صحيح أن عفاش وعصابته يلعبون دوراً كبيراً لتعكير الوضع الأمني في عدن والمناطق المحررة الأخرى.. ويسعون إلى إقلاق السكينة العامة وزرع الرعب والخوف في نفوس الناس وخلق الفوضى في هذه المناطق، كهدف سياسي واستراتيجي للمركز المقدس في صنعاء تجاه الجنوب.. بتحريك الخلايا الإرهابية عبر أجهزتها الأمنية والمخابرات، التي تم زرعها في الجنوب على مدى أكثر من 25 عام وعملائها من إصلاحيين ومؤتمريين ومن يدور في فلكهم ولم يعد إلى رشده وصوابه حتى الآن!! والدليل على ذلك ما يحصل اليوم بالمنصورة.. يستغلون بؤس الشباب البسطاء وظروفهم المادية والمعيشية، إضافة إلى التعبئة الدينية الخاطئة من قبل رجال الدين وعلماء السياسة والدجل والتكفير الواردة إليهم من مركز الفساد والتجهيل، تحت غطاء ديني مزيف!!. المشكلة لم تقف عند هذا الحد فقط بل أن الجنوبيين وبالذات النخب السياسية يتحملون جزاً كبير من هذا الأنفلات الأمني بسبب الفراغ السياسي القاتل في الجنوب، والذي أفقد الناس الأمل وأوصلهم إلى درجة من اليأس والاحباط والتذمر.. نتيجة للمعاناة اليومية وسوء الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية والصحية والتعليمية..لخ دون أن يكون هناك موقف سياسي مشرف (أنساني وأخلاقي وديني) متضامناً وداعماً لأجهزة الدولة التنفيذية التي تم تعينها مؤخراً من رحم المقاومة الجنوبية وحراكه السلمي .. هناك موقف سلبي وخذلان كبير من قبل القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبي حتى الآن!!! (أن الأنانية تثير قدراً من الرعب; بحيث إننا اخترعنا السياسة لإخفائها، ولكنها تخترق كل النقب وتفضح نفسها لدى كل مصادف) أوثر شوبنهاور..
وبعد عودة الشرعية إلى الجنوب في عدن (معاشيق)، لم يحصل أي تغير ملموس على أرض الواقع؟؟؟.من تطبيع للحياة وإعادة للبناء والتصحيح والعمل، ليعم الأمن والأمان وتستقر الأوضاع بعد حرب طاحنة ومؤلمة عاشها الناس في عدن الباسلة وبقية المدن الأخرى، بل زادت الأمور سوء وتعقيداً أكثر مما هي عليه بالأمس.. حيث كنا نواجه عدو مباشر وحرب نظامية، واليوم نواجه حرب قذرة من نوع آخر تقودها عصابات مجرمة ومحترفة ترتكب يومياً جرائم مختلفة وبشعة بحق الإنسانية والشعب الجنوبي!! تستخدم بواسطة السيارات المفخخة والقناصة والمسدس كاتم الصوت، لتنفيذ عمليات القتل بحق الشرفاء والنشطاء والأبرياء باسم القاعدة والدواعش الدخيلة على مجتمعنا الجنوبي!!؟؟.
ونتحدث عن النصر ليل نهار وعدن وأهلها يعيشون وضع مأساوي مؤلم لم يعتادوا عليه من قبل! أصبح الناس مهددون روحياً ومعيشياً وصحياً ونفسياً!!..والبعض يقف متفرج وكأن أمراً لا يعنيه رغم حالة الغضب وعدم الارتياح لما يحصل من حوله!!..نتكلم عن تحرير العاصمة عدن وعودة الشرعية إليها، ومطار عدن الدولي مازال مغلقاً حتى الآن في الوقت الذي توجد مطارات أخرى مفتوحة وهى تقع تحت نيران المعركة وبعضها يقع تحت سيطرة القاعدة العفاشية كمطار صنعاء والريان، وقناة عدن التلفزيونية تدار من الرياض أيضاً، والدخل اليومي لمصفاة عدن والميناء وبترول المسيلة يورد إلى صنعاء ومن صنعاء تأتي المرتبات لعدن!!..لم نفهم بعد معنى الانتصار والهزيمة في حرب اليمن أنها نموذج جديد تستحق الوقوف والتأمل!! ستدرس فصولها في الأكاديميات العسكرية مستقبلاً!!
هناك استهداف واضح ومؤمرة كبيرة وخطيرة تحاك ضد الجنوب تشترك فيها قوى مختلفة، تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في عدن بشكل متعمد ولا تريد عودة الحياة والاستقرار فيها بالذات، لتشويه القضية الجنوبية.. ودول التحالف والشرعية تتحمل مسؤولية ذلك الانفلات الأمني لعدم جديتها في حسم هذا الملف وتقديم الدعم المادي واللوجستي للأجهزة التنفيذية، وقيادات المقاومة والحراك الجنوبي هي الأخرى تتحمل جزء من المسؤولية أيضاً، كونها لم تبادر في تقديم مشروع سياسي لإنقاذ الجنوب في هذه اللحظة التاريخية العصيبة، ولم تستطع حتى تشكيل مجلس وطني أو عسكري، أو مجالس محلية يتم اختيارها في كافة المناطق المحررة لتقوم بإدارة شؤونها الأمنية والعسكرية والمدنية، حتى لا يوجد هناك فراغ سياسي وأمني تستغله القوى الظلامية لخلط الأوراق كما نشاهده اليوم!!.
المطلوب عمل مجتمعي مشترك تقوم به القوى السياسية بقيادة الحراك الجنوبي ومقاومته البطلة ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب الأجهزة التنفيذية وبالتنسيق مع التحالف والشرعية لبسط الأمن وعودة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة وعلى وجه الخصوص العاصمة عد ن وذلك من خلال :
1- البدء في إعادة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية على أسس علمية ووطنية..
2- دمج المقاومة الجنوبية فوراً بأجهزة الأمن والجيش الوطني ودعمها بالعدة والعتاد..
3- حل ملف الجرحى وأسر الشهداء من دون تأخير أو مماطلة وهو من أهم الملفات..
4- عودة الخدمات الأساسية والاهتمام بها; كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم..لخ..
5- فتح مطار عدن الدولي أمام رحلات الطيران باعتباره واجهة مهمة للعاصمة المحررة عدن..
6- عودة قناة عدن التلفزيونية والبث من العاصمة عدن فوراً..
7- محاربة الإرهاب بكل أشكاله وألوانه والعمل على تجفيف منابعه..
8- رفض العنف والبلطجة والتعصب والمناطقية وفرض سلطة النظام والقانون..
ومن دون تحقيق ذلك لا يحق لنا أن نتحدث عن أي انتصار.. أنه الفشل والهزيمة بعينها!!