كثيرة هي الأعياد والمناسبات التي نحتفل بها وهي ليست لنا إلّا ذكريات مؤلمة، زخرفها أصحاب النفوذ والمصالح بمسميات جميلة، وأوهمونا بأحلام وآمال لم تبرح بطونهم، فسموها أعياداً فرددناها خلفهم كالببغاوات دون وعي. نحتفل في 22 مايو بذكرى نكبة الجنوب الذي أثبتت فيه قيادته حقيقة غبائها السياسي، فأُزيلت دولتهم من خارطة العالم، وكادت هوية الشعب الجنوبي وثقافته ان تطمس الى الأبد. وفي 26 سبتمبر نفرح ونبتهج بذكرى ثورة طالت فترة حَملها وشاخت قبل ان تنجب اياً من اهدافها، أو انه أُريد لها مؤقتاً ان تتظاهر ببلوغها الكبر لكي لا يُجهز عليها. وتتخذ القيادات الفاشلة من 14 أكتوبر فرصة مناسبة لتنسب فشلها الى الإستعمار البريطاني، فنصفق لقولهم ونلعن الإستعمار دون ان نلحظ اننا نتراجع الى الخلف في كل عام، ولم نتقدم قيد انملة منذو رحيله. لقد تمكنت الأقلية المتسلطة ان تقنع المجتمع بقدسية تلك المناسبات وحُرمة كشف حقيقتها أو محاولة الخروج عنها، حتّى ان من لم يكن له من غلّاتها نصيب وثقلت عليه مواجهتها، لجاء لماهو أكثر قداسة، فاتخذ من الدين الإسلامي وسيلة يمتطي بها ظهور الناس ليصل الى السلطة. وتبقى الأعياد الدينية هي المناسبة الوحيدة التي يفرح بها عامة المجتمع ويبتهج بقدومها، ولكنها لم تسلم من اذى أصحاب المصالح وتجار الحروب. فهاهو العيد الثالث الذي يمر على اليمنيين وهم يرزحون تحت وطئة الحرب التي لا مبرر لها إلا الطمع في الإستحواذ بالسلطة والتحكم في رقاب الناس. هكذا هي غرائب العصر وعجائبه عندما يعاني عشاق السلطة الجدد من أزمة الاعذار ولم يجدون من عذر لتصنيف الناس إلا ان يختلقون الخلافات السياسية بين الخلفاء الراشدين، رضوان الله عليهم، ثم ينصبون انفسهم حكاما بينهم. فلا عجب ان تصل شرور المؤذين الى كل مكان ولا غرابة ان يحاسب المرء حسب تسلسل جيناته الوراثية وان يدفع ثمن تصرفات جده الرابع عشر، فمن تعذر عليه معرفة تاريخ أجداده فلا بأس ان يحدد موقفه إما مع علي أو مع أبو بكر. ولكننا سنبتهج وسنفرح رغم أنف تجار الحروب، وحق لنا ان نَفرح ونِفرِح من نستطيع إفراحه من حولنا بحلول عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا وعليكم وعلى كل من ينبذ الحرب وينشد السلام بالخير والمسرات، وكل عام والجميع بخير.