في ردح عن أضواء الحرب، وبعيداً عن محافل ومؤتمرات السلاح، أنطلق وفد الحوثيون إلى حوار الرياض في زيارة لم تكن حتى في الحسبان، وربما ينتج عنها قراراً يُقضي بإنهاء الصراع المتأزم ، وإقرار جماعة (أنصار الله) الحوثية بشرعية هادي التي عارضوها طويلاً ... وتأتي هذه الزيارة المفاجأة -حد أقوال الخبراء- كطلبٍ لإنهاء وحزم مسار الحرب كلياً خصوصاً بعد الهزائم المذعنة التي تتكبّدها المليشيات ، وعلمهم بإن الحق لا محالة سينتصر ، وتأجج الوضع الذي تعيشه وتطوره يوماً بعد آخر .. ومن المفارقات تعود شكوك ثورة 2011م ومنعطف التسوية السياسية المعقدة التي توخت الهروب بمبادرةً خليجية صدرت عقب إسقاط النظام السابق، وقادت البلاد إلى ما وصلت إليه بتركها كل (تقاليد) العدالة، وتفرّدت بسوابقٍ شنيعة بأحكام واهية لا تُسند أبداً إلى المحاكمة السوية مهما توفر لها من ترحيب شعبي وتأييد إقليمي ، إلا أنها لا (تمت) بصلة إلى قدر المسؤولية التي وضعت تجاههم، والتي تسببت بجزء ليس بالقليل في تدهور البلاد ، بعد إن كان حرياً بها -بفضل سيطرتها على المشهد- محاكمة النظام السابق وليس استبدال (رأسه) وإعفائه بالحصانة الدائمة الأمر الذي كبّد الخليجيون أضعاف خسائر البلاد نتائج المبادرة الممثلة بهم والواقعة تحت اسمهم والفاشلة بكل مقاييسها رغم قبول تطبيقها إجبارياً .. وربما تتكرر هي اليوم بتحليقه أخرى لدول الخليج -مرفوضة شعبياً- تنهي مسار الحرب و تعطي المليشيات المتطرفة الحصانة الدائمة لممارسة أعمالها طبيعياً، (وترمي) بأهداف وانتصارات الثورة في مزابل الإهمال كما رمت بأهداف ثورة 2011م في قيعان النسيان لأجل حفظ وضمان مصالح محددة تطى خلف الأنقاض المدمّرة .. وهذا ليس بالأمر الغريب مادامت الحلول تصب في مصالح القوى المتحاورة، التي تأتي اليوم دفاعاً عن مكتسباتها دونما طلباً للأمن وحق الجوّار، واحتساباً لله، وامتثالا للمسؤولية التي يقودونها، ويعلق الشعب عليهم كل طموحاته وآماله المغلوبة التي انهار بناءها، فتسارع هي الأخرى بجندلتها واحد تلو الآخر، حتى موعد قادم مع الحروب والإقتتالات، التي لو تمسكوا بعدالة القرارت ونزاهة الوعود لانقرضت ولم يعد له أي مشاكل أو تخوفات .. ويرى مراقبون أن الزيارة هي أول بواكير التسوية السياسية المتعرقلة في اليمن، بعد استعصاء الحل العسكري لدول التحالف العربي التي فشلت في استعادة الواجهة الشمالية المحتلة رغم (تباشير) الإنهزام والتخبط في صفوف المليشيات كل يوم . أما نتائجها فهي الشكوك التي نتحفّظ عنها، وهي أن تؤول إلى تسوية سياسية بمبادرة خليجية (ثانية) توقف الإحتقان الدموي في الساحة اليمنية، وتنتهي بتصالح سلمي للأطراف المتصارعة وتثبيت الشرعية بالإعتراف، ويجنّب بصددها المليشيات المتطرفة قرارات المعاقبة الدولية التي داستها المليشيات أكثر من مرة، وربما يضعها الأشقاء الخليجيّون رفقة مجلس الأمن بكل ذل وإهانة على (جباه) الحوثيون الذين أذاقوهم وبالا أمرهم، واستنزفوا قواتهم ، وهددوا مصالحهم ، حتى وكأن المثل الشعبي يستطرد الموقف الخليجي ويتحدث بلغته الدارجة الداهجة قائلاً :"سّك القبيلي يعرفك" !.