السؤال المنسي في اللاوعي الجنوبي خوفاً من الواقع وهروباً إلى حين يفصح عن نفسه قريباً على قيادات الحراك الجنوبي ومقاومتنا الجنوبية وعلينا جميعاً وقد لا نجد له جواباً ونعود إلى نقطة البداية وتتكرر الحكاية, إن ذلك السؤال المدوّي الذي يفرض نفسه على جميع الجنوبيين الشرفاء والذي بعد كل حدث إلى الذهن يتبادر ومهما تهربنا منه نجده بالضرورة يتكرر , أن كانت هناك جدية ونريد الجنوب يتحرر لكانت الألسنة عن الإجابات غير عاجزة , بل لكانت جاهزة والخطط والرؤى ناجزة والخطوط العريضة بارزة , إن ذلك السؤال يتلخص ويتمحور في : أين الجنوب وما هو وضعه إن انتهت الحرب بصفقة تسوية سياسية أو حتى بحسم عسكري ؟ أو ما هو مصير الجنوب بعد انتهاء الحرب ؟ وماذا نحن فاعلون حينئذ ؟ لكل حرب نهاية وقد تكون نهاية الحرب مفاجئة وفي الحرب الدائرة في اليمن كل الاحتمالات واردة وخاصة بعد أن ضعفت قوات الحوثي والمخلوع صالح فقد تتسارع النهايات وتعقد الصفقات , تعقبها عملية سياسية تبدأ بحوار جديد برعاية خليجية ودولية ولاستفتاء على دستور جديد والإعداد للانتخابات وهنا يبرز سؤال : ماذا نحن فاعلون لجعل قضيتنا قضية محورية وليس هامشية في أي حوار سياسي قادم ؟ أم إن الأمر لا يعنينا مجدداً , حتى لا تتكرر طريقة التعاطي معها كالسابق حيث تم اعتبار قضية الجنوب قضية مركزية في الحوار بالكلام كمهدئات وتكتيكات ليس إلا " حوار موفنبيك أنموذجا " , ثم يجيء بأشخاص لا يمثلون شعب الجنوب لذلك الحوار ومعروف إن كل طرف من قوى النفوذ الشمالية وأحزابها الشكلية استقطبت لها جنوبيين تحت مسمى حراك جنوبي ولا نستبعد أن يستقطبوا أناساً تحت مسمى مقاومة جنوبية أيضا . هل ستكون قضية الجنوب دائما هي الحلقة الأضعف في أية تسويات سياسية أو حلول أو حوار ؟ ولماذا ؟ لا شك إننا وقعنا في فخ لا يمكن الخروج منه ونحن بهذه العقليات وبهذه الأنانية المفرطة مختلفين على كل شيء ومازلنا بدون دولة !! تمزق حراكنا الجنوبي إلى مكونات كثيرة ولم نستطع نلملم صفوفنا ولم نتفق على أساسيات أو جبهة وطنية عريضة جامعة والطامة الكبرى برزت بعد تحرير عدن وبعض محافظات الجنوب فصائل عديدة في المقاومة الجنوبية وصل يبعضها إلى اعتبار إنها المقاومة والمقاومة هي وأصبح يُقال جماعة فلان وأبو فلان ولو حصرنا تلك المقاومات داخل عدن وحدها سنكون أمام عدد مهول ومنها المقاومة الحقيقية و منها المزيفة " مقاولة " همها مصالح ضيقة لا وطن وكل منها تتمسك بمكان وكل ما وقع تحت يدها تنظر إليه على أنه حق من حقوقها ، وهذا قدم ويقدم نموذجا سيئا عن الحال بعد التحرير , أصبح وضع الجنوب يتعقد يوميا والعدو ليس بالهين ولديه قدرة عجيبة على لملمة صفوفه ونسج تحالفاته وخبث ومكر ودهاء نحن بعيد عن مجاراته مما يجعلنا نبني مواقفنا على ردات الفعل وليس المبادرة بالفعل والتخطيط . معروف إن الملف اليمني بيد السعودية وبريطانيا , لكن الدور الأساسي للسعودية وما تراه السعودية من حلول للوضع اليمني فهل تم التواصل مع السعودية وبريطانيا وغيرها لطرح قضية الجنوب بقوة ؟ كيف لنا أن نلملم مكونات الحراك الجنوبي وفصائل المقاومة الجنوبية ونتفق على رؤية موحدة ووفد تفاوضي واحد ونكون جاهزين لأي حوار قد ُيعتبر غير المشارك فيه متمردا وتنطبق عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع اليمني ؟ . إن انتهت الحرب أو بدأت انتصارات تتحقق في محافظات الشمال ستسارع الأطراف الشمالية إلى الآتي : 1- المطالبة بتسليم سلاح المقاومة الجنوبية للشرعية " لن يهدأ لهم بال إلا أن كانت كل الأسلحة تحت سيطرتهم هم باسم الشرعية " 2- المطالبة باعتبار بعض فصائل الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية مليشيات خارجة عن الشرعية وعن القانون وقرارات مجلس الأمن أسوة بالحوثي 3- سيتم ربط فصائل المقاومة تلك بإيران وحزب الله 4- سيتم ربط فصائل المقاومة الجنوبية غير الطيعة بالإرهاب 5- سيعملون على تحريض التحالف ضد الحراك الجنوبي المتشدد حسب زعمهم والمقاومة الجنوبية غير الطيعة -6زيادة نشر الفوضى وإذكاء الفتنة بين