يخشى الجميع ان تتحطم امالهم في اعادة اعمار اليمن وتحقيق السلام المستدام بسبب صخرة سوداء كبيرة ستعيقها تلك الصخرة الصماء هي الفساد. نعم الفساد وباء وسرطان يأكل الوطن ويبتلع التنمية ويذهب بجميع الامكانيات الى مكان اخر هو جيوب وخزائن شلة من الفاسدين يعيثون في الارض فساد ويقومون بابتزاز الجميع وفي مقدمتها الوطن لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الوطن فيضيع الوطن ويضيع الجميع بما فيهم شلة الفساد لانهم مهما كانوا سيئين هم جزء من وطن يضيع وينهار بسبب فسادهم . لن يتحقق اعادة اعمار اليمن دون اتخاذ الاجراءات اللازمة لمكافحة الفساد وتعزيز مبادئ النزاهة والشفافية لكي لا تنحرف جهود اعمار اليمن ولكي لا يتم استغلال اموال الاعمار لتحقيق مصالح شخصية . يتحاور الاطراف اليمنية حالياً في الكويت و يتم تشكيل لجان وتفاهمات في جميع القضايا الاساسية ولكن؟ يغيب اهتمام الجميع عن اهم القضايا الوطنية وهو قضية الفساد ومكافحته بالرغم من ايمان الجميع بان الفساد غول كبير وثقوب سوداء تلتهم موارد وامكانيات الوطن وتلتهم كل شيء وفي مقدمتها الامل . هناك فرصة كبيرة على طاولة مفاوضات الكويت بطرح موضوع مكافحة الفساد بقوة وجدية والتوافق على اليات واضحة وشفافة لمكافحة الفساد وان لا يتم الغاء اي اجهزة او لجان شعبية لمكافحة الفساد بل نامل ان يتم تعزيز دورها وافساح المجال واسعاً للأجهزة الرقابية الرسمية والمجتمعية للتنافس الايجابي لمكافحة الفساد . مؤخراً علمنا ان هناك اشارات سلبية حول التوافق على الغاء لجان الرقابة المجتمعية وفي مقدمتها اللجنة الرقابية العليا ان كانت تلك الاشارات صحيحة فهي كارثة بمعنى الكلمة وتواطؤ مع الفساد لا يوجد احد مستفيد من الغاء لجان الرقابة المجتمعية سوى الفساد كنا نأمل ان يتم نقاش تطوير جهودها والاستفادة من تلك التجربة الايجابية لا ان يتم اغلاقها . ان لم يتم التجاوب مع امال الشعب اليمني في مكافحة الفساد نخشى ان يفقد الشعب ثقته في الاطراف المتفاوضة وان يتم ادخالهم في القائمة السوداء باعتبارهم متواطئين مع الفساد واستفحاله لا يوجد مبرر اخر لتخاذل الاطراف المتفاوضة في التوافق على تفعيل جهود مكافحة الفساد بدلا من الانشغال في التوافق على اغلاق اجهزة ولجان الرقابة الشعبية . نصرخ الان قبل فوات الاوان وبصوت عالي ان يتم من الان سرعة اعادة ترميم الاجهزة الرقابية واجهزة مكافحة الفساد وتفعيل دورها الحقيقي في مكافحة الفساد وتعزيز مبادئ النزاهة والشفافية . الفساد في اليمن اصبح منظومة تنخرط فيه قوى رسمية ومجتمعية ولمكافحته يستلزم ان يكون بمنظومة متكاملة صحيحة وفاعلة . وهنا نؤكد انه لن يتم مكافحة الفساد مالم يتم اعادة النظر في منظومة مكافحة الفساد وتصحيح اختلالاتها وبذل الجهود لتنسيق جهودها وفق منظومة متكاملة والتي تتكون من التالي : 1- الاجهزة الرقابية الرسمية : تعتبر اجهزة الرقابة الرسمية هي الجهة المنوط بها بشكل رسمي مكافحة الفساد وتعزيز مبادئ النزاهة ومن المفترض انهم في مقدمة وراس حربة منظومة مكافحة الفساد ونقصد بالأجهزة الرقابية الرسمية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات والوحدة المعلومات المالية ومباحث الاموال العامة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وجميع الاجهزة الادارية ذات الصلة بمكافحة الفساد . والتي تمتلك صلاحيات ومهام قانونية كبيرة والذي يستلزم تفعيلها بشكل كامل وازالة جميع العوائق 2- الاجهزة القضائية: تعتبر المرحلة القضائية ممثلة بمحاكم ونيابات الاموال العامة لمكافحة الفساد مرحلة هامة لمكافحة الفساد وتحقيق ثمرته وهو ايقاف الفساد والمفسدين وردعهم واسترداد الاموال العامة وفقاً لإجراءات قضائية عادلة وبإجراءات سريعة باعتبار قضايا الفساد من القضايا المستعجلة وفقاً للقانون . 3- الرقابة المجتمعية والاعلام تعتبر الرقابة المجتمعية ممثلة في منظمات المجتمع المدني والنقابات ولجان الرقابة الشعبية ووسائل الاعلام تعتبر من اهم مكونات منظومة مكافحة الفساد بالرغم من اهمية اجهزة الرقابة الرسمية والقضائية ولكن الرقابة المجتمعية لا تقل اهمية عن تلك الاجهزة لأنها مرتبطة بالمجتمع وتؤسس لتحقيق ثقافة مجتمعية مكافحة للفساد لأنه لن يتحقق مكافحة الفساد مالم تكون رغبة شعبية مجتمعية وليست فقط رسمية وهذا ما تقوم به الرقابة المجتمعية والاعلام ستحقق ذلك وايضاً ستبذل جهود لتفعيل دور جميع اجهزة مكافحة الفساد باعتباره مطلب شعبي . وفي الأخير : نرفع بلاغ عاجل الى الاطراف المتفاوضة في الكويت بأهمية منح مكافحة الفساد اولوية في محاور مفاوضات وتفاهمات الكويت لان الفساد عائق والعدو الاول لتحقيق السلام المستدام واعادة اعمار اليمن .
