعمل بمبدأ الدال على الخير كفاعله، لعل وعسى أن يتجاوب مع موضوعي هذا رجل من رجال الخير وأحصل على الأجر والثواب.