عرف فقهاء اللغة الرقابة بانها : تعني الاحتراز والمراعاة والتخطيط والاشراف والحفظ والحراسة فيقال راقب الشيء اي حرسه. واصطلاحاً: الرقابة : التاكد من تحقيق التحرز والمحافظة على الاموال العامة ورفع كفاية استخدامها واثبات الفعالية في النتائج المحققه عن طريق قياس الاداء الفعلي للادارة ومقارنه النتائج بالاهداف والتاكد من تطبيق القوانين واللوائح وعدم مخالفتها وايضاً تقييم صلاحية تلك القوانين واللوائح والنظر في اعادة تعديلها بالطريقة التي رسمها القانون. وأهمية عمل الأجهزة الرقابية تعود الى انها ايضاً تختص بكشف اسباب غياب الاستراتيجيات والخطط والقوانين واللوائح والقرارات الموجهه للاداء اما بسبب عدم تفعيلها او لوجود اختلالات فيها يستوجب اعادة النظر فيها وتعديلها وبتطور الدولة واتساع مجال عملها استوجب انشاء اجهزة رقابة تتمحور في نوعين : 1- النوع الأول : الرقابة الداخلية عن طريق ادارات واقسام الرقابة والتفتيش داخل المؤسسات الحكومية وغيرها من منظومات الرقابة الداخلية من اداراة المراجعات الادارة والمالية وغيرها. 2- النوع الثاني : الرقابة الخارجية : عن طريق اجهزة مستقلة عن المؤسسات الحكومية نفسها ومنها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ووحدة الرقابة المالية ووزارة المالية ونيابات ومحاكم الاموال العامة ومجلس النواب . بالاضافة الى الرقابة المجتمعية عن طريق منظمات المجتمع المدني والنقابات المستقلة عن الحكومة . لذلك تعتبر الأجهزة الرقابية منظومة هامة لانها تقوم بالرقابة على عمل جميع مؤسسات الدولة لتقييم وتقويم عملها ومكافحة الفساد وبمايؤدي الى الحفاظ على المال العام فاذا كانت الأموال الخاصة يحميها من يملكها فأموال الدولة – المال العام – هناك أجهزة متخصصة في حماية المال العام من اي فساد وهي الأجهزة الرقابية . ويعتبرالفساد من أهم المخاطر المهدده لاستمرار وبقاء الدولة وبالرغم من تعدد الأجهزة الرقابية في اليمن في جميع مستوياتها وفي جميع السلطات الثلاث ( التشريعية – التنفيذية – القضائية ) الا انها في حالة من التكلس غير المبرر ة حتى أن ثقة المجتمع فيها بدأت في الانخفاض وبشكل كبير بسبب التباطوء الكبير في التجاوب مع بلاغات الفساد الذي يقوم برفعها المواطنين والجهات واجهزة الرقابة المجتمعية الى حد ان البعض يفسر ذلك انه تواطيء . ولايخفى على الجميع مايعانيه وطني الحبيب اليمن السعيد من ويلات الحرب وايضاً من فساد لايرحم بسبب عدم تفعيل الاجهزة الرقابية ومكافحة الفساد . والذي يستوجب وقفة صادقة تجاهها اما بتفعيلها لتقوم بمهامها المنوطة بها بارادة وكفاء ه او يتم تغييرها. وهنا لانقصد بتغيير الأجهزة الرقابية تغيير قيادات تلك الأجهزة فقط بل أيضاً تغيير منظومة عمل الأجهزة الرقابية لأنه بالرغم من بعض التغيرات الطفيفة في القائمين على الاجهزة الرقابية ولكن لم يكن لها نتائج ايجابية بسبب ان منظومة عمل تلك الأجهزة تعاني ايضاً من اختلالات جسيمة يستوجب اعادة النظر فيها وتصحيحها لتحقق أهداف انشاءها فالمنظومة التشريعية لمكافحة الفساد بحاجة الى اجراءات سريعة من اجل تطوير الاجهزة الرقابية ورفع مستوى ادائها واصلاحات عميقة ومؤسسية وكذلك اللوائح والهياكل التنظيمية والمهام والاختصاصات وايضاً هناك ضرورة لدراسة وتقييم عمل جميع الاجهزة الرقابية من جميع النواحي والشروع في إصلاح الاختلالات وإزالة المعوقات التي تعترض عملها دون استثناء بالإضافة الى التأكيد على وجوب فتح جميع مؤسسات وأجهزة الدولة بدون استثناء لتقوم تلك الأجهزة الرقابية بعملها الرقابي بمراحله الثلاث: 1- الرقابة السابقة( الوقائية ) 2- الرقابة المصاحبة ( أثناء التنفيذ) 3- الرقابة اللاحقة ( بعد التنفيذ) ويتساءل الجميع لماذا التخوف من فتح جميع المؤسسات الحكومية أبوابها أمام الأجهزة الرقابية ؟ هناك جواب وحيد فقط وهو بسبب التخوف من اكتشاف وقائع الفساد فإذا كانت تلك المؤسسات غير متوغلة في الفساد فليس هناك خوف من الرقابة عليها والتفتيش والتدقيق في إجراءاتها لمعرفة مدى الالتزام بالقوانين واللوائح. ولا يمكن أن تقوم الأجهزة الرقابية بعملها بكفاءة وجودة إلا بتفعيل منظومة الرقابة في جميع مؤسسات الدولة ممثلة في إدارات الرقابة والتفتيش وإدارات وأقسام المراجعة الداخلية والشؤون القانونية وجميع الإدارات والأقسام التي تقوم بدور رقابي وبتفعيل تلك الإدارات ستكون للأجهزة الرقابية عيون في جميع أجهزة الدولة ترفع بالمخالفات ووقائع الفساد قبل التنفيذ لوقف تنفيذها وأثناء التنفيذ لوقف استمرارها ووقفها وبعد التنفيذ لمحاسبة مرتكبيها واسترداد الأموال العامة . بالإضافة الى أهمية تفعيل الرقابة المجتمعية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني والنقابات ولن يتحقق ذلك ما لم يعاد النظر في كامل منظومة الرقابة وجميع مراحلها الإدارية والتشريعية والقضائية والمجتمعية لتقوم بعملها وتحقق نتائجها بسرعة وكفاءة وإيقاف العبث في قضايا الفساد فكل جهاز يتنصل من مسؤوليته ويقذف بالفساد في ملعب الآخرين وأصبحت قضايا الفساد مثل كرة الطائرة يقذف بها كل طرف نحو الطرف الآخر لتحقيق أهدافه . بالإضافة الى تأخير إجراءات البت في قضايا الفساد المنظورة لدى الأجهزة الرقابية الإدارية والقضائية وقد تستمر قضايا الفساد سنوات طويلة دون البت فيها بالرغم من إقرار القانون بأنها قضايا الفساد مستعجلة يستوجب البت فيها خلال أيام بسيطة او شهور ان تم تفعيل منظومة مكافحة الفساد بشكل حقيقي وواقعي. وبالإمكان معالجة ذلك عن طريق تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي توافق الجميع عليها فيما يخص الاجهزة الرقابية الموزعة في جميع مخرجات فرق عمل الحوار بشكل عام وفيما يخص فريق عمل استقلالية الهيئات ذات الخصوصية بشكل خاص الذي كان للأجهزة الرقابية نصيب كبير من مخرجات ذلك الفريق وأهمها ما نصت على: (إعادة النظر في منظومة التشريعات الرقابية وإزالة أي تعارض فيما بينها وعلى وجه الخصوص قوانين كل من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والنيابة العامة وكذلك بقية التشريعات ذات العلاقة. ينظم القانون التكامل والتنسيق في أعمال الأجهزة الرقابية بما يعزز من قوة الأنظمة المالية والرقابية وعلى وجه الخصوص ما بين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ونيابات ومحاكم الاموال العامة . بالإضافة الى نصوص متعددة لمخرجات معظم فرق عمل الحوار الوطني والذي ركزت على أهمية مكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والمسائلة للجميع دون استثناء وإلغاء جميع الحصانات في قضايا الفساد وتفعيل وتطوير أداء أجهزة الرقابة. وقد يتساءل البعض في وطني الحبيب اليمن السعيد عن مدى أولوية تفعيل أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد في هذا الوقت الذي يمر به وطننا فنقول له بصراحة وصدق ان مكافحة الفساد هامة جداً خلال جميع الازمنه والفترات بشكل عام حيث تحتل أولوية قصوى في هذا الوقت العصيب الذي يمر به وطننا الحبيب في ضل محدودية الموارد وارتفاع مستوى الاحتياج والذي يستلزم ترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الشفافية وان كانت هناك مبررات حتمية لنفقات ضرورية وهامة يستوجب تحديدها وتحديد معايير عامه لها لتحديدها وان يتم تعزيز الشفافية والرقابة عليها للتحقق من حقيقة تصريفها لتحقيق الهدف المنشود لا ان تكون غامضة فتذهب معظم تلك المبالغ في جيوب الفاسدين والقليل فقط يذهب للنفقات الضرورية الحتمية . وفي الأخير : آمل من الجميع في وطني الحبيب اليمن السعيد سرعة التجاوب لدعوات تفعيل أجهزة الرقابة لمكافحة الفساد تنفيذاً لمخرجات الحوار الوطني الذي شارك الجميع في صناعتها وإخراجها الى حيز الوجود ولن يتم ذلك دون تقييم سريع وجاد لأداء منظومة الأجهزة الرقابية وبذل الجهد لتفعيل أداؤها والذي لايستلزم كل تلك الاجراءات اكثر من شهرين من العمل الجاد بفريق عمل متخصص ومحترف وبشرط توافر الارادة السياسية لتنفيذ ذلك وبما يؤدي الى إعادة النظر في منظومة عمل الاجهزة الرقابية الذي تعتبر أهم معيقات عملها ويستوجب تغييرها لتفعيلها. *عضو الهيئة الاستشارية ل وزارة حقوق الإنسان + النيابة العامة [email protected]