الجنوبيين حتى يهيئون أنفسهم كمنقذ للجنوب -7 - الترويج الإعلامي للداخل والخارج بأن الجنوبيين غير جديرين بإدارة وحماية مناطقهم 8- البحث عن الأسباب والذرائع لإعادة انتشار وتموضع قوات موالية لهم في عدن والمناطق المحررة كالعند مثلا بفعل تأثير علي محسن الأحمر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس هيئة الأركان المقدشي 9- سيتم ربط الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية بجميع التوصيفات ومنها إنهم " بقايا المخلوع صالح والحوثيين " - 10 ستزيد الحملة الإعلامية على يافع والضالع وقبائل جنوبية أخرى كان لها دوراً بارزاً في تحقيق انتصارات المقاومة الجنوبية وكان دورها فاعلاً في الحراك الجنوبي 11- ستقدم محافظات الشمال نفسها كنموذج أفضل من عدن والجنوب وأنهم أصحاب دولة وليسوا مليشيات 12- ستعود الفتاوى على الجنوب التي نامت أثناء الحرب مع مليشيات الحوثي والمخلوع صالح . يا قيادات الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية ماذا أنتم فاعلون أن انتهت الحرب ؟ هل سيهرول البعض لأي حوار قادم بطريقة انفرادية وسيتسابق البعض للبحث عن مكان ؟ من يعتبر أن الوضع الناشئ بعد تحرير عدن من فوضى وفراغ أمني أتى بشكل عفوي فهو مخطئ فكل شيء مخطط له ، وللأسف الجنوبيين لم يكونوا عند مستوى التحدي . ما فائدة أي انتصار إن لم يتم استثماره سياسيا لتحقيق أهداف كبرى وما قيمة دماء الشهداء وآلام الجرحى وما تعرضوا له من معاملة سيئة وإهمال لا يطاق ومعاناة الناس وتشردهم أثناء الحرب ودمار بيوتهم ومدنهم وتعطل سبل حياتهم دون تحقيق مكاسب سياسية لصالح شعب الجنوب , حتى لا تكون الحرب التي خاضها الجنوبيون مجرد حرب بالوكالة كان مسرح عملياتها أرض الجنوب ووقودها الناس والحجارة لفائدة دول الخليج وبعض أطراف الصراع في الشمال . إن استمر الحال في الجنوب على ما هو أو زاد في التدهور فقد يتوغل اليأس والإحباط للناس وتصبح الأقاليم حلماً وينخفض السقف المرتفع وحينها ستكون الشرعية وقوى النفوذ الشمالية المؤيدة شكليا للشرعية قد نجحوا وتحقق كلام هادي في المكالمة المسربة بداية الحرب بأن المعارضين للحوار سيأتون مثل الدجاج . هل يعقل أن حركة مثل الحوثيين تفعل ما لا يفعله الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية حيث جلسوا مع السعودية وفرضوا أنفسهم ؟ أعتقد أن نتائج أي تسوية سياسية أو مخرجات حوار قادم ستكون ضمن قرار لمجلس الأمن ومن يخالفها سيعتبر معرقلا ويدخل في دائرة العقوبات كما حصل سابقا مع المخلوع صالح والحوثيين . المرحلة القادمة ملأى بالمفاجآت قد تجر معها اليمن والجنوب بوجه خاص إلى مستنقع العنف والإرهاب بشكل أكثر سوءا مما هو حاصل الآن .هل نحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات أم نكتفي بمراقبة الأوضاع ومتابعة الأخبار وانتظار المجهول ؟ تأخير تحرير مكيراس وأجزاء من شبوة وحضرموت والمهرة مرتبط بقرار سياسي حتى يتم ترتيب وضع الشمال خوفا من استقلال الجنوب , من يحدد تلك القرارات هل هو اللوبي الشمالي المحيط بهادي أم التحالف أم هادي وشرعيته المزعومة ؟! وهل لدى قيادات الجنوب علم بما يُعتمل ويخطط له لما بعد انتهاء الحرب ؟؟؟ نسمع باستمرار إن أي تسوية سياسية لحل الأزمة في اليمن ستكون وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن2216 والذي غابت عنه قضية الجنوب وقد يستمر تغييبها . يفترض إن يقوم ساسة الجنوب والمقاومة الجنوبية بإيصال رسالة شعب الجنوب إلى قيادات الشرعية بان يكفوا عن تنصيب أنفسهم أوصياء عن شعب الجنوب وإلى التحالف والى المجتمع الدولي بان أي حل لا تأخذ فيه قضية الجنوب حجمها الحقيقي والحل الذي يرتضيه شعب الجنوب فان شعب الجنوب لن يقبل أي التفاف على قضيته ولا يمكن القبول بأي عسكري أو مسؤول شمالي تحت أي مسمى بدخول الجنوب .بصراحة كنت أريد اختصار المقال بدون طول كلام وأكتفي فقط بالسؤال لاستصراخ ضمير وعقل كل جنوبي حر لتغيير واقع الحال والتحضير من الآن لتجنيب قضيتنا الجنوبية سوء المآل , فهل من مجيب على السؤال ؟