عملية تحرير مدينة المكلا ومدن الشريط الساحلي الأخرى من سيطرة الجماعات المسلحة ، القاعدة ، أهميتها ودلالاتها /لقد مثلت العملية الخاطفة الناجحة ضد الجماعات المسلحة التي احتلت مدينة المكلا ومدن الشريط الساحلي الأخرى ، منذ عام تقريبا ويطلق عليهم القاعدة ، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات ، أهمية كبيرة وحدثا مهما في سياق الحرب على الإرهاب ، مع أنه لديَّ قناعة تامة بأن هذه الجماعات بعيدة كل البعد عن فكر القاعدة الأم التي اسسها بن لاذن فتلك تحارب المصالح الغربية والأمريكية نتجية لعدائهم للعرب والمسلمين ودعمهم الصهاينة في فلسطين ،اما هذ الجماعات التي وجدت في أكثر من مكان في الساحة العربية التي تشهد صراعا على السلطة ، فهي تعمل لصالح الأنظمة واستخباراتها في الصراع الدائر على السلطة في الساحة العربية ، ومنها هذه الجماعة التي استولت على المناطق الساحلية والمكلا عاصمة المحافظة واسقطت المنطقة العسكرية الثانية بكامل عتادها ورجالاتها في غمضة عين دون مقاومة تذكر ، وهذا يذكرنا بسيناريو سقوط معسكرات الحرس الجمهوري والأمن المركزي في صنعاء بيد الحوثيين عشية انقلابهم على الشرعية ، بالإضافة الى سلوكيات هذه الجماعة وممارساتها خلال الفترة الماضية وإن اتخذ بعض منها طابعا دينيا لتخفي الشكوك حولها ، تؤكد بأنها جاءت لتقوم بدور معين خدمة للمتمردين وحربهم ضد الشرعية ، وهي تأمين تدفق المشتقات النفطية والسلاح المهرب اليهم عبر البحر من إيران وايصاله الى الجبهات ، كما إن هناك من تولى تأمين ذلك لهم عبر طريق البر الرابط بين عمان وبين مدن وقرى وادي حضرموت ، بغض النظر عن الاهداف التي جاءت من أجلها هذه الجماعة ، فإن هزيمتها بهذه السهولة والسرعة ، وهروب قياداتها يحمل دلالات هامة جدا يمكن لنا تلخيصها فيما يلي: -حضرموت ليست بيئة حاضنة للإرهاب ، فأهلها معروفون بالتسامح والإعتدال والوسطية ، فمعظم أفراد هذه المجموعة ، هم من خارج المحافظة ، وليس من أبنائها وهناك اعتقاد كبير بأن الكثير منهم ينتمون إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية ، شاهد عيان وهو صاحب سيارة شحن ينقل بضائع بين المكلاوعدن ، يروي حادثة حصلت له في نقطة العلم قبل تحرير عدن يطلبون منه حق الأفندم ، وعندما سقطت المكلا بيد هذه الجماعة ، النقطة العسكرية عند مدخل المكلا يطلبون منه حق الأمير ، وإذا هو يفاجأ أن الأفندم هو الأمير ، هذه الحادثة تناقلتها كثير من مواقع التواصل الإجتماعي . - اثبت شباب حضرموت أنهم قادرون على حماية محافظتهم من أي خطر يهدد أمنها واستقرارها ، وهذا يؤكد ضرورة ملحة على أن يتولى الملف الأمني والعسكري أبناؤها بدرجة أساسية من اليوم وصاعدا ، فالأحداث التي حصلت وتحصل في المحافظة كالقتل والتقطع وانتشار المجاميع المسلحة المحسوبة على التنظيمات الإرهابية أو تلك التي تخدم اجندات سياسية معينة ، واقامتها المعسكرات في الجبال على مشهد من الجميع ، سببها الفراغ الأمني الذي تشهده المحافظة ، على الرغم من كثرة النقاط العسكرية المنتشرة بكثرة عند مداخل المدن . - حققت هذه العملية في وقت قياسي ماعجز النظام السابق والأمريكيون تحقيقه خلال سنوات من حربهم ضد الإرهاب رغم الضحايا الكثير التي أحدثتها ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار ، لغياب المصداقية والجدية في هذه الحرب ، فكان النظام السابق يستخدمها كوسيلة للابتزاز المالي من الغرب والأمريكان ، وكفزاعة لدول الجوار والمعارضين السياسيين - افشلت هذه العملية محاولات الإنقلابيين وجهودهم لاضفاء الشرعية لحربهم الأخيرة على الجنوب، بحجة محاربة الدواعش والتكفيريين وفضحتهم ، عندما طالبوا بوقف الحملة ضد هذه الجماعات ورفضوا التوقيع على البيان المؤيد لها في لقاء الكويت . - اثبتت هذه العملية بمالا يدع مجالاً للشك ، الارتباط الوثيق بين الإرهاب كنهج وفكر ، وبين الانظمة القمعية الإستبدادية في المنطقة العربية ، وقد ظهر ذلك واضحاً في تسخير هذه الجماعات نفسها لخدمة هذه الأنظمة ، واتضح ذلك جلياً في اليمن في علاقة هذه الجماعات بالنظام السابق ورموزه حتى اليوم بدأً بالصراع مع الحزب الإشتراكي خلال الفترة الإنتقالية حتى اليوم ، بماتسببه من عنف وقتل واغتيالات ، وقد زادت وتيرة هذه الأعمال بعدتحرير العديد من المناطق الجنوبية من سيطرة المتمردين - يضاف هذا الانتصار الهام الذي تحقق في حضرموت على هذه الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا لها ، الى مجمل الانتصارات التي تمت في الجنوب وتوجت بطرد الغزاة وفي باقي جبهات الحرب ، بفضل الدعم الكبير والامحدود لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات وغيرها من الدول المشاركة في هذا التحالف الذي اعاد للأمة ثقتها في نفسها ووضع حدا للعربة الإيرانية وتدخلاتها في الشأن العربي - ان فرحة النصر لن تكتمل إلا بتأمين مدن المحافظة من أي أعمال عنف ، قد تلجأ إليها هذه الجماعات ، ولايستبعد أن تكون هذه الجماعات قد تركت خلايا سرية تعمل في الخفاء لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة عبر اعمال العنف والتفجيرات والاغتيالات وغيرها ،لذا فإن الحفاظ على أمن المحافظة مسؤلية تقع على عاتق جميع أبنائها كبيرهم وصغيرهم ، وعلى مسؤولية الأجهزة الأمنية والعسكرية بصورة خاصة . - ارادوا من وجود هذ الجماعات الارهابية في حضرموت الى تشويه سمعة حضرموت وأهلها وتسويقها للأقليم والعالم بأنها صارت بؤرة للإرهاب والتطرف ، عكس ماكان يعرف عن حضرموت وأهلها من اعتدال وصدق وأمانة وسلمية وتسامح ووسطية ويسعدني جدا بكل فخر واعتزاز أن اتقدم بالشكر والتقدير والإحترام لكل الرجال الأبطال من أبناء حضرموت الساحل والداخل وللأبطال الأشقاء من أبناء المملكة العربية والأمارات وكل رجالات قوات التحالف الذين تحملوا بشجاعة واقتدار مهمة التحرير التي طال انتظارها طويلا ، و للشهداء الأبطال الجميع المغفرة والرحمة والجنة ، وأن يلهم أهاليهم الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون .