بالرغم من الإجماع على إن اتفاق الإطراف السياسية في اليمن تصرف ايجابي لأنه ينقل الإطراف من الصراع إلى الاتفاق ولكن يتخوف الكثير في اليمن من الشراكة السياسية في اليمن حيث تتمخض عادة عن محاصصة بين إطراف الشراكة السياسية وما ينتج عن ذلك من تفشي الفساد ومحاصصته مما يفقد المجتمع ثقته في إي شراكة سياسية بين الإطراف المتنافسة لان اتفاقهم معناه في مفهوم البعض تغييب الرقابة الرسمية وتعطيلها بمبرر الشراكة والتنسيق . وتاريخ اليمن القريب والبعيد زاخر بتجارب سلبية للشراكة السياسية في اليمن من انتشار وتفشي الفساد في جميع مرافق الدولة لتصور الإطراف السياسية إن المحاصصة في الوزارات والمؤسسات والهيئات معناه إفساح المجال لكل طرف في تحقيق مصالحه ومصالح منتسبيه على حساب المصلحة العامة والمصلحة الجمعية للوطن وتفشى الفساد بسبب محاولات تغييب الرقابة المجتمعية وما صاحب ذلك من ضعف في أداء الأجهزة الرقابية الرسمية وهيئة مكافحة الفساد وتم إيقاف وغل أيدي تلك الأجهزة من القيام بعملها بمبرر الشراكة السياسية والخوف من انفلات وتفكك تلك الشراكة وبهذا أصبح الفساد مصلحة وطنية يستلزم الحفاظ عليها وعدم المس بها وهذا خطأ كبير دفع الشعب اليمني الكثير من موارده وإمكانياته وبنيته التحتية .
وأصبحت الشراكة السياسية ثقب اسود يبتلع موارد الدولة وينتشر تحت جناحها الاختلالات المالية والإدارية في أجهزة الدولة ويكون بذلك انحرفت عن هدفها الأساسي وهو تلاحم الجهود الايجابية لبناء الوطن وإشراك الجميع في بنائها لتخريبها .
كان ومازال البديل الأفضل والمخرج الوحيد للحد من فساد الشراكة السياسية في اليمن هو تفعيل الرقابة المجتمعية وإتاحة المجال لها لتقوم بعملها في الرقابة على جميع الإطراف وفتح قنوات الاتصال والتنسيق المباشر بينها وبين أجهزة الرقابة الرسمية وهيئة مكافحة الفساد وأيضا مع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة لتفعيل دورها في مكافحة الفساد .
لجان الرقابة المجتمعية في اليمن ومنها اللجنة الرقابية العليا تعتبر خطوة متقدمة لمكافحة الفساد يستلزم الحفاظ عليها وتطويرها لتقوم بعملها وأيضا تجربة ايجابية للرقابة المجتمعية والذي لأتصارع أحد وإنما تكافح الفساد بالرأي والنصيحة والتنبيه وصولاً إلى نشر وقائع الفساد والفاسدين لردعهم ليتوقفوا عن فسادهم لأنهم أصبحوا تحت مجهر وميكرسكوب كبير أسمة الرقابة المجتمعية الذي لا يستطيع احد إيقافها بجرة قلم أو تدجينها لان أنشأت من رحم المجتمع وليست في حضن الدولة وان كانت رافد هام للأجهزة الرقابية الرسمية وأهميتها ترتفع عند حصول الشراكة السياسية بين الإطراف لأنه بذلك يتم تحييد وإيقاف دور الرقابة السياسية المفترض إن تقوم بها المعارضة السياسية لاختفاء المعارضة بانتقال الجميع إلى صف واحد حاكم .
والذي من المفترض إن الشراكة السياسية هي بوابة للتوافق والاتفاق ضد الفساد وتعزيز النزاهة وبناء الوطن والشروع في إعادة الثقة بين المجتمع وبين القيادة السياسية ولكن تغييب الرقابة وتعطيلها يؤدي إلى تفشي واستقوا الفساد وانفلات الثقة بين القيادة السياسية والمجتمع والحل الوحيد هو تعزيز رقابة المجتمع بشكل عام وفي أوقات الشراكة السياسية بشكل خاص .
لأن الرقابة المجتمعية هي صمام أمان تلك الثقة وهي أيضا أداة جيدة لإعادة التحام الشعب بالقيادة بتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة باعتبارها أيضا أداة تواصل مباشر بين الشعب والقيادة بنشر وقائع الفساد في وسائل الإعلام وبما يؤدي إلى التشهير بالفاسدين باعتباره سلاح فتاك ورادع ضد الفساد وبما يؤدي إلى نشر وتعزيز ثقافة مكافحة الفساد لأنها نابعة من المجتمع وللمجتمع .
كنا نتمنى من الجميع في وطني الحبيب اليمن السعيد الاستفادة من التجربة الايجابية للجنة الرقابية العليا واستلهام فكرة الرقابة المجتمعية ونشرها على نطاق واسع لتكون محل تنافس ايجابي لتعزيز الثقة بين القيادة والشعب والذي يؤثر الفساد سلبيا في تلك العلاقة ويقطع أوصالها .
ليعرف الجميع إن الوطن في مفترق طريق إما إن يكون مع الفساد أو ضدهم والمعيار لتوضيح ذلك هو مدى وقوفهم مع الفساد والدفاع عنه ام وقوفهم مع تعزيز دور الرقابة الرسمية والمجتمعية لمكافحته خاصة وان هناك من ارتفع صوته عاليا بإيقاف وإلغاء الرقابة المجتمعية على الفساد ونفترض إن يكون ذلك بحسن نية ولكن نوضح له وللجميع إن محاولة إيقاف الرقابة المجتمعية معناه انفلات الفساد من إي قيود والذي تعتبر الرقابة المجتمعية قيد كبير للفساد والفاسدين يستلزم استمرارها وتعزيزها لا إلغاؤها.
وفي الأخير: نؤكد للجميع إن الشراكة السياسية ليست بوابة للفساد والمحاصصة بل هي بوابة لمكافحته وتعزيز الشراكة الحقيقية المبنية على النزاهة والشفافية والذي يعتبر في مقدمة فرسانها لجان الرقابة المجتمعية التي تعزز من دور الرقابة الرسمية وتتكامل معها لتعزيز دورها لما تتميز به الرقابة المجتمعية من حرية وسرعه في التحرك دون قيود رسمية ونؤكد بأن فساد الشراكة السياسية في اليمن بحاجة الى رقابة المجتمع